إيران بين سيوف الماضي وقصف الحاضر: سقوط «الإمبراطورية» للمرة الثانية..

المفاوضات الاميركية الايرانية

في عام 651 سقطت الإمبراطورية الفارسية، على صليل سيوف خير أمة أخرجت للناس، وفي عام 2025 سقطت ثانيةً الإمبراطورية الفارسية على قصف طائرات شعب الله المختار، وبدقائق معدودة، بعد أن أُخذت إيران على غفلة من مرشديها النوويين.

هل هو قدر مقدّر من الله، أن تسقط الدولة القومية الفارسية كلما بلغت سن العظمة؟

أم هو منطق تاريخ الإمبراطوريات المغامرة؟

أم هي سُنّة الشرق في خسرانه المبين؟

موجع درء الحقائق، وتلبية سياسة العوافي في بيادر الهزيمة، كل الانهيارات التي تمّت دفعة واحدة تدفعنا إلى النظر في مرآة الحقيقة، كي نرى وجوهنا في وجوه أعدائنا، علّنا نرى هزائم الانتصارات المتكررة منذ عملية طوفان الأقصى، وحتى اللحظة التي عرّت إيران من لباس القوة.

كان العنكبوت اليهودي أقوى من طيورنا الكواسر، وهذا ما شجّع العدو علينا حين غدرناه، فاصطادنا جميعًا بصنارة السهو الذي غشّنا به، وجعلنا نرقص على جثثه في عملية “طوفان الأقصى” التي هزّت فرائصنا طربًا، لنكتشف بعد فعلة حماس هذه أننا في الحقيقة كنّا نرقص على جثثنا وأنقاضنا وأطلالنا.

محور الممانعة… من القوة إلى الانكشاف

رعت إيران، لأكثر من ثلاثة عقود، محور الممانعة والمقاومة، بعد أن أسّست له، وشرّعت له أبواب القوة، واستكملت بناء قدراتها الذاتية، بحثًا عن بطاقة دخول إلى النادي النووي، وهذا ما جعل منها رقمًا صعبًا في منطقة الشرق الأوسط، ودولة ببعدٍ إمبراطوري، من خلال امتدادها في أكثر من عاصمة عربية، ومن موقع السيطرة.

بلغت ايران بسرعة الضوء مكانة عالية في الحسابات الإقليمية، وكانت في أكثر من مرحلة رهانًا أمريكيًا لأكثر من إدارة ديمقراطية، وكان العراق أثمن هدية قدّمتها أمريكا لها، لا حُبًّا بها، ولا حرصًا عليها، بقدر ما هي تلبية لنزعة استعمارية تسعى دومًا لتفتيت البنية العربية الإسلامية إلى هويات ضائعة، في حروب متعددة الوظائف والمصالح والأهداف.

جعلنا العدو نرقص على جثثه في عملية “طوفان الأقصى” التي هزّت فرائصنا طربًا، لنكتشف بعد فعلة حماس هذه أننا في الحقيقة كنّا نرقص على جثثنا وأنقاضنا وأطلالنا.

دخلت إيران، أو أُدخلت، حروبًا بأبعاد طائفية ومذهبية، وتمكنت من التفوّق في هذه الحروب جميعًا، وهذا ما زادها نفوذًا في منطقة أوسطية تتصارع فيها مع دول منافسة لها في السيطرة والسطوة، وتتقاوم مع كيان مدعوم من قِبَل عالمٍ مجنونٍ بدور إسرائيل في الشرق الأوسط..

من طوفان الأقصى إلى الزلزال النووي

جاءت عملية طوفان الأقصى، عن علم إيران بها أو عن غير علم، لتمتحن محور الخير مع محور الشر، فتمكن الأخير من صنع انتصارات أو إنجازات تاريخية، شجعته أكثر على تهديد إيران، وضرب برنامجها النووي بكل محمولاته.

وصول المفاوضات الأمريكية – الإيرانية إلى حائط مسدود، ورفض إيران المطلق للشروط الأمريكية، منح العدو اللحظة المنتظرة منذ سنوات، وقرّر، بغطاء أمريكي، هدم معالم البرنامج النووي. نجاحه في هدم الهيكل النووي كأشخاص ومنشآت، حمّسه أكثر على استهداف كل مرتكزات القوة في بنية الجمهورية.

هذا النجاح في الاستهدافات المتعددة، رفع من سقف الشروط الأمريكية، وهيّأ للبيت الأبيض الدخول السهل إلى الحرب على إيران، في تحضيرات توحي باقتراب حسم الحرب لصالح الشروط الأمريكية.

وصول المفاوضات الأمريكية – الإيرانية إلى حائط مسدود، ورفض إيران المطلق للشروط الأمريكية، منح العدو اللحظة المنتظرة منذ سنوات، وقرّر، بغطاء أمريكي، هدم معالم البرنامج النووي.

هل سقطت إيران مرتين، وفي زمنين مختلفين، نتيجة لتقديرات خاطئة؟

كان العرب أول من أسقطوا الإمبراطورية الفارسية، واليوم، يأتي ثانية من يسقط  الحلم الإمبراطوري للجمهورية الاسلامية الايرانية، على يد الغرب العدوّ التاريخي المتحرر من كل قيدٍ قانوني، أو شرعةٍ دولية، أو إنسانية، ومعفى من كل الجرائم التي يرتكبها.

اقرأ ايضا: حرب إيران وإسرائيل: نهاية زمن الوكالة وبداية صراع البقاء

السابق
أسرع من الصوت.. تفاصيل عن الصاروخ «فتّاح» الذي أطلقته إيران على إسرائيل
التالي
توم براك في لبنان غداً.. وتصميم لبناني بالنأي عن الحرب