اللواء: الهيئات الإقتصادية في بعبدا اليوم ···وطروحات نحاس تعطّل لجنة المؤشر

السؤال الذي تلهج به الألسن عشية الدعوة الى الاضراب من الاتحاد العمالي العام؟ هل ينجح الجهد الرئاسي الذي يشكل الرئيس نجيب ميقاتي، حلقة الوصل والربط فيه، بعد ان انضم اليه الرئيس ميشال سليمان باشتراك مباشر من الرئيس نبيه بري، في تجنب كأس الاضراب الذي يحرص رئيس الحكومة على ابعاده عن حكومته، لئلا يتحول الشارع الى محطة مفتوحة بالضغوطات في ظروف بالغة التعقيد تعصف بلبنان وببلدان المنطقة؟
المعلومات المتجمعة تفيد ان الاتصالات التي انضم اليها بعيداً عن الاضواء حزب الله والتيار الوطني الحر لم تكن قد اسفرت بعد عن انضاج اي تصور مقبول من قبل العمال والهيئات الاقتصادية نظراً للتباعد في الارقام بين الاطراف وبروز ازمة داخل لجنة المؤشر، بعد مقاطعة الاتحاد العمالي تمثلت بالسجال الذي خرج الى العلن بين وزير العمل رئيس لجنة المؤشر شربل نحاس ورئيس غرفة تجارة وصناعة بيروت محمد شقير·

وأكد مصدر نقابي مطلع لـ<اللواء> ليل امس ان الامور عادت الى ما دون نقطة الصفر، وان المناقشة التي جرت في بعبدا بين رئيسي الجمهورية والحكومة انتهت الى اتفاق، على ان يلتقي الرئيس سليمان الهيئات الاقتصادية اليوم، في محاولة لحلحلة موقف الهيئات الذي يحصر الزيادة بـ80 الف ليرة او 16 في المئة·

وتخوفت مصادر سياسية من تسييس الحركة المطلبية معربة عن شكها بإمكان التوصل الى صيغة حل تمنع حصول الاضراب·

وكشفت هذه المصادر ان المعالجة لم تعد رقمية – اقتصادية، بل اصبحت سياسية، معتبرة ان ثمة جهات تضغط من اجل حصول اضراب في 12 الشهر الحالي، والذي من المفترض ان يسبقه اجتماع ثان بين الرئيس ميقاتي وقيادة الاتحاد العمالي·

وسيرأس الرئيس ميقاتي قبل ظهر اليوم في السراي اجتماعاً للجنة الوزارية لبحث الشؤون الحياتية، يفترض ان تتناول في جانب منها مسألة تصحيح الاجور في ضوء الافكار التي تم تداولها مع الهيئات الاقتصادية السبت، وكذلك مع الرئيسين سليمان وبري والذي يبدو انه أخذ على عاتقه كذلك اجراء اتصالات مع قيادة الاتحاد العمالي، استناداً الى معلومات تقول ان قيادة الاتحاد ليست كلها على خط واحد من موضوع الاضراب، اذ ان بعض اطرافها تتساءل في كواليس الاتحاد عن الخطوة التي يفترض ان تلي تنفيذ الاضراب، هل نستمر فيه ام نعود الى الاستمرار في المطالب حتى تحقيقها، طالما ان هذه المطالب محقة، وان الجميع يسلم بها نظراً الى ضغط الاعباء المعيشية على المواطنين·

وأكد المصادر ان افق الاتصالات الجارية بين اطراف الانتاج الثلاثة، لا يزال حتى الساعة غير واضح المعالم، بسبب دخول الاتصالات في اطار المراوحة القاتلة، حيث لا شيء ملموس بعد، لا سيما على صعيد الارقام، حيث يتمسك كل من الاتحاد والهيئات الاتقاصدية بوجهة نظره، في حين ان الدولة، بشخص الرؤساء الثلاثة يميلون الى اعطاء زيادة على الاجور، إلا ان هذه الزيادة يجب ان تأخذ بالاعتبار اموراً عديدة، اهمها البطالة والتضخم الذي يمكن ان ينتج عن الزيادة، وكذلك وضع الخزينة، بحسب ما اعلن الرئيس ميقاتي، الذي يرى ان كل هذه الامور يجب ان تؤخذ بالاعتبار ليكون مردودها جيداً على العمال من دون ان تؤثر على القطاعات الاقتصادية الاخرى·

ومن جهته، اوضح وزير العمل شربل نحاس، الذي يعتبر ان وزارته هي المسؤولة عن وضع تصور لتصحيح الاجور، ان المسألة ليست في الاضراب، وانما في الازمة المعيشية التي يعيشها اللبنانيون، مشيراً الى ان الطرح الذي قدمه في اجتماع لجنة المؤشر يتضمن نقاطاً عدة من شأنها رفع الأجور بكاملها مع سقف غير محدد بالحد الأدنى، ومن هذه النقاط، ضم الملحقات التي أتت تحت تسميات تعويضات الانتقال وتعويضات التعليم التي وضعت في العام 1995 خلال سنة واحدة وجددت لسنة واحدة إضافية تبين فيما بعد انها أجر مقنع، حيث لا يترتب عليها تعويضات نهاية خدمة· فكانت أوّل خطوة إلغاء هذه التعويضات وضم مبالغها إلى الأجور ما يعني أن الحد الأدنى يزيد 250 الف ليرة وبالحد الأقصى للاجر يزاد عليه 250 ألف ليرة، ولكن ليس بالنسبة وإنما بالمطلق، كما تضاف زيادة 250 ألف ليرة زيادة 20% مع حدّ أقصى للزيادة مليون ونصف ليرة، والخطوة الثالثة بعدما يتم اتخاذ قرار سياسي حاسم بتطبيق نظام صحي شامل لكل اللبنانيين المقيمين والذي سيمول من ضرائب على المداخيل الريعية كمداخيل تجار الاراضي والسندات والودائع، فتشطب الاشتراكات على صناديق المرض والأمومة، وتضاف إليها زيادة ثالثة على الاجور· في محصلة الامر يزيد الأجر الفعلي الى 31% وهي تتناقص تدريجاً بالاجور المرتفعة جداً· هناك تدرج في الزيادات تتراوح فيها الزيادة بين 20% و30%·

 تمويل المحكمة

اما في موضوع تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والذي يبدو انه متجه نحو المزيد من التفاعل، على رغم سحبه من التداول الإعلامي، فقد أكدت مصادر حكومية مطلعة انه قيد البحث الهادئ، وانه محور اتصالات تتم بعيداً عن الضوء، خصوصاً بعدما تبلغت الحكومة رسمياً من الأمم المتحدة كتاباً في هذا الصدد، عبر وزارة الخارجية، مشيرة إلى أن الفترة الزمنية التي تفرض أن يخرج هذا البحث إلى العلن لا يزال بعيداً، سواء في مجلس الوزراء أو في مجلس النواب·

وقالت هذه المصادر، انه إذا كان وزراء <حزب الله> وميشال عون يصرون على أن مناقشة بند التمويل أثناء مناقشة مشروع موازنة العام 2012، فان الرئيس ميقاتي الذي يتجه للقاء الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله لحسم هذا الموضوع ومعه وزير المال محمّد الصفدي، وبدعم من وزراء النائب وليد جنبلاط يصرّون في المقابل على أن تترك مناقشة هذا البند إلى المجلس النيابي، بمعنى أن اي تعديل يجب أن يكون من صلاحية مجلس النواب، وان يخرج مشروع الموازنة من الحكومة كما وضعه الوزير الصفدي، من دون تعديلات جوهرية كبيرة، بمعنى ان الحكومة يجب ان تتضامن جميعها حول مشروع الموازنة من اجل الدفاع عنها امام المجلس الذي له الحق والصلاحية الكاملة في حذف او إضافة اي بند يريده·

وفي المقابل، فان وزير العدل شكيب قرطباوي بدا متهيباً من إحالة كتاب تمويل المحكمة إلى وزارته، على اعتبار انه الجهة الصالحة لتقرير الموقف، وقالت أوساط مطلعة انه اذا كان هناك اتجاه للتمويل حسب مرسوم سلفة خزينة، فإنه يفضل ان يتم ذلك في غيابه عن لبنان في الشهر المقبل، حيث بالامكان ان وقع المرسوم بدلا منه وزير العدل بالوكالة وزير الاعلام وليد الداعوق، حتى لا يتحمل هو تبعة مثل هذه الخطوة، انسجاما مع موقف التكتل الذي ينتمي اليه·

الحكومة أولاً

وبحسب تقديرات لمصادر في الاكثرية، فإن اطرافها تكاد تجمع على ثابتة واحدة وهي عدم التفريط بالحكومة والحفاظ على النهج السياسي الوسطي الذي ارساه الرئيس ميقاتي في المحافل الدولية وفي علاقاته مع الافرقاء اللبنانيين موالاة ومعارضة·

ولفتت هذه المصادر الى ان مواقف ميقاتي الاخيرة، لولا سيما التزامه صراحة بتمويل المحكمة هي حقيقة تعلمها قوى الاكثرية منذ تسميته بتشكيل حكومتها، مشيرة الى انه مهما كانت مآخذ حزب الله وعون على هذه المواقف فإنها لن تضيق الخناق عليه، وتتركه وحكومته يسقطان في الفخ الدولي المتعلق بالمحكمة وتمويلها، دون تجاهل الدور المفصلي والاساسي للرئيس بري لمقاربة هذا الملف من موقع الرجل الذي استطاع في احلك الظروف تدوير الزوايا وايجاد المخارج الملائمة لكافة المواضيع الخلافية·

ولاحظت المصادر نفسها ان رهان البعض على انسحاب النائب وليد جنبلاط من الاكثرية بما يؤدي الى فرطها غير دقيق، او غير صائب، لان علاقته بالاكثرية الحالية ما زالت جيدة، كما ان الاسباب التي دفعته للخروج من فريق 14 آذار ما زالت قائمة ولم تتغير·

وفي هذا السياق، لوحظ ان جنبلاط لم يعلن موقفا كان منتظرا منه اثناء الاحتفال بانتساب 40 شابا وشابة الى الحزب التقدمي الاشتراكي، بل قذف بالموعد الى الثلاثين من الشهر الحالي، واعدا <بكلام سياسي واضح عن الماضي والحاضر والمستقبل>، داعيا الى الحوار مع كل الاحزاب السيادية والانفتاح على كل التيارات دون تمييز·

الا أن مصادر مطلعة أخرى قالت ان جنبلاط كان سيعلن ربط بقاء وزرائه في الحكومة بتمويل المحكمة·

وعلى صعيد آخر، كشفت المصادر ان الاكثرية وضعت ملف المحكمة برمته، وليس فقط الشق المتعلق بالتمويل على نار قانونية حامية لجهة مراجعة هذا الملف من كافة جوانبه، ومحاولة استغلال الثغرات القانونية والدستورية التي تشوبه لتقديمها حجة لميقاتي وللمجتمع الدولي على حد سواء، وبهذا لا تكون الاكثرية قد احرجت ميقاتي بسبب التزاماته وتعهداته، بل اعطته البرهان القانوني عن اسباب رفضها التمويل ليواجه به المجتمع الدولي·

وتجزم هذه المصادر، وبما لا يقبل مجالا للشك بأن ملف المحكمة بكافة متفرعاته، لا يمكن ان يكون سببا لاستقالة الحكومة الميقاتية او لاسقاطها، كون مصير هذه الحكومة يتصل بملفات عديدة، وان استمرارها او رحيلها رهن بمقاربة سياسية تختلف عن تلك المتعلقة بأزمة المحكمة مع التأكيد بأن ميقاتي ليس رئيس حكومة عابرا، بل هناك اجماع عربي ودولي ولبناني على عدم التفريط <بالحالة الميقاتية> حتى ولو تغيرت الحكومة الحالية لاي سبب من الاسباب· 

السابق
المقاومة” و”الربيع”: إما الوحدة وإما الطلاق
التالي
الحياة: صدور القرار الاتهامي عن المحكمة يلزم الحكومة بزيادة مساهمتها في التمويل