
شهد يومي الأحد والإثنين تصعيدًا عسكريًا لافتًا بين إسرائيل وإيران، مع دخول أطراف دولية وإقليمية على خط الأزمة، أبرزها الولايات المتحدة وروسيا. وقد دوّت انفجارات ضخمة فوق سماء الجنوب اللبناني، نتيجة صواريخ اعتراضية، تزامنًا مع موجات متتالية من الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة بين الجانبين.
وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت االيوم الاثنين عن إطلاق صواريخ مباشرة من إيران باتجاه العمق الإسرائيلي، بالتوازي مع تفعيل صفارات الإنذار في وسط إسرائيل إثر موجة ثانية من الهجمات. كما أعلن الجيش الإسرائيلي سقوط صاروخ في منطقة حيفا دون إنذار، عازيًا السبب إلى خلل في الرصد، وهو ما كشف ضعفًا في الجبهة الداخلية.
الرد الإيراني الممنهج
إيران، من جهتها، تنفذ عملية هجومية محسوبة لكنها ذات رسائل متعددة الاتجاهات. ففي الوقت الذي أعلن فيه المتحدث باسم مقر “خاتم الأنبياء” أن “ترامب قد بدأ الحرب لكن إيران من سينهيها”، نفّذت طائرات مسيّرة هجومًا من اليمن استهدف مواقع في “الأراضي المحتلة”، وفق ما أفادت وكالة “إيرنا”، مشيرة إلى أن “الموجة 21 لم تُفعّل بعد”، في إشارة إلى خيارات تصعيدية إضافية.
كما أكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن إحدى مسيّراته أُسقطت فوق الأراضي الإيرانية، بينما ردت إسرائيل بقصف ستة مطارات في وسط وشرق وغرب إيران، بينها مواقع استراتيجية في كرمانشاه، بحسب رويترز.
قائد الجيش الإيراني أكّد أن كل انتهاك أميركي سيُقابل بردّ، مشيرًا إلى أن “أيدي المقاتلين قد أُطلقت”، فيما وصف المرشد الإيراني علي خامنئي ما جرى بأنه “جريمة كبيرة ارتكبها العدو الصهيوني ويجب أن يُعاقب، وهو يُعاقب الآن”.
تحذير من حرب أوسع
الولايات المتحدة، وإن لم تعلن رسميًا دخولها في العمليات، إلا أنها نصحت مواطنيها حول العالم بـ”توخي الحذر”، في مؤشر على إدراكها لاحتمالات توسع المواجهة. أما الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فقد صرّح بأن “التدمير” هو المصطلح الأدق لوصف ما حدث للمواقع الإيرانية، ما يفتح الباب أمام شبهة دعم أو تنسيق مباشر.
بريطانيا، على لسان وزير قواتها المسلحة، شددت على ضرورة إيجاد “طريق دبلوماسي” لإعادة إيران إلى طاولة المفاوضات. وفي السياق نفسه، صرّح وزير الخارجية الإيراني بأن بلاده تنسق المواقف مع موسكو، والتي بدورها حمّلت إسرائيل وأميركا مسؤولية التصعيد، معتبرة أن “إسرائيل، التي تملك السلاح النووي، تقصف إيران التي لا تملكه”.
تأثرت الملاحة الجوية بالتصعيد، إذ أعلنت “إير فرانس” إلغاء رحلاتها إلى دبي والرياض، وسط مؤشرات على خشية من توسع دائرة النار.
إلى أين تتجه الحرب؟
السؤال الأبرز الآن: هل بلغت الحرب مداها الأقصى أم أن ما نراه هو مقدمة لمواجهة أكبر؟ التصريحات الإيرانية حول “الموجة 21” التي لم تُطلق بعد، إلى جانب قصف مباشر لمواقع استراتيجية في إيران، تؤشر إلى أن السيناريو التصعيدي ما زال مفتوحًا.
لكن في المقابل، يُلاحظ نوع من “الحسابات الدقيقة” في الضربات، ما قد يدل على محاولة كل طرف تثبيت معادلة ردع جديدة، دون الانجرار إلى حرب شاملة.
في ظل هذا التوتر، يبقى الدور الأميركي هو الحاسم: فإما يمضي نحو تصعيد مفتوح، أو يمسك بزمام التهدئة، ما لم يُفرض عليه من الداخل الإسرائيلي دفع الأمور نحو المجهول. وإذا كانت إيران ترى في التصعيد فرصة لتعديل قواعد الاشتباك، فإن إسرائيل، المحاصرة أمنيًا وسياسيًا، قد تجد نفسها مدفوعة لردود أكبر ولو على حساب الانفجار الإقليمي الكامل.
الخلاصة، هي ان المنطقة اصبحت على فوهة بركان، والحرب المفتوحة لم تعد احتمالاً بعيدًا، بل واقعًا متدرجًا تُكتب فصوله يومًا بيوم، وقد تكتب قريبًا تاريخًا جديدًا للمنطقة.
اقرأ أيضا: ماذا بعد قصف فوردو؟