الانوار: لبنان عالق في استراتيجية الإنتظار والنتائج كارثية

في الأيام القليلة الماضية لفحت الساحة اللبنانية رياح تفاؤلية بقرب تشكيل الحكومة، وما عزز هذا التفاؤل ان الحركة السياسية بين عين التينة وفردان والرابية وقصر بعبدا كانت شهدت حرارة بلغت ذروتها في زيارة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لقصر بعبدا بعد ظهر يوم الجمعة الفائت بعدما كان توجَّه إلى طرابلس. العودة من طرابلس إلى بيروت والتوجه إلى قصر بعبدا، أوحت للمراقبين أن شيئاً ما قد تحرك على مستوى تشكيل الحكومة وان مسألة التشكيل لم تعد سوى مسألة أيام.
لكن تطورَين حصلا وأعادا التفاؤل إلى منسوبه الأدنى:
التطور الأول كان إعلان الرئيس نجيب ميقاتي والوزير محمد الصفدي والنائب أحمد كرامي انهم لن يحضروا الجلسة النيابية العامة التي دعا اليها الرئيس نبيه بري غداً الأربعاء، إعلان الرفض استفز رئيس مجلس النواب وجعله يقاطع الرئيس المكلف وهذا ما اضاف عاملاً جديداً على التأخير في تشكيل الحكومة، وتمثَّلت هذه المقاطعة في استثناء أحد الخليلين من زيارة الرئيس المكلف وهو المعاون السياسي للرئيس بري النائب علي حسن خليل.

أما التطور الثاني فتمثَّل في الحملة التي شنتها أوساط رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون على الرئيس ميقاتي حيث اتهمته بالمراوغة، ماذا تعني كل هذه الوقائع؟
إنها عينة من انعدام الثقة بين الحلفاء الجدد في الأكثرية الجديدة، فالإرتياب المتبادل ظاهر للعيان بين الرئيس المكلَّف ورئيس تكتل التغيير والإصلاح، وعليه فكيف ستتم عملية التشكيل في ظل هذا الإرتياب؟
إن الإتهامات التي يوجهها بعض الحلفاء الجدد للرئيس ميقاتي، تجعل عنصر الإستقرار في حكومته العتيدة غير متوافر، فأحد الوزراء السابقين قال فيه إنه لا يجرؤ على توقيع مرسوم الحكومة لأنه يخشى على مصالحه في خمس وعشرين شركة خليوية يملكها حول العالم. هذا الإتهام خطير لأنه يُصوِّر الرئيس المكلَّف نجيب ميقاتي على انه تابعٌ للغرب ويخشى منه، وعليه فإن أي موقف سيتخذه سيكون نابعاً من هذه المصالح أكثر مما هو نابع من المصلحة الوطنية العليا.

هذه الإتهامات قد تكون كافية لتجعل الرئيس ميقاتي يخرج عن صمته ويرد عليها، فكيف سيبدأ عهد حكومته في ظل كل هذا التشكيك؟
إن كل قرار سيتخذه، ولا يُرضي فريقه في الأكثرية الجديدة، سيجعل هذه الأكثرية تقول عنه إنه مرتبط بأجندة خارجية وهذه التهمة جاهزة لكل سياسي لا يكون أداة طيِّعة في أيدي البعض.

ما هي مفاعيل وانعكاسات هذا الواقع على الوضع السياسي الداخلي؟
سيشهد البلد المزيد من الجمود والتدهور، وما سيضاعفه أن العمل السياسي في الصيف سيكون معطلاً، وعليه فإلى ماذا ستؤدي استراتيجية الإنتظار؟

السابق
معرض مشاريع العلوم والأنشطة الإبداعية في جمعية المبرات
التالي
السفير: يـوم دامٍ في سوريا حصيـلتـه 120 قتيـلاً أمنيـاً والسلطة تقاتل مئات المسلحين في جسر الشغور