
ليست مسألة حفاوة عربية خليجية سعودية ملكية بملك العالم، ولا هي مجاملة عابرة لرئيس زائر، ولا هي زيارة عابرة لمملكة عابرة… ثمّة توقف لا لساعة تأمل، بل بحث عن الدلالة التاريخية للمملكة العربية السعودية الثابتة أمام التغيرات، والقادرة على الاستمرار رغم عصفها السياسي الداخلي المجنون، الذي كبح جماح الوهابية في نسختها المتطرفة وأتاح وهابية معاصرة خارجة من رحم التاريخ المتشدد، وداخلة للتوّ في نهضة حداثوية متساهلة مع متطلبات العصر.
ترامب الصديق
نجح الرئيس الأميركي ترامب لا كضيف جاء ليحمل معه كرم الضيافة، بل كصديق قادر على صنع حفاوة مشهدية من شأنها ان تعزز من دور المملكة في منطقة تزدحم بدول تصطنع قوة السيطرة عليها.
بلغ المال مبلغه في شراء القوة، سواء كانت ذاتية أو خارجية، وهذا الصرف على القوة هو أحد عيوب العالم المستقوي بالنفوذ المدمر للكتلة البشرية، دون مراعاة حاجة البشر، وحاجات الطبيعة، أوضرورة التوقف عند حدود السلامة العامة في كبح جماح الأمم المتعلقة بخيارات القوة، ما يسهم في تعزيز خيارات السلم بمعناه الإنساني، لا بمعناه السياسي الذي يستدعي خبثًا في الخيارات على ضوء موازين القوة.
إحدى الحفاوات المهمة في استقبال الرئيس الأمريكي في المملكة العربية، إعلان ترامب عن رفع العقوبات عن سورية في بيعة واضحة للأمير محمد بن سلمان، الذي اجتهد في تحيّز الفرصة لتقديم مساعدة استثنائية لسورية، لعّل وعسى ان يُحسن السوريون التقاط الخدمة التي وفرها السعوديون لهم.
من ضرورات فهم الخدمة السعودية لسورية المزيد من التبرؤ من أخوان الشام، وعدم المضي في مشروع الهيمنة على المؤسسات من قبل أهل اللحى باسم الدستور الذي فصل وفق إرادة نفوذ الواقع الجديد والمستجد في سورية.
كأن المطلوب توسعة الراحة في الشأن العربي، وخاصة في الموضوع الفلسطيني وضرورة قيام الدولة الفلسطينية وفق القرارات الدولية، وهذا وحده الضامن لاستقرار المنطقة، وهذا ما يستدعي السلم العادل كي نحرز تقدمًا في واقعنا المأسوي.
لغة المال
كانت إيران مزدهرة وأصبحت صحراءً، وكانت السعودية صحراءً وأصبحت مزدهرة، معادلة في منطق القوة ما بين الصاروخ البالستي وصاروخ التنمية، هذا التوصيف من قبل الرئيس الأمريكي، يحرض على اعتماد القوة في التنمية.
على مدار أكثر من ساعة من الحكي الأمريكي على لسان الرئيس ترامب، سيطرت لغة المال، وهذا بحد ذاته دعوة للتفكير الصحيح في تحسين شروط البنى الاقتصادية، وخاصة بالنسية للدول التي تتعاطى سياسة القوة في الصاروخ، وقد أثبت هذا الصاروخ فشله في الحرب، ولم يسعف فلسطين ولا لبنان، ولم يؤمّن غير “القات” للحوثيين، ولم يٌجلب منفعة لإيران.
قراءة أخرى أكثر حرارة ترى القوة المشتراة من شأنها أن تبيع كل ما تملك لبائع القوة، وأن صرف المال على بناء القوة الذاتية فيه من الكرامة ما ليس موجودًا في ذمّة البائعين.
بين الكرامة وعدمها، منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً ..
اقرا ايضا: زيارة عون تستعيد دعم الكويت..وترامب في قمة الرياض يدعو لبنان للتحرر من «حزب الله»..