أوّل حرف من اسمها.. ايران

المضحك ان قرار المنع الصادر عن الامن العام انما جاء بناءا على حجة "المس بدولة اجنبية" ومن المعروف ان هذا الجهاز ورئيسه محسوب على فريق حزب الله ويأخذ رغبات الحزب بعين الاعتبار مما يشير بما لا يُبقي مجال للشك ان قرار المنع هذا ما هو الا تلبية لقرار حزب الله الحريص جدا على تقديم الصورة الديمقراطية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.

همس في اذني: “نحن نمنع ونقفل محلات الفليبر بالضاحية، وهون مكنات الفليبر برعاية الدولة!”. جرى هذا الحديث بيني وبين احد مسؤولي حزب الله ونحن في العاصمة الإيرانية طهران منتصف الثمانينات عندما كنا سويا بعداد وفد يمثل المقاومة، واراد المشرفون الرسميون على برنامج الزيارة ان يجعلوا اخر يوم لنا يوم ترفيهي، فاصطحبونا الى أماكن سياحية كان من ضمنها احدى مدن الملاهي، حيث خّصص بداخلها جناح كبير يحوي على اعداد ضخمة من ماكنات “الفليبر”.

هذه الحادثة البسيطة قد استرجَعتها خبرية اقدام هيئة الرقابة التابعة لجهاز الامن العام اللبناني على منع الفيلم الإيراني “الأكثرية الصامتة تتكلم” للسينمائية باني خوشنودي والذي كان من المفترض ان يعرض مساء الاحد الفائت في قاعة سنما بيروت.

ثلاث نقاط تثير الاستغراب والدهشة يمكن تحميلها على كاهل قرار المنع الغبي هذا:

1- الفيلم ما هو الا فيلم وثائقي ويحوي على مشاهد تم التقاطها في ايران سنة 2009 على ايدي هواة، او بواسطة الات تصوير بسيطة او كاميرات هواتف نقالة مع تعليقات وتحاليل، وتظهر المشاهد تظاهرات حاشدة خرجت لاشهر عديدة وشاهدها كل العالم تندد بـ”التزوير” الذي حصل في الانتخابات التي فرضت احمدي نجاد واقصت منافسه الإصلاحي مير حسين موسوي، والمخرجة باني خوشنودي تعيش وتعمل في ايران، واكاد لا استغرب ان اسمع خبر عرض فيلمها هذا “بنص دين” طهران على غرار ماكنات الفليبر سابقة الذكر! ليبرز هنا السؤال القديم الجديد: الى متى سيبقى حزب الله إيراني اكثر من الإيرانيين؟

2- نحن في زمن اليوتيوب والغوغل والفيسبوك وغيرهم من وسائل التواصل بحيث ان نشر أي فيلم او صورة او ما شابه ذلك يعتبر من اسهل ما يكون وبالتالي فان المنع لا يزيد الا في سرعة الانتشار ويثير الرغبة عند الجمهور للمشاهدة والاهتمام بحيث لم تكن لتكون لولا خبرية المنع تلك، مما يعني ان من أراد وسعى لعدم وصول الفيلم الى بعض المشاهدين عمل من حيث لا يدري على توسيع مروحة المهتمين به اكثر بكثير.

3- المضحك ان قرار المنع الصادر عن الامن العام انما جاء بناءا على حجة “المس بدولة اجنبية” ومن المعروف ان هذا الجهاز ورئيسه محسوب على فريق حزب الله ويأخذ رغبات الحزب بعين الاعتبار مما يشير بما لا يُبقي مجال للشك ان قرار المنع هذا ما هو الا تلبية لقرار حزب الله الحريص جدا على تقديم الصورة الديمقراطية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولا يمنع نفس هذا الحزب الحريص على تطبيق القوانيين من التعرض لدولة اجنبية أخرى اذا ما كان اول حرف من اسمها “السعودية” لان عندها القانون اللبناني لا يمانع بذلك اطلاقا، فالقانون بنظره انما يقصد فقط الدولة الأجنبية التي يكون الحرف الأول من اسمها .. ايران فقط .

السابق
الشيخ مصطفى ملص: السنّة والشيعة هما أكبر حزبين في التاريخ
التالي
إنتخابات AUB: جنبلاط مع 14، 8 متفرّقة، والعلمانيون أوائل