صُدف··خيرٌ من ألف ميعاد!

يستمر النائب ميشال عون بهجومه على رئاسة مجلس الوزراء، حيث انتقل المتراس من خطة الكهرباء إلى تطهير الإدارات من الفاسدين، والتي صادف انتماؤهم جميعاً إلى الطائفة السنّية·· كما أنه تزامن، صُدفةً، مشاركة العماد عون للبطريرك الراعي التخوّف من السيطرة السنّية السلفية في سوريا في حال سقط النظام الحالي·· مع الإصرار أن لا استهداف للطائفة السنّية!

من هنا، تكبر هواجس الطائفة السنّية تحديداً حول نوايا هذا الهجوم والنهايات المرجوة له، فهل المطلوب تقويض الطائفة التي أطلقت شرارة ثورة الأرز؟ أم أن الكيدية السياسية تحاول أن تُحقّق ما عجز السلاح عن تحقيقه؟

إن تحقيق الإصلاح عبر تطهير الإدارات من الفاسدين هو حلم كل لبناني دون استثناء، حتى تستقيم وتترسّخ دولة المؤسسات، وتكون الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل نحو لبنان، دولة عصرية وبلد نهائي لجميع أبنائه·· شرط ألا يكون الإصلاح والتطهير كما جرى في عهد الرئيس إميل لحود عندما كان مقياس الفساد مرتبطاً بالعلاقة بالرئيس الشهيد رفيق الحريري أو خطّه السياسي· وإذا كان لا بد من فتح ملفات الفساد في الدولة، فلتكن شاملة لمختلف الممارسات في شتى الدوائر·· بدءاً من الصناديق التي امتلأت ولم يعرف أحد كيف فرغت·· وصولاً الى المناقصات والإلتزامات التي لا تعرف للشفافية من معنى·· مروراً بالمحسوبيات والإنتماءات الحزبية والسياسية التي تصنع العجائب في الثروات والمراكز وتُغمض الأعين عن الإختلاسات والمخالفات·

إنه لمِنَ الظلم للطائفة التي لم تحمل سلاحاً خلال الحرب الأهلية، والتي بقيت مناطقها مشرّعة لكل أبناء الوطن، أن تُلصق بها تهمة حماية المتجاوزين والمخالفين·· فالأصح أنها لن تخضع للإبتزاز مرة أخرى أو للكيدية وهي مكتوفة الأيدي، بحجة الحفاظ على السلم الأهلي! فلا تُحفظ الأوطان إلا بخضوع جميع أبنائها، دون أدنى استثناء، لسلطة القانون وأحكام الدستور وهيبة الدولة بمختلف مؤسساتها المدنية والحكومية والعسكرية· وعندما تتحوّل هذه النظرية إلى واقع، تُصبح جميع التيارات ومختلف الأطياف موضع مساءلة صحيحة وعادلة، تعزّز موقع الدولة وتُبعد الشعور بالظلم الذي يمكن أن يُعمّق الإنقسام بل ويؤدي إلى الإقتتال!

وتبقى ضرورة حصر الخطاب السياسي ضمن المؤسسات والممارسات الدستورية، فإذا كان للنائب عون مأخذ على الرئيس نجيب ميقاتي، فمجلس النواب مشرّع أمام نوابه لخطوات قانونية، أو الانسحاب من مجلس الوزراء أجدى من الإسفاف بالكلام والانحدار بمستوى الخطاب السياسي وشحن الشارع الداعم والمعارض على حدٍّ سواء، من أجل طروحات، لا يمكن أن تكون صُدفة، فتسقط أمام مصلحة الوطن العليا ووحدة أبنائه!  

السابق
اللواء: سليمان يؤيّد هواجس الراعي أمام ساركوزي
التالي
الحياة: عن ميقاتي.. لبنان قادر على تجاوز المرحلة وندعم مطالب الشباب العربي… ولا نتدخل