الجمهورية: مجلس الوزراء غداً لتعيينات قد يلحق بها الأمن العام إجتماع متخصّص اليوم لتحديد الموقف النفطي

إتّخذت المعارضة منحى جديدا مع خروج الرئيس سعد الحريري عن صمته، متوعّدا بإسقاط الحكومة قبل موعد الانتخابات النيابية في العام 2013 (ص 3)، فيما اتّخذت الازمة الدّبلوماسية بين دمشق وكل من باريس وواشنطن مسارا تصاعديّا دفع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى التنصّل مُجدّدا من أي علاقة مع الرئيس السوري بشار الأسد، في الوقت الذي دان مجلس الأمن ما تعرضت له السفارتان الأميركية والفرنسية في دمشق (ص 14).

ومع عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ليل أمس من روما تنشط الحركة السياسية في اتّجاهات عدّة تحضيرا لجلسة العمل الدستورية الأولى لمجلس الوزراء غدا بعد نيل الحكومة الثقة، وسط رغبة لدى المعنيين في أن تكون منتجة في اتّجاه الانطلاق في معالجة كثير من الملفّات المتراكمة، ولا سيّما منها المتصلة بحياة اللبنانيين اليومية.

وفي الوقت الذي بدأ العدّ العكسي لانتهاء مهلة الثلاثين يوما لتنفيذ مذكّرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والتي بدأت لدى تسليم لبنان القرار الاتهامي في 30 حزيران الفائت، تتسارع الخطوات الإجرائية على خط المحكمة، وجديدها الإعلان عن فتح أبوابها لتلقّي طلبات المتضرّرين من جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، تمهيدا للمحاكمة.

الاختبار الأوّل

حكوميّا، وبعد عودة ميقاتي تتّجه الأنظار الى الجلسة الأولى لمجلس الوزراء التي تنعقد غدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال سليمان في القصر الجمهوري، لتشكّل أوّل اختبار للتضامن الوزاري، علما أنّه سيطرح فيها تعيين رئيس جديد لأركان الجيش اللبناني والتجديد لحاكم مصرف لبنان وتعيين مدير عام جديد لرئاسة الجمهورية، إضافة الى القرصنة الإسرائيلية لحدود لبنان البحرية وحقوقه النفطية.

وقبل 24 ساعة من هذه الجلسة توسّعت رقعة المواقف من عدد من القضايا المدرجة على جدول أعمالها ومنها، فضلا عن التعيينات المحسومة في حاكمية مصرف لبنان ورئاسة الأركان في الجيش اللبناني والمديرية العامة لرئاسة الجمهورية، ملف تعيين المدير العام للأمن العام المؤجّل الى جلسة لاحقة.

لكن مصادر وزارية قالت لـ"الجمهورية": إنّ هناك توجّها لإضافته الى الجدول للبتّ به وإيقاف الجدل حوله. وأضافت: "إنّ هناك متّسعا من الوقت حتى موعد انعقاد الجلسة ويجرى البحث في ملحق بجدول أعمالها المتضمّن 71 بندا فقط، يمكن ان يبتّ به اليوم لدى استئناف ميقاتي مهمّاته في السراي الحكومي الكبير".

وأوضحت هذه المصادر أنّ هذا الملحق سيتضمّن، إلى بند الأمن العام، بندا آخر يتّصل بملفّ تحديد المنطقة البحرية الاقتصادية المائية اللبنانية في ضوء القرار الإسرائيلي الآحادي الجانب الخاص بترسيم منطقتها الاقتصادية المائيّة.

إجتماع اقتصادي ـ نفطي

ولهذه الغاية سيرأس ميقاتي عند الرابعة بعد ظهر اليوم اجتماعا للوزراء المتخصّصين بالملفّ النفطي والاقتصادي وبعض الخبراء في قوانين البحار والجيولوجيا يخصّص للبحث في الإجراءآت التي يمكن لبنان أن يتّخذها لحماية مصالحه الاقتصادية والنفطية، ووقف تمادي إسرئيل في الاعتداء عليها، خصوصا وأنّ السلطات القبرصية أبلغت الى لبنان استعدادها لإعادة النظر في موقفها من الحدود المائية المشتركة إذا كان الأمر يلحق ضررا بالمصالح اللبنانية.

وعلم أنّ وزير الاقتصاد نقولا نحّاس يعكف على معاودة درس الملفّ النفطي الذي كان وضعه وزير المال محمد الصفدي إبّان تسلّمه حقيبة الاقتصاد في الحكومة السابقة، على أن يطرح في الاجتماع اليوم في إطار البحث عن الإجراءات الواجب اتّخاذها في هذا السياق.

عون والأمن العام

وعشيّة الجلسة، كشف رئيس "تكتل الإصلاح والتغيير" النائب ميشال عون عن عجز الوزراء الموارنة عن استعادة المواقع المارونيّة، إذ لفت عندما سئل بعد اجتماع "التكتّل" حول المطالبة بإعادة منصب المدير العام للأمن العام للطائفة المارونية، إلى أنّه مُطالب بإعادة هذا المنصب، معتبرا أنّ هذا الأمر يحتاج إلى بحث مع الأصدقاء، نافيا الإشاعات عن حصول خلاف بينه وبين رئيس المجلس النيابي نبيه برّي على هذه القضيّة. وقال: "سواء أكان المنصب معنا أو مع الشيعة فهذا ليس آخر الدنيا، وبين مديرية الأمن العام أو أمن الدولة لا خلاف، ولن تكون مديرية أمن الدولة مستودعا، ويجب أن تقوم بمهمّاتها وقد تساوي الأمن العام"، سائلا: "أين كان من يطالب باستعادة منصب المدير العام للأمن العام إلى الموارنة خلال السنوات الست السابقة عندما كان في الأكثريّة"؟ ورأى "أنّ ما مِن حقّ مكتسب في الدولة".

إجتماع بكركي

في غضون ذلك تستعدّ البطريركية المارونيّة لاستضافة اجتماع استثنائي للّجنة النيابية السباعيّة المنبثقة عن اللقاء الماروني الموسّع للبحث في ملفّ التعيينات الإدارية في الفئة الأولى، ومنها ملفّ المديرية العامّة للأمن العام، وهي اللجنة المخصّصة أصلا للبحث في وضع المسيحيين في الإدارة، وملفّ بيع أراضيهم في مناطق استراتيجيّة.

وكانت "الجمهورية" قد تفرّدت في عددها أمس بالإشارة إلى أنّ البطريرك الراعي "سيقطع عطلته الصيفيّة في الديمان يوم الخميس المقبل" لترؤّس هذا الاجتماع في بكركي، وكمن "فسّر الماء بعد الجهد بالماء" نفى المسؤول الإعلامي في البطريركية وليد غيّاض أن يكون البطريرك قطع إقامته في الديمان، مؤكّدا أنه "لا يزال في إقامته حتى نهار الخميس". وفي موقف مستغرَب تمنّى على وسائل الإعلام "عدم تغطية لجنة المتابعة أو تسريب معلومات عنها".

تراجع عون

وقالت مصادر بارزة في المعارضة لـ"الجمهورية" إنّ موقف عون يُعدّ "هزيمة يُمنى بها"، وسجّلت له "تراجعه" بعدما كان وعد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في جلسة خاصّة باسترداد بعض المواقع الإداريّة المسيحيّة، كما تحدّث عن ذلك أيضا في خلال الاجتماع المسيحي الرباعي، ما حدا بالبطريرك إلى اتّخاذ مواقف إيجابية من الحكومة أثارت امتعاضا في صفوف قوى 14 آذار، فإذ بحزب الله وحركة "أمل" يصرّون على ربط كلّ المراكز الأمنية الفاعلة بهم، وفي مقدّمها المديرية العامّة للأمن العام، الأمر الذي كشف أنّ التمثيل المسيحي في الحكومة هو تمثيل عددي، وليس تمثيلا مسيحيّا نوعيّا وازنا في القرار، إذ إنّ قيمة هذا التمثيل بعد خمس عشرة سنة تتمثّل في استعادة بعض المواقع المسيحية التي سُلبت من المسيحيين إبّان الوصاية السورية، وهذا ما لم يستطع عون تحقيقه، لا بل دعا إلى تعزيز مديرية أمن الدولة، التي كانت أنشئت في عهد الرئيس أمين الجميل ليكون مديرها العام شيعيّا بناء على إصرار المعارضة آنذاك، إلى جانب مديريّتي المخابرات والأمن العام، بهدف إنقاذ المركزين المسيحيّين الأساسيّين، وظلت المديرية المُنشأة بلا دور فاعل، وإذ بها تؤول إلى المسيحيين، فيما آلت مديرية الأمن العام الى الشيعة.

وإلى ذلك، تعقد الأمانة العامة لقوى 14 آذار اجتماعها الدوري ظهر اليوم، تعقبه إطلالة تلفزيونية لمنسّقها العام النائب السابق الدكتور فارس سعيد من مقرّها على محطة الـ"OTV" ضمن برنامج "بين السطور".

كتلة "المستقبل"

وانتقدت كتلة "المستقبل" في اجتماعها الأسبوعي أمس الكلام الذي صدر عن ميقاتي في ردّه على مواقف النواب وانتقاداتهم، خصوصا لجهة توضيح الموقف من بعض المواضيع، وعلّقت على كلامه في معرض تبريره وشرحه الموقف الذي اعتمدته الحكومة في بيانها الوزاري إزاء المحكمة الدولية ومبرّر استخدام كلمة "مبدئيّاً" وقوله إنّ هذا النصّ تمّ اقتباسه من مقرّرات مجلس وزراء الخارجيّة العرب المنعقد في 8 آذار 2011، فقالت: "لقد تبيّن أنّ ميقاتي قرأ نصّا غير موجود وغير صحيح، وتحديدا لجهة استعمال كلمة "مبدئيّاً" ممّا يعرّض صدقيّة الكلام للتداعي السريع، خصوصا وأنه استند إلى نصّ لم يعتمد وغير موجود".

وأملت الكتلة في "ألّا يكون بقيّة كلام ميقاتي على المستوى ذاته، خصوصا وأنه قال إنّ الحكومة عازمة على التعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان تطبيقا للقرار 1757". وأضافت أنّ "ميقاتي التزم أمام النوّاب العمل على نزع السلاح من المدن، ولا سيّما منه السلاح الثقيل والمتوسط من دون ذكر السلاح الخفيف المنتشر والظاهر بكثافة مقلقة". واعتبرت أنّ "هذه المواقف هي بمثابة كلام ملزم للحكومة، وسنتابع تنفيذه بدقة ومثابرة".

الموقف الدولي

على صعيد آخر أبلغ الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتّحدة السفير مايكل وليامز الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أمس أنّ الأمم المتحدة لا يمكنها ان تتدخّل في ملف تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان طالما ليس هناك أيّ تكليف في هذا الموضوع. فالقوات الدولية المعزّزة كلفت مهمّات أمنية بحرية للمرّة الأولى بموجب القرار 1701، ولم تكن المهمّات الأخرى المتصلة بترسيم الحدود من مهماتها، وإذا كُلّفت بالمهمّة فلن تتردّد.

وعلمت "الجمهورية" أنّ وليامز الذي أبلغ الى رئيس الجمهورية موقف المجتمع الدولي والأمم المتحدة تحديدا من موقف الحكومة اللبنانية في شأن المحكمة الدولية والقرارات الأمميّة الأخرى، شدّد على أهمّية ان يثبت اللبنانيون التزامهم هذه القرارات ويتّخذوا الإجراءآت التي تكفل هذه الالتزامات الدوليّة.

وقالت مصادر أُممية إنّ وليامز سينقل إلى ميقاتي اليوم الموقف نفسه، مُجدّدا تشديد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على استمرار التزام لبنان القرارات الدولية وموجباتها، وتحديدا ما يتّصل منها ببروتوكولات التعاون الأربعة المعقودة بين لبنان والمحكمة الدولية والتي تفرض عليه اتّخاذ الإجراءات التي يستبعد تنفيذها أطراف نافذون في الحكومة.

إسرائيل

من جهة ثانية، أكّد نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي سيلفان شالوم أنّ "حرب لبنان الثانية أدّت إلى استعادة قوّة الردع الإسرائيليّة" معتبرا أنّ "إسرائيل تصرّفت في شكل صحيح من الناحية العسكرية خلال هذه الحرب، بحيث لا ينسى "حزب الله" نتيجتها".

ورأى شالوم في مقابلة إذاعيّة بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة لحرب تمّوز 2006 أنّ "الجبهة الداخلية في إسرائيل لم تكن مهيّأة في شكل ملائم لهذه الحرب، كما لم يؤدّ قرار مجلس الأمن الدولي الذي اتّخذ في نهاية الحرب إلى التغيير المرغوب". وإذ رفض "ما يُقال من أنّ إسرائيل ستتعرّض لسقوط آلاف الصواريخ يوميّا على أراضيها في حال وقوع مواجهة عسكرية أخرى مع سوريا أو لبنان"، أكّد "أنّ سلاح الجوّ سيتمكّن في مثل هذه الحال من تدمير محطات لتوليد الكهرباء وجسور وطرق في الدولة المهاجمة، ممّا سيضطرّها إلى طلب وقف إطلاق النّار".

السابق
البناء: حرُّك لبناني واسع لإجبار «إسرائيل» على الالتزام بالقوانين الدولية والبحرية وسورية تدُدين تصريحات كلينتون.. واللقاء التشاوري يؤكّد جملة ثوابت
التالي
الاخبار: الحريري يقول بأن السين سين ضمّت المحكمة والسلاح