السفير: لبنان يحتفل بعيد التحرير على وقع الفراغ

يحتفل لبنان اليوم بالعيد الـ11 للتحرير والمقاومة، مستعيدا الإنجاز التاريخي الذي تحقق في 25 أيار عام 2000، حين استطاعت المقاومة، بعد تضحيات متراكمة، ان تفرض على العـدو الاســرائيلي الاندحار من معظم الاراضي المحتلة في الجنوب والبـقاع الغـربي، من دون أي قيد او شرط، لتضع بذلك الحجر الاساس لمرحلة جديدة من الصراع العربي ـ الاسـرائيلي، خلاصـتها ان زمن الهـزائم قـد ولـى، وان زمـن الانتـصارات قد بـدأ.
لكن ما ينغص الفرحة بهذه المناسبة هو استمرار أزمة تشكيل الحكومة، بل تفاقمها، على وقع الخلافات المستفحلة بين الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي من جهة والعماد ميشال عون من جهة أخرى، حول مبادئ التأليف وكيفية اختيار الوزراء وتوزع الحقائب، ما أوحى بأن الازمة ما زالت تدور حول ذاتها في المربع الاول، وانها لم تتجاوز بعد حدود «أبجدية» التشكيل التي يفترض ان تكون من البديهيات.
وبانتظار ما ستحمله كلمة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اليوم في ذكرى عيد التحرير والمقاومة، لم يسجل أمس أي اختراق نوعي لحالة الجمود السائدة منذ أيام على خط التأليف الحكومي، فيما تصاعد التوتر في العلاقة بين الرئيس المكلف والعماد عون.

ميقاتي: لن أكرر مخالفات السنيورة والحريري
في هذه الاثناء، قال الرئيس ميقاتي أمام زواره أمس انه تعمد خلال الايام الاخيرة إطفاء محركات اتصالاته المتعلقة بتشكيل الحكومة، تعبيرا عن موقف رافض للمماطلة التي يبديها البعض خلال مفاوضات التأليف، مشيرا الى انه ينتظر جوابا من العماد عون حول الاسماء التي يقترحها للتوزير.. لكنه لم يصل بعد.
وإذ تجنب ميقاتي التوسع في الرد شخصيا على كلام عون بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح، اكتفى بالقول: من المبالغة الحديث عن اننا طلبنا 45 اسما حتى نختار منها. ما طرحناه هو وجوب ان تكون امامنا مروحة خيارات منطقية.
وأشار الى ان عجلة البحث توقفت بعد إنجاز التوافق المبدئي على تسوية عقدة «الداخلية»، لان العماد عون أعاد طرح أمور كنا افترضنا انه تم تجاوزها، لكن ميقاتي اكد انه لا يفكر بالاعتذار الآن أو قريبا.
واكد ميقاتي ان أبواب منزله مفتوحة امام العماد عون في أي لحظة، وأهلا وسهلا به، متى شاء زيارتي، «أما أنا فلست بوارد ان أزوره في الرابية حاليا، تقيدا مني كرئيس مكلف بروحية الدستور، لان الاتفاق على تشكيل الحكومة يعلن فقط من قصر بعبدا وليس من أي مكان آخر».
وشدد ميقاتي امام زواره على انه لن يكرر السابقتين المخالفتين للدستور، اللتين أقدم عليهما الرئيس فؤاد السنيورة والرئيس سعد الحريري، خلال تولي كل منهما عملية تأليف الحكومة في السابق، «لان ذلك يكرس أعرافا جديدة على حساب الدستور، برغم تفهمي للظروف القائمة في حينه».
واوضح ميقاتي ان بقية مكونات الاكثرية تجاوبت مع المعيار الذي وضعه للتأليف، كاشفا عن ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ابلغه بانه مستعد للذهاب حتى آخر المطاف في تسهيل مهمته، وكذلك الامر بالنسبة الى الرئيس نبيه بري والوزير وليد جنبلاط اللذين ابديا كل تعاون.
واعتبر ميقاتي ان ذكرى تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي تشكل يوما وطنيا مجيدا في تاريخ لبنان المعاصر، لان لبنان نجح بتعاضد دولته وجيشه ومقاومته في تحرير القسم الاكبر من أرضه المحتلة، وتسجيل انتصار استثنائي في تاريخ العرب.
بري: لا استسلام
من ناحيته، قال الرئيس نبيه بري لـ«السفير» انه لن يكون هناك استسلام للواقع المعقد الذي وصلت اليه عملية تأليف الحكومة، مؤكدا ان المساعي ستتواصل لإيجاد المخارج الممكنة برغم انها لم تلق حتى الآن التجاوب المطلوب.
وردا على سؤال عما إذا كان يتوقع تشكيل الحكومة هذا الصيف، أجاب مبتسما: السؤال محق.
وحول الانتقادات التي وُجهت إليه بسبب إصراره على عقد جلسة تشريعية لمجلس النواب إذا استمر التأخير في تشكيل الحكومة، قال: إذا كان مجلس النواب يعمل بسرعة 50 كلم بالساعة في ظل حكومة أصيلة، فان عليه ان يعمل بسرعة 100 كلم بالساعة مع وجود حكومة تصريف أعمال حتى يعوض شيئا من الفراغ.
عون: ميقاتي يتسلى
في هذا الوقت، اعتبر العماد عون أن «لا رغبة لدى الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في تشكيل الحكومة»، مشيراً إلى أنه «يعيش فترة انتظار».
واتهم عون بعد الاجتماع الاسبوعي لـ«التكتل»، ميقاتي بأنه «يريد القيام بمعارك وهمية معه، فيقول تارة انه لا يتنازل عن صلاحياته ويقول طورا ان عون يطلب وأنا احدد، وساعة يقول لا اعلن الوزارة من الرابية. ويبدو انه يستسيغ هذا الأسلوب بتصاريح من خلال المصادر، واذا كانت القضية بناء شعبية بمعارك وهمية، فعليه الا يتناول اسمي».
وتساءل عون: من يستطيع ان يقدم لـ15 وزيرا 45 اسما؟ هو يطلب اشياء تعجيزية لا تدل على جدية في التعاطي بتأليف الحكومة، مشددا على أن «الأسماء ليست للتجارة، وعندما يريد احد ان يوزر احدا نقدم الاسم الكفؤ، وتاريخنا يدل على هذا الموضوع، ونقدر ان ميقاتي أصبح خارج اطار التأليف، وموضوع الحكومة بات تسلية بالنسبة اليه، وليس جديا».

السابق
جريح بخلاف بين سوريين في النبطية
التالي
السفير: هل يحدد نصر الله اليوم سبل مواجهة محاولات إعادة إحياء مشروع الشرق الأوسط الجديد؟