«مطرقة منتصف الليل» تقضي على البرنامج النووي الإيراني

حسين عطايا

ما أقدم عليه الرئيس الأمريكي بإعطاء الإذن لقصف المواقع التي تُمثل دُرة تاج البرنامج النووي الإيراني منتصف ليل السبت الأحد “21 – 22″، والتي أطلق عليها تسمية “مطرقة منتصف الليل”، والتي نفذتها “قاذفات B52 بيريست” الاستراتيجية، قد تكون بالفعل قضت على المشروع النووي الإيراني. وإن لم تُعلن نهايته، فهي طبعاً قد أصابته بخراب ودمار كبيرين قد يجعل من الصعب على إيران استعادته قبل عشرات السنين القادمة، خصوصاً أن الضربة الأمريكية أتت بعد أن قامت إسرائيل باغتيال العلماء الرئيسيين في البرنامج النووي الإيراني، وبذلك يصعب إيجاد هكذا علماء بين ليلة وضحاها.

نتيجة هذه الضربة للمراكز الثلاثة الرئيسية، وخصوصاً أبرزها منشأة فوردو الشديدة التحصين، بالإضافة إلى نطنز وأصفهان، فإنها أتت بعد فشل قيام الطائرات الإسرائيلية وحدها بتنفيذ هذه الضربات والوصول إلى النتيجة التي حققتها القاذفات الاستراتيجية الأمريكية، والتي تُعتبر الأولى والوحيدة على مستوى العالم التي تستطيع القيام بهذه المهمة، وأن تحمل القنابل الضخمة التي تستطيع اختراق الأماكن شديدة التحصين حالياً، إنها “قنبلة GBU-57A/B” والتي يصل وزنها حوالي “13 طن”.

إيران بعد الضربة: عزلة وانكشاف استراتيجي

إذن، فإن النظام الإيراني، بعد هذه الضربة القاصمة، لن يعود إلى ما كان قبلها، فهو صحيح قد لا يسقط قريباً، لكنه أُصيب بخلل وتشوهات كثيرة وكبيرة، خصوصاً أنه صرف مئات المليارات من الدولارات على البرنامج النووي، آملاً أن يكون بمثابة بوليصة التأمين التي يستطيع من خلالها حماية نفسه أو النأي بنفسه عن السقوط . ولكن لا يمكن لهذا النظام في إيران أن يعود إلى ما كان عليه قبل هذه الحرب المفتوحة، بل سيكون مضطراً في الفترة القريبة أن يعود صاغراً لطاولة المفاوضات، خصوصاً بعد أن خسر قبلاً أذرعته التي كان يُحضّرها لمثل هذا اليوم، حيث أصبح مضطراً للدفاع عن نفسه بمفرده، وأن يُقاتل وحيداً داخل حدوده، وهو بالطبع ما لا تستطيع ان تقوم به إسرائيل وحدها لولا تدخل الحليف الأمريكي، وخصوصاً بوجود رئيسها دونالد ترامب، الذي يُعتبر الحليف الاستراتيجي الأول لتل أبيب.

أثبتت إسرائيل أنها دولة لم تصل إلى مستوى أنها قادرة على العيش بسلام والدفاع عن نفسها لولا حلفائها الأمريكيين والأوروبيين

إسرائيل: هشاشة تحت المظلة الغربية

صحيح أن إيران تلقت ضربة قاصمة ومزعزعة لنظامها، وما خسرته من قادة عسكريين وعلماء نوويين قد أصابها بأعطاب كثيرة ومذلّة في بعض الأحيان، حيث أظهرت هشاشة نظامها الأمني وحتى برنامجها الصاروخي، على الرغم مما أصاب من خلاله إسرائيل من دمار. كذلك، أثبتت إسرائيل أنها دولة لم تصل إلى مستوى أنها قادرة على العيش بسلام والدفاع عن نفسها لولا حلفائها الأمريكيين والأوروبيين أيضاً. أي أنها ستبقى غير قادرة على أن تكون دولة طبيعية من دون الدعم الأمريكي والغربي، وهي بذلك لن تصل في المدى المنظور لتكون قادرة على النأي بنفسها من أن تُصاب بالدمار لولا الدعم الاستراتيجي الأمريكي والغربي لها.

ذلك يعني أن إسرائيل مجرد كيان يعيش على المساعدات الأمريكية والغربية، وهو بذلك يُثبت أنه جسمٌ غريب وسيبقى كذلك في الشرق الأوسط، وتحديداً في المنطقة العربية. وقد يكون فعلاً جسماً استعمارياً وجد في المنطقة العربية لمنعها من أن تكون متواصلة جغرافياً وتتجه نحو التنمية، والتأكد بأن هذه المنطقة ستبقى محكومة بأنظمة متخلفة راديكالية تساهم في قمع شعوبها ونهب خيراتها تحت شعار تحرير فلسطين ورمي إسرائيل في البحر.

وغني عن القول، ان هذا يؤدي إلى وأد كل فكر تنموي في المنطقة، ويُشكل عائقاً أمام تطور المنطقة العربية وإمكانية عيشها بسلام، ما يجعل من إسرائيل وإيران أدوات لاستمرار تخلف ومنع تطور وتنمية المنطقة العربية، بل العائق الرئيسي لخطط 2030، التي ينتهجها ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” وشركاؤه في مجلس التعاون الخليجي، وطموحاته في جعل منطقة الشرق الأوسط أوروبا الجديدة، كذلك الهدف في منع الشراكات التي بُنيت على إثر الزيارة الاخيرة للرئيس الأمريكي الى المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي.

اقرأ أيضا: ماذا بعد قصف فوردو؟

السابق
عن الحرب الاسرائيلية الايرانية قبل تداعيات الضربة الاميركية
التالي
إيران التي ستولد من الملاجىء