سالم زهران يسرد حكاية الحوار بين حزب الله والمستقبل

سالم زهران

تخطّى لبنان كابوس التمديد بسلام لتتحوّل هواجس القيادات فيه نحو كرسي بعبدا الشاغرة، وسط أجواء توتّر عارم تشقّ طريقها الى الحكومة اللبنانية، منذرةً بامكان فرط عقدها في أية لحظة، لولا حنكة الرئيس تمام سلام وسياسته الوقائية القائمة على تجنب طرح أي من الملفات الساخنة خلافيا ضمن جداول اجتماعاتها، الأمر الذي يحتّم على المعنيّين بذل كل الجهود في سبيل التوصل الى مخرج لأزمة الرئاسة.

ويأتي حوار تيار المستقبل وحزب الله في طليعة اهتمامات جبهة الانقاذ اللبنانية المتمثّلة برئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، اللذيْن يضعان ثقلهما لاطلاق حوار جدي بين الطرفيْن، يضمن تهدئة الشارع المحقون بأبسط حال، ان لم ينجح يتحقيق هدفه الأساس في فتح كوّة بحائط النقاش الرئاسي المسدود.

ومنذ اطلالة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله العاشورائية الأخيرة التي اعلن فيها انفتاحه وحزب الله للحوار مع تيار المستقبل، في موقف مفاجئ بعد مسيرة جفاء وتناحر سياسييْن بينهما، ما زالت الأنظار مشدودة الى باريس، حيث ينتظر أن يعلن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري موقفه من يد حزب الله الممدودة، وسط تحليلات وتأويلات منها ويصيب ومنها ما يخفق، حول وجود انقسام على الموقف داخل تيار المستقبل من جهة، وعجز الحريري عن حسم موقفه من الحوار مع حزب الله قبل الحصول على الضوء الاخضر السعودي ربطاً بالتفاهم مع ايران من جهة ثانية.

وفي معلومات لـ النهار، فان دخان التحليلات حول انقسام داخل المستقبل ليس بلا نار تماماً، حيث اكّد مصدر مقرّب من المستقبل أن وجهتيْ نظر مختلفتان تؤخران اعلان الموقف الرسمي للتيار بين أولى مؤيدة لملاقاة نصرالله في دعوته الانفتاحية دون قيد أو شرط كبادرة حسن نية وانسجاماً مع مواقف 14 آذار الداعية لفصل المسار الداخلي عن الصراعات الاقليمية، ووجهة نظر ثانية ترفض الذهاب الى حوار عقيم لا تحدد محاوره وأجواؤه سلفاً.

وحده الحريري قادر على حسم الجدل وزفّ الحوار أو نعيِه قبل انطلاقته، وذلك في اطلالة تلفزيونية مرتقبة له الخميس المقبل، ومن المتوقّع أن يضع خلالها النقاط على الحروف بشكل يحسم كل جدل حول القضية.

ولمّا كانت معظم المصادر المراقبة تستبعد أن يتحمّل الحريري مسؤولية نعي الحوار وتداعياته المكلفة في الداخل، فقد توقّعت مصادر النهار أن يقف الاستحقاق الرئاسي من جديد حجر عثرة في وجه أي ايجابية يمكن أن يحققها الحوار ان حصل، بدليل ان حزب الله ما زال يربط اي تفاهم رئاسي بمرشّحه الاول والاخير ميشال عون. وبناء عليه، فقد توقّعت المصادر ان يعمد الرئيس الحريري الى تدوير زوايا الكلام في اطلالته بحيث يرحّب بالحوار، دون أن يفسح المجال لأية ثغرة تؤخذ عليه من حلفائه على خط الرئاسة تحديداً.

في هذا الاطار، سرد الاعلامي والمحلل السياسي المقرّب من حزب الله سالم زهران حكاية الحوار لـ النهار فقال: قبيْل خطاب عاشوراء بيوم واحد، أبلغ النائب وليد جنبلاط حزب الله عبر الوزير وائل ابو فاعور أن هناك أجواء انفتاح داخل تيار المستقبل باتجاه حزب الله، وذلك ضمن أجواء التقارب الأميركي الايراني، المنعكس أيضاً على الجانب السعودي الايراني. وقد أبدى حزب الله مرونة تجاه هذا الكلام، ليعود الرئيس نبيه بري وينقل لحزب الله كلاماً مشابهاً عن أن هناك مقدمات حوار مع تيار المستقبل، فأتى الجواب على لسان سماحة السيد حسن نصرالله في ليلة العاشر من عاشوراء، وقال في خطابه المعروف ان يد حزب الله ممدودة للحوار مع حزب الله. ومن بعدها حصل اجتماع في دارة الرئيس نبيه بري جمعه مع الشيخ نادر الحريري والرئيس فؤاد السنيورة.

ومعلوماتي الشخصية تفيد بأن أجواء نادر الحريري كانت ايجابية وأنه أبدى انفتاحاً ورغبةً في انطلاق الحوار، الا أن الرئيس فؤاد السنيورة كان متصلّباً ووضع شروطاً مسبقة للحوار، من ضمنها السؤال عن قتال حزب الله في سوريا، واشتراط انتخاب رئيس للجمهورية قبل بدء الحوار، في حين ان حزب الله حاسم بحصر موضوع الرئاسة مع العماد ميشال عون وأكد زهران أن مبدأ الشروط المسبقة مرفوض من قبل حزب الله، ولفت الى انه حتّى الآن لم يتبلغ حزب الله بأي كلام سلبي، الا انه لم يتبلّغ أيضاً جواً ايجابياً رسمياً، وبلّغ بالواسطة أن الجواب سيكون الخميس المقبل في اطلالة الشيخ سعد الحريري التلفزيونية وبالتالي سيبنى على الشيء مقتضاه.

وأضاف زهران ان مقدمات الحوار ليست وحيدة بين تيار المستقبل وحزب الله، بل هناك أيضاً مقدمات حوار جدية مع حزب الكتائب اللبنانية، حيث تجري اجتماعات بين حزب الله والكتائب اللبنانية والاجواء ايجابية متسائلاً: هل اذا جاءت لحظة التسوية الايرانية الأميركية السعودية في المنطقة، سيكون الملعب اللبناني جاهز لتلقّي هذه التسوية؟ وتابع: ضمن هذا المبدأ وعلى هذا الأساس انطلق الحوار بين الكتائب وحزب الله، وهو في طريقه الى الانطلاق مع تيار المستقبل، أما اذا أعيد التوتر الايراني السعودي الأميركي، فهذا الحوار سيعود ليعلَّق حتماً. وعن أهمية حوار المستقبل حزب الله على مستوى الداخل اللبناني، قال زهران ان العالم كله اليوم، خصوصاً في المنطقة العربية، منقسم بشكل حاد ومؤذي بين التيارين الاسلامييْن الكبيريْن السني والشيعي، وبالتالي فان كل تقارب بين المستقبل وحزب الله يعتبر تقارباً بين السنّة والشيعة، وأهميّته بالتالي انه يخفف من حدة الاشتباك في الاقليم، ومن حدة الاشتباك المذهبي الذي كاد أن يودي بلبنان.

وعن موقف رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عود الذي يرى فيه البعض محاولة لاستباق نتائج حوار المستقبل حزب الله، قال زهران ان العماد عون كان أول من فتح الحوار مع تيار المستقبل والتقى بالنائب سعد الحريري أكثر من مرة، وهو يرى أن التقارب الايراني السعودي هي لحظة اقتراب نحو بعبدا ليكون رئيساً للجمهورية، وسعد الحريري رئيساً للحكومة، وقال ان هذه هي رؤية العماد عون للتسوية لكنّها ما زالت حتى الآن مجرد أفكار ولم ترتقِ بعد الى مستوى المبادرة.

السابق
العاصفة «ميشا» تبلغ ذروتها الثلاثاء.. عواصف، رياح وثلوج
التالي
«المستقبل» أبلغ بكركي: جعجع ليس مرشحنا