
(إلى الذين لا يهتمّون لحياتنا… إلا إن عطست أنابيب النفط)
لم تكن صواريخ، ولا زلزالًا، ولا حتى وباءً فتاكًا.
كلّ ما حصل أن إيران عطست في مضيق هرمز.
فتحوّل العطس إلى إنذار عالمي،
وارتفعت حرارة النفط، وانخفض ضغط الدولار، وامتلأت رئات البورصة بالدخان.
لم يتحرّك العالم حين امتلأت غزة بالركام، ولا حين أُحرقت خيام اللاجئين في الشتاء، ولا حين أكل الأطفال أوراق الشجر في اليمن. لكنه تحرّك كلّه دفعة واحدة،حين توقّفت ناقلات النفط عن المرور بسلاسة.
وكأنّ برميلًا واحدًا من النفط
أثمن من مئة طفل لاجئ لا يجد خبزًا أو حضنًا.
الجنرالات الغربيون هرعوا إلى خرائط البحر، رجال الاقتصاد أغلقوا بورصاتهم وفتحوا أفواههم، دول الخليج عقدت اجتماعات طارئة، والإعلام نسي فلسطين وسوريا والعراق، وصار يسأل: كم دقيقة يحتاج العالم ليختنق بلا نفط؟
إيران، تلك التي تعرف كيف توجع العالم دون أن تطلق رصاصة، تلوّح بمفاتيح المضيق، كمن يهدد العالم بكلمة سرّ
قادرة على تعطيل ماكينة الحياة الرأسمالية. لكنها، في الوقت نفسه،
تعرف أن المفاتيح ليست بيدها وحدها،
وأنها إن أغلقت الباب، قد لا تستطيع فتحه من جديد.
أما نحن، فننظر من بعيد…
كما تعوّدنا: نخاف من زلزال لسنا طرفًا فيه، نصطف خلف الشاشات لا خلف المواقف، ونُكثر الدعاء أن تمرّ العاصفة
دون أن تُسقط قواربنا المثقوبة.
العالم لا يتحرك من أجل الدم، بل من أجل البترول. لا يبكي على مجازر الفقراء، بل على اختناق الأسواق.
أما الشعوب؟ فهي “أضرار جانبية”
في معركة الممرات البحرية.
بلادٌ كلما اختنق المضيق… ضاقت بها الحياة أكثر…