إلى السادة «البنك الدولي»: أوقفوا العمل بـ«سدّ بسري».. هناك بديل علمي أقلّ كلفة وضررا

"ملاحظات علمية وبيئية بشأن مشروع سد بسري تحت عنوان "تعزيز إمدادات المياه لبيروت"

حضرات السادة،

أتوجه إليكم بهذه الرسالة بصفتي خبيرًا في علوم المياه الجوفية الهيدروجيولوجيا، وبناءً على سنوات من الدراسات الميدانية والخبرات التقنية المتراكمة لاسيما في منطقة بسري وذلك لإبداء ملاحظات جوهرية حول مشروع السد الذي تم تقديمه كحل لتعزيز إمدادات المياه للعاصمة بيروت.

تشير  الدراسات الجيولوجية  إلى أن الموقع المختار للسد يشكل بيئة غير مستقرة من الناحية البنيوية. فقد أظهرت  الأبحاث الجيولوجية  التي أعدّتها البعثة الجيولوجية الفرنسية أن قاعدة وادي بسري قد تعرضت لخسوفات صخرية في الماضي، ما يجعلها معرضة للخسف مجددًا في المستقبل، مما يُضعف قدرتها على تحمل أوزان السد والمياه المتجمعة فوق هذه القاعدة الصخرية. أظهرت عمليات حفر آبار  تفتيشا عن مصادر مياه جوفية  أن المنطقة تحتوي على شبكة من الفراغات والتجاويف الجوفية الطبيعية في عمق الصخور الكربوناتية، التي نحتتها مجاري المياه الجوفية على مدى ملايين السنين الماضية. تكررت حالات انهيار تام لآبار محفورة في بلدة  بنواتي وبئر أخري خاصة بالقرب من مجرى النهر، أربعة آبار تابعة لمجلس الإنماء والإعمار لاقت أثناء الحفر فراغات في الطبقة الصخرية علي أعماق من 90 الى 100 متر، ما يثبت هشاشة الأساس الصخري في المنطقة.

أؤكد لكم وفق ما ثبت لنا علميًا من متابعة آبار المنطقة،وجود مخزون مائي جوفي عالي المستوى في سقف  الصخور الكربوناتية  الكارستية العائدة لعصر الجوراسيك الأعلى على أعماق بسيطة لا تتعدى  ال150 مترًا ( آبار مجلس الإنماء والإعمار)، ضغط المياه  الجوفية الجارية منع الحفارات من استكمال الحفر في العمق الصخري.

المياه موجودة ومخزنة طبيعيًا، بدون الحاجة إلى قطع أشجار الصنوبر المعمر، أو ضخ الباطون الذي يقتل التربة والنبات، أو القيام باستملاكات. لماذا الإصرار على السد؟ نحن نريد ماءً وليس سدًا؛ فالمياه متوفرة بكلفة زهيدة وبدون أضرار بيئية أو مالية.

أوقفوا العمل بالسد، وسارعوا إلى ضخ المياه العذبة النقية من الآبار المحفورة، هل تجرؤون على فعل ذلك؟ أهل إقليم الخروب ينتظرون المياه منذ تسع سنوات.

الحقيقة، بكل مراجعها العلمية، موجودة ومعدّة للوقوف بوجه الفساد والتجهيل. العلم هو الحكم، وسيعلم الناس، خاصة أهل مرج بسري وبيروت، حجم الخراب الذي ارتُكب بحقهم، ولن يتوانوا عن المطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هدر المال العام والطبيعة معًا.

السادة الكرام،

من المؤسف أن المشروع، الذي يفترض به أن يكون تنمويًا، قد ترافق مع استغلال بيئي خطير، تمثل في أعمال حفر وتجريف وإنشاء كسارات وشفط للرمال وقطع للأحراج، في سابقة تتعارض كليًا مع مبادئ التنمية المستدامة التي يرفعها البنك الدولي.

إن الاستمرار في صرف أو تسييل ما تبقى من الأموال المخصصة للمشروع وعدم استخدامها في وجهة صحيحة مستدامة وأقل كلفة وأقل ضرارا وأكثر فائدة وريا للعطشى، رغم ما تقدم من معطيات موثقة، يُعدّ استكمالًا لمسار غير علمي، يحمل أضرارًا بيئية واجتماعية جسيمة لا يمكن تبريرها.

لذا، نطلب منكم إعادة النظر في دعم هذا المشروع، والاعتماد على البدائل المائية المجدية والمتوفرة، التي أثبتتها الدراسات الرسمية والعلمية والميدانية، وذلك احترامًا لمبادئكم البيئية والإنمائية، ولحقوق المجتمعات المحلية التي طال انتظارها لمياه الشرب.

نضع هذه الحقائق أمامكم للتاريخ والحقيقة.

(الدكتور سمير زعاطيطي_خبير هيدروجيولوجي)

السابق
ترامب يحذر إيران: التوصل إلى اتفاق قبل شن هجمات أكثر عدوانية
التالي
بري يشنّ هجوماً على إسرائيل: عدوانها على إيران يهدد الأمن الدولي ويغتال فرص السلام