الرمح ما بيتخبّى بالعديله

 العديلة كيس (شوال) بالحجم العادي يسع ما يقارب التسعة امداد من الحبوب. كان يحاك من شعر الماعز وكان مرغوباً فيه لمتانته وطول بقائه.. وأكثر ما كان يستعمل للنقل على ظهور الجمال. وجمعه عدل أو عدال باللغة الدارجة. يقول الشاعر الزجلي:
يا شجرة بالدار حاميكي أسد
وتكسرت الغصان من كثر الحسد
نحنا زرعنا الزرع والغير حصد
يا حسرتي عبو القمح باعدالنا
ومن الأوعية التي كانت مستعملة للنقل على ظهور الدواب (الخيشة) وهي مصنوعة من كيسين من الجنفيص بعد فتقهما فيوصلان ببعضهما عرضاً وتستعمل لنقل التين، وكل خيشتين ممتلئتين منه تسميان جملاً.
إن مكان خزن التبن في البيت عند الفلاح يسمى (تبّان)، وكان بيت الفلاح قبل العشرينات وبعدها عبارة عن غرفة واحدة مقسمة إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول وهو المتصل بباب الغرفة للدواب ويسمى الاصطبل، والقسم الثاني سكة الفلاح، وكثيراً ما كان يعلو جزءاً من سدة والقسم الثالث للتبن. والغرفة هذه كان سقفها مقاماً على قناطر حجرية ويترك في أسفلها فراغ بعلو (25 سم) ويترك في أعلاها فراغ مماثل الفراغ العلوي يستعمل مستودعاً للبصل وغيره والفراغ السفلي لإيداع بعض الأدوات.
أما الكوارة ذاتها فتستعمل مستودعاً للحبوب المتنوعة وفراغها يعادل قطره النصف متر ولها في أعلى فتحة مربعة الشكل بعرض الفراغ تستعمل لإنزال الحبوب منها، وفي أسفل الكواره ثقب مستدير يخرج الحب منه عند الحاجة ويسد بقطعة قماش بشكل طابة، وكثيراً ما يزوّق وجه الكواير المقابل لقسم السكن بالنقوش عندما تطين بالتراب الأبيض فوق اللبن الذي يجبل بالتبن الدقيق الذي يدعى (عوراً) أما طين اللبن فيجبل بالتبن الخشن الذي لا تأكله الدواب ويسمى (قصلاً) والنقش على وجه الكواير يجري عندما يكون الطين الذي عليها لا يزال طريئاً وذلك بالضغط برؤوس الأصابع فيكون منها النافر ومنها المحفور وتمثل أغصاناً وأزهاراً وحيوانات وأشكالاً هندسية. وبنفس الطريقة يزين الداخون والرفوف، وكلها مثبتة بواسطة العيدان في الجدران والزوايا ومغطاة بالطين المجفف المصنوع من التراب الأحمر والتبن الخشن والمغطاة بعد ذلك بالتراب الأبيض المجبول بالتبن الناعم.
 ومن التراب الأبيض أيضاً كانت تصنع كواير صغيرة نقالة مفتوحة من أحد جوانبها العلوية لوضع الملح وكانت تسمى مملحة.
أما أرض الاصطبل حيث تربط الحيوانات فكان يبلط بأحجار تكثر وتقل حسب إمكانية الفلاح، وكل قنطرتين تدعيان زوجاً فيقال بيت فلان على زوج قناطر وبيت فلان مثلاً على ثلاثة أزواج قناطر الخ. وهذه القناطر مقامة على صف واحد أو صفين أو أكثر. واصطبل الحيوانات في الغرفة يكون واطئاً بحيث تكون رؤوس الحيوانات وهي واقفة على معالفها فيه على مستوى أرض القسمين الباقيين من الغرفة حيث يفصل الاصطبل عنهما بالمعالف الثابتة للبقر أما الحمارة أو الجمل أو الفرس فيربط كل منها في إحدى زوايا الاصطبل حيث لكل منها معلفه هناك.
ولوضع التبن في التبانة يثقب السقف الترابي الموجود فوقها بشكل دائري لا يتعدى قطره الثلاثة أرباع المتر وهذا الثقب يدعونه (روْزنه) ولم يكن في العشرينات وما قبلها أدراج توصل إلى السطوح بل كان هناك سلالم موقتة تصنع من قائمتين من خشب الازدرخت وتصنع درجاتها من أعواد من أغصان وتربط هذه الدرجات بالقائمتين بأربطة من نبات البابير. يصعد الفلاح على السلم والخيشة المليئة بالتبن على ظهره فيفرغها في الروزنة حيث يسقط التبن في التبانة، وكلما تكوم التبن ينزل الفلاح من الروزنة إلى التبانة فيبسط التبن ويلبده برجليه وبعد أن ينتهي من التتبين يعيد سد الروزنة بعيدانها المنزوعة وبإرجاع التراب حيث كان.
والتبانة يفصلها عن القسم المعد للسكن صف من الكواير المتلاصقة التي تشكل جداراً بين القسمين والكوارة مصنوعة من اللبن الرقيق الذي لا تتعدى سماكته الأربعة سنتيمترات. وهي بشكل متوازي المستطيلات يمتد من الأرض إلى السقف، والمستطيلات مسطحة غير سميكة وغير مشذبة تصف على الأرض بشكل مستو تقريباً.
أما أرض القسم المسكون من عائلة الفلاح فكانت ترابية تُرصُّ ثم تُطين بالتراب الأحمر المجبول بالفصل وبعد أن يجف تطين ثانية بالتراب الأبيض المجبول بالعور وقبل أن تجف هذه الطبقة تماماً يؤتى به (العكر) وهو المادة السوداء التي ترسب في أسفل أوعية زيت الزيتون فيوضع فوق الأرض المطينة ويؤخذ بذلك الأرض بهذه المادة بواسطة حجر مفرطح أملس يؤتى به بشكله الطبيعي من البرية يطلقون عليه اسم (مدلكة)، وهكذا بعد هذه العملية تصبح أرض المسكن ذات لون أسود لماع وذات ملمس ناعم ورائحة تشبه رائحة الزيتون.

السابق
حبيش: لا ثقة.. لا ثقة .. لا ثقة فبند المحكمة حاز على اجماع طاولة الحوار فلماذا الانقلاب عليه واذا كانت القوى الامنية غير قادرة على مواجهة السلاح فكيف ستحافظ على السلم الاهلي؟
التالي
اللّي ما ذاق المغراية ما بيعرف شو الحكاية