في ذكرى صبرا وشاتيلا: هل العرب أكثر دموية من الصهاينة؟

مجزرة صبرا وشاتيلا
في ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا تبدو تلك المجزرة "عادية" تقريبا. خصوصا في ظلّ المجزرة المستمرّة منذ 4 سنوات في سورية، مع اكثر من ربع مليون قتيل، ومنذ 12 عاما في العراق، مع مليون قتيل تقريبا، والتي أخذت تتوسع في ليبيا وربما في البحرين وغيرها من الدول العربية، على ايدي "ذوي القربى". فهل نحن أكثر دموية من الصهاينة؟ وهل سيأتي زمن المراجعة الذاتية؟

من الحجّاج بن يوسف الى صدّام حسين  سقط عشرات الآلاف من الضحايا. فإذا ذكرت فقط مجزرة حلبجة لوحدها فان هذا يكفي ليُدمي القلب. ففي العام 1988 نفّذ جيش الرئيس العراقي المخلوع صدّام حسين الهجوم الكيماوي على حلبجة الكردية، حيث قام الجيش العراقي بقصف المدينة بغاز السيانيد، ما أدى إلى مقتل أكثر من 5500 من الأكراد العراقيين. واضافة الى القتل الجماعي، لم يترك صدام طريقة قتل الا وارتكبها بحق شعبه من تعذيب واغتيال طيلة فترة تولّيه الرئاسة التي بلغت أكثر من 24 عاماً، اي من العام 1979 وحتى احتلال العراق على يد الاميركيين العام 2003. وفي إحصاءات غير دقيقة شارف عدد المعارضين الشيعة الذين قتلهم صدّام على 100 ألف خلال سنوات حكمه وخلال اكثر من انتفاضة وتحرّك شعبي، خصوصا في النجف.
لم يشعر العراقيون بالراحة اطلاقا بعد الغزو الأميركي، فقد بلغ معدل الضحايا شهريا ما يفوق الالف ضحية من المدنيين في التفجيرات، الى درجة ان الشعب العراقي قد يكون شارف على الانقراض جراء هذه المذابح المتواصلة، اذ بُعيد سقوط صدام ظنّ العراقيون انهم ارتاحوا، لكنهم وقعوا مجددا بيد القاعدة، التي قتلت منهم اكثر مما قتل صدام. ومن مجازرها كارثة (جسر الأئمة) التي ذهب ضحيتها أكثر من 1200 ضحية في لحظات.

واكتملت المصائب بسيطرة (داعش) على الموصل ونينوى شمال العراق وكل ما عُرف عنه هو القتل ثم القتل ثم القتل والذبح.. ففي العام 2014 ارتكب داعش مجزرة (سبايكر) التي ذهب ضحيتها على أقل تقدير 1700 رجل. ولا يزال الدم العراقي يسيل دون توقف.

في المقلب الآخر، نجد اليهود يعيدون ذكرى الهولوكوست في كل مناسبة على الرغم من عدم توفر أدلة كافية ونهائية تثبت وقوعها بالشكل الذي يسوّقه الصهاينة. ولا زال اليهود الى اليوم ينادون بها ويستفيدون من مظلوميتهم فيها في المحافل الدولية. فهل يحقّ لليهود- بعد ما ارتكبوه بحقّ الفلسطينيين- التسويق لمظلوميتهم؟
فما عاناه الشعب الفلسطيني لا يمكن عدّه او احصاؤه ، من نكبة الـ1948 الى 1967 الى غزة 2014 وما عملهم بهم الاخوة – الاعداء، اضافة الى الاجتياحات المتكررة لغزّة، بشكل سنوي تقريبا، منذ تحريرها العام 2005، اضافة الى مجزرة صبرا وشاتيلا، التي نفّذها مقاتلون من حزب الكتائب اللبنانية، وجيش لبنان الجنوبي، بغطاء وتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، في مخيمي صبرا وشاتيلا لللاجئين الفلسطينيين في 16 أيلول 1982، والتي استمرّت على مدى ثلاثة أيام، وبلغ عدد القتلى بين 750 و3500 قتيل من المدنيين العزّل. وارتكبت المذبحة بدم بارد بالأسلحة البيضاء. كما يفعل “داعش” هذه الايام.
بالعودة الى الوراء، لا يمكن نسيان الحرب الاهلية اللبنانية التي امتدت رسميا 15 عاما، ولكنها فعليّا لم تتوقف بل ان 17 الف مفقود لا يزال مصيرهم مجهولا، و200 الف قتيل تناثرت عدالتهم بعفو عام عن كل قاتل خلال الحرب. اضافة الى ضحايا الاجتياحات الاسرائيلية للبنان في 1978 و1982 و1993 و1996 و2006 وما بين هذه التواريخ من قصف واغتيالات.
ومن قتلته اسرائيل هو بطل يدافع عن ارضه وعرضه وماله لا يمكن مقارنته بضحايا الانظمة العربية، ومنها ضحايا مجزرة حماة السورية التي وقعت في العام 1982، حين قصف النظام السوري اهالي مدينة حماة لمدة 27 يوما وسقط الآلاف فيها دون ان يجرؤ احد على التحدث عنها او تصويرها او الحديث مع اهالي ضحاياها، الذين تشير تقديرات الى انّ عددهم قد زاد عن عشرين ألفا ربما.
فقد منح النظام الاسدي يومها قواته العسكرية كامل الصلاحيات لتفعل ما تشاء. وقد قدّر الصحفي روبرت فيسك، الذي زار المدينة بعد المجزرة بفترة قصيرة، أن عدد الضحايا زاد عن 10 آلاف تقريباً.
في ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا تبدو تلك المجزرة “عادية” تقريبا. خصوصا في ظلّ المجزرة المستمرّة منذ 4 سنوات في سورية، مع اكثر من ربع مليون قتيل، ومنذ 12 عاما في العراق، مع مليون قتيل تقريبا، والتي أخذت تتوسع في ليبيا وربما في البحرين وغيرها من الدول العربية، على ايدي “ذوي القربى”. فهل نحن أكثر دموية من الصهاينة؟ وهل سيأتي زمن المراجعة الذاتية؟

السابق
طلعات استكشافية فرنسية فوق العراق في سياق التحرك ضد «داعش»
التالي
عن جمّول التي حرّرت الجزء الأكبر من لبنان