
لا مكان لأي اتفاق نووي أو غير نووي اليوم أو غدًا أو بعد غد! ولا يمكن لإيران، من جهتها، أن توافق على توقيع وثيقة استسلامها. وكل اتفاق اليوم يعني استسلام إيران!
وهذا الاستسلام عرضه الرئيس الأميركي دونالد ترامب على المرشد الإيراني السيد علي الخامنئي؛ فأعطاه الخيار في رسالته في آذار/مارس الماضي بين التفكيك الطوعي للبرنامج النووي الإيراني وبين تلقي ضربة عسكرية رهيبة.
إذ إن العرض الأميركي الوحيد لإيران هو تفكيكها طوعًا لبرنامجها النووي! في حين أن إيران تتمسك بحقوقها النووية بحسب وزير خارجيتها عباس عرقجي، وهو ما تعتبره إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا “مخاطر نووية جدية” ضد الكيان الإسرائيلي… والعالم كله، وبالتأكيد، فإن إسرائيل لن توقف الحرب قبل التدمير الكامل للبرنامج النووي الإيراني، ما يُبشّر بأن الحرب طويلة ومكلفة، ولن تنتهي في أسبوعين كما يتوقع الكثيرون.
إسرائيل تعتبر احتمال امتلاك إيران للقنبلة النووية خطرًا وجوديًا عليها، وهو أكبر المخاطر على مستقبلها، كما أكد مرارًا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
نقطة الانطلاق لضرب إيران جاءت خلال المكالمة الهاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وخرجت المعادلة: إيران مقابل أوكرانيا!
كل ذلك، وسط مزيد من التهديدات الإسرائيلية بتوسيع نطاق ضربات المواقع النووية الإيرانية، وزيادة استهداف مواقع الدفاعات الجوية فيها.
في حين أن إيران تعتبر أن إسرائيل قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء بضربها مواقعها النووية.
إسرائيل تعتبر احتمال امتلاك إيران للقنبلة النووية خطرًا وجوديًا عليها، وهو أكبر المخاطر على مستقبلها، كما أكد مرارًا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
ضرب فوردو… وتحالف الدعم الغربي يتشكل
“إسرائيل كانت دعت الولايات المتحدة إلى المشاركة مباشرة في الحرب” لن تتأخر الولايات المتحدة في دخول حرب الإسناد لمساندة إسرائيل. فإسرائيل تحتاج لخدمات الطائرات الأميركية كالقاذفة B52، أو طائرة الشبح B2 Spirit، وذلك لضرب بعض التحصينات النووية مثل موقع فوردو!
إسرائيل كانت دعت الولايات المتحدة إلى المشاركة مباشرة في الحرب (مشاركة بطائراتها الخاصة وقاذفات القنابل الكبرى التي لا تملكها إسرائيل) لضرب موقع فوردو تحديدًا، الذي لا يمكن للمقاتلات العادية، حتى الـ F35 أو F16 أو F22، اختراقه بصواريخها، بحكم تواجده في منطقة جبلية وبعمق كبير.
ضرب فوردو إذا ما حصل سيكون منعطفًا كبيرًا في الحرب الجارية بين إسرائيل وإيران، إذ تحوّلت العمليات العسكرية بين إسرائيل وإيران، والمستمرة منذ أربعة أيام، إلى حرب مفتوحة، تأخذ كل يوم أبعادًا جديدة.
إسرائيل استهدفت المنشآت النووية؛ من نطنز وأصفهان وفوردو إلى منشآت نفطية ومصانع وأهداف استراتيجية في تبريز وبارس.. وصولًا إلى قلب طهران، مع تحييد مفاعل بوشهر النووي، الكهربائي المدني، ومفاعل أراك حتى اليوم.
في المقابل، نجحت إيران في تحقيق إصابات مباشرة في داخل تل أبيب وحيفا. ونجحت في تدمير أكثر من 50 مبنًى، معتبرة أن كل ما تقوم به هو من موقع الدفاع عن النفس، وأنها لا تريد التوسع في الحرب. إصابات مباشرة وقاسية غير معتاد عليها الرأي العام الإسرائيلي.
والنتيجة هي 24 قتيلاً وحوالى 500 مصاب من الجانب الإسرائيلي في الأيام الأربعة الأولى للحرب.
وذلك، في حين أنه تمّ تسريب وثيقة “سرية” عسكرية إسرائيلية سابقة لانطلاق الحرب تقول إن التوقعات في خسائر الحرب في إسرائيل تصل إلى 800 قتيل و4000 جريح.
والمفارقة أن الرأي العام الإسرائيلي داعم بقوة للحرب على إيران، باعتبارها رأس المخاطر ضد الوجود الإسرائيلي.
في إيران، حوالى 300 قتيل، وأضرار وخسائر هائلة. والبرنامج النووي تعرّض لأضرار كبيرة جدًا، خاصة في الأماكن الظاهرة في نطنز وأصفهان. وإن كان مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي أكد أن المنشآت السفلية لمحطة نطنز لم تتأثر بالضربات حتى الساعة!
الولايات المتحدة تعتبر نفسها غير مشاركة في الحرب حتى الآن! والرئيس الأميركي دونالد ترامب يقول إن الولايات المتحدة لم تشارك في هذه الحرب! في حين أن وزير الخارجية الإيراني عرقجي يؤكد عكس ذلك!
ومع ذلك، فإن الأصوات الديمقراطية، وحتى بعض الأصوات الجمهورية في الولايات المتحدة، تعتبر أن الحرب بين إيران وإسرائيل لا تخص الولايات المتحدة مباشرة، وإن كانت موافقة بمجملها على الاستمرار بالدعم المالي واللوجستي لإسرائيل!
إيران في تحقيق إصابات مباشرة في داخل تل أبيب وحيفا. ونجحت في تدمير أكثر من 50 مبنًى، معتبرة أن كل ما تقوم به هو من موقع الدفاع عن النفس، وأنها لا تريد التوسع في الحرب.
الأوروبيون: لاعب احتياط في ساحة اللاعبين الكبار
الاتحاد الأوروبي يدعو كل من إسرائيل وإيران إلى ضبط النفس… فقط!
الاتحاد الأوروبي قلق! وهو يحذر من مخاطر التصعيد بين إسرائيل وإيران، ويبدو عاجزًا عسكريًا ومشلولًا دبلوماسيًا. يكتفي بإطلاق المواقف في الإعلام، وبالمناشدات.
وهو موقف مشابه لدوره في الحرب على غزة، وفي الحرب على لبنان، وهو أفضل من دوره في الحرب الروسية – الأوكرانية التي اتخذ فيها موقفًا مع أوكرانيا ضد روسيا، بدلًا من أن يلعب دور الإطفائي والوسيط في الحرب الجارية على الأرض الأوروبية.
وفي تطور ولو بسيط، قامت مسؤولة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كلاس بدعوة وزراء الخارجية الأوروبيين إلى اجتماع فيديو للبحث في تطورات الحرب بين إسرائيل وإيران.
من جهتها، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تعرض على إيران إطلاق مباحثات نووية. ولكنها بالتأكيد تحتاج لأن تنتظر دورها خلف الأميركيين.
موقف فرنسا الخاص ليس أفضل حالًا، فموقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان مناشدة الإيرانيين بعدم التعرض للمواطنين الفرنسيين والمصالح الفرنسية في المنطقة.
الرئيس ماكرون دعا الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للعودة إلى طاولة المفاوضات بأسرع وقت ممكن، معتبرًا أن كل المنطقة تواجه مخاطر الاضطرابات والتوتر.
وكان الرئيس ماكرون قد أكد للرئيس بزشكيان أن العودة إلى طاولة المفاوضات هي السبيل الوحيد لتهدئة الأوضاع، فيما اعتبر بزشكيان أن العودة إلى طاولة المفاوضات مستحيلة في ظل المطالب الأميركية المستحيلة والتعجيزية.
وفي كل الأحوال، فإن أوروبا ليست مدعوة إلى طاولة المفاوضات النووية، التي إن استمرت، فهي ستكون أميركية – إيرانية حصريًا، إلا إذا “تكرّم” الأميركيون على الأوروبيين بالمشاركة.
من جهتها، بريطانيا تتحضر فعليًا للمشاركة في الحرب إلى جانب إسرائيل، بتأكيد رئيس حكومتها كير ستارمر على إرسال مقاتلات وطائرات بريطانية إلى الشرق الأوسط للمشاركة إذا ما لزم الأمر.
أي أن بريطانيا ستقوم بـ”حرب إسناد” لمساندة إسرائيل إذا ما دعت الحاجة، وهي قد تسبق بذلك تدخل الولايات المتحدة، وبالتنسيق معها بالتأكيد.
والتصرف البريطاني مؤشر إلى ترقّب تدهور الأمور عسكريًا في المنطقة، وإلى تصاعد منسوب التوتر العسكري بين إسرائيل وإيران.
المستشار الألماني فريدرش مرتس، كان دعا الحكومة الأمنية الألمانية إلى الاجتماع العاجل بعدما كانت الحكومة الإسرائيلية قد أبلغته عن الضربة التي كانت ستواجهها إيران. وهو دعا بعدها الأطراف إلى ضبط النفس، ولم يُخفِ نيّته في دعم إسرائيل.
في وجه عام، يقوم الأوروبيون بالتنسيق مع الولايات المتحدة. وهم في الواقع يمشون خلفها في كل الملفات والحروب.
والأوروبيون الذين يطالبون بالتهدئة يؤكدون، كما أكد الرئيس ماكرون، ولو بتحفظ، على حق إسرائيل المشروع بالدفاع عن نفسها. ولا ينسون توجيه اللوم إلى إيران بسبب برنامجها النووي، الذي يعتبرونه خطيرًا، حتى ولو ساهم بعضهم ببنيانه.
مرة جديدة، تثبت أوروبا أنها لاعب احتياط. وليست لاعبًا أساسيًا على المسرح الدولي. فالقرارات الدولية لا تحتاج لها، ولا للهيئة العامة للأمم المتحدة، ولا لمجلس الأمن… بل يكفي اليوم لاتخاذ القرارات الكبرى مكالمة هاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين… “وبس” “والباقي خس”! كما تختصر بتهكم المقولة الشعبية اللبنانية.
العمل على تغيير النظام في إيران لا يشمل انقلابًا عسكريًا، بل تبديلاً في موازين القوى بين التيار الإصلاحي الرئاسي بقيادة الرئيس مسعود بزشكيان وبين الحرس الثوري. وتساعد الاغتيالات الإسرائيلية لكوادر الحرس الثوري في الذهاب بهذا الاتجاه.
الحرب مستمرة، وهي لن تقف على بوابة “الأسبوعين” فقط ، فالمعركة هي معركة “كسر عظم”!
ومن جهة الجانب الإسرائيلي، فإن الفاتورة المفتوحة، والنازفة بقوة، لن تُقفل كي لا تحتاج لفتحها من جديد.
وإيران تراهن، كما راهن حزب الله من قبل، على عامل الوقت، ولكن الوقت لا يبدو في مصلحتها، لأنه قد يشهد تشكيل حلف دولي أميركي – أوروبي ضدها.
اقرأ ايضا: حرب إيران وإسرائيل: نهاية زمن الوكالة وبداية صراع البقاء