
“ممر داوود” هو مصطلح رمزي يُستخدم للإشارة إلى مشروع جيوسياسي يُعتقد أنه جزء من رؤية إسرائيلية توسعية تُعرف بـ”إسرائيل الكبرى”. يهدف هذا المشروع إلى إنشاء ممر يمتد من الجولان السوري المحتل عبر جنوب سوريا، وصولًا إلى الحدود العراقية، مما يمنح إسرائيل نفوذًا مباشرًا على مناطق غنية بالموارد الطبيعية ومواقع استراتيجية.
اذن، ممر داوود يقرّب قادة الكيان الصهيوني من حلم إسرائيل الكبرى، فالمنطقة التي يستهدفها هذا المشروع بتتمتع بأراض زراعية خصبة وغنية بالموارد المائية، وفيها احتياط نفطي كبير.
مشروع استراتيجي
يعتقد أن هذا الممر سوف يُستخدم لأغراض استراتيجية، منها:
- الوصول إلى الموارد الطبيعية: مثل النفط والغاز في العراق.
- تقويض النفوذ الإيراني: من خلال قطع خطوط الإمداد بين إيران وسوريا ولبنان.
- تعزيز العلاقات مع الأكراد: من خلال دعم فكرة إنشاء منطقة كردية ذات حكم ذاتي.
ويراقب جيش العدو الإسرائيلي المنطقة كليا، وبينما يتذرع بأن الأهداف من تحركه العسكري المتزايد هو تعزيز أمنه القومي بعد سقوط نظام البعث في سوريا. وحذّرت دول المنطقة، وخاصة تركيا من سعي إسرائيل الى تنفيذ ممر داود، وتؤكّد انه شريط جغرافي ضيق يمتد عبر قلب المشرق العربي حيث يبدأ إنطلاقة من مرتفعات جبال الجولان المحتل في الجنوب الغربي ويمر في المحافظات الجنوبية السورية المحاذية للأردن وإسرائيل وهي محافظات درعا و القنيطرة ثم يتوجه شرقا عبر محافظة السويداء في جبل حوران ويدخل البادية السورية في إتجاه المثلث الحدودي _ معبر التنف الإستراتيجي على الحدود السورية _ الأردنية _ العراقية _ ومنطقة التنف الذي تعد نقطة أرتكاز إستراتيجية مهمة، إذ توجد فيها قاعدة عسكرية أميركية تسيطر على المواصلات بين العراق وسوريا، وبعدها يمتد الممر الى شمال شرق سوريا عبر محافظة دير الزور وصولا إلى نهر الفرات حيث مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية _ قسد _ الأكراد _ شرق نهر الفرات وصولا إلى كردستان العراق عبر الحدود السورية _ العراقية.
صحيح ان فكرة مشروع داود ليست جديدة، لكن الظروف الإقليمية المستجدة في منطقة الشرق الأوسط أعادت الحديث عنه بقوة، وجعلته مشروعا استراتيجيا، فهو يلامس الطموحات الصهيونية التوسعية الدينية القديمة.
رغم النفي الاسرائيلي الرسمي، فإن الواقع الجيوسياسي يؤكده، لأن مشروع ممر داود يحمل عدة أهداف، أهمها جعل سوريا مفككة وضعيفة
منذ تأسيس الحركة الصهيونية طرحت بعض قادتها تصورات ونظريات عن حدود توراتية دينية تمتد من نهر النيل _ مصر إلى نهر الفرات _ العراق. وخلال العقود الماضية ظهرت عدة مخططات لتقسيم الدول العربية المجاورة لتحقيق وتطبيق هذه الرؤية، ومنها خطة سرية خاصة في العام 1970، فقد سعت إسرائيل لإقامة كيانات متعددة في مناطق في جنوب سوريا لتكون حاجزا بينها وبين دول العالم العربي، وأحبطت هذه الخطة الإسرائيلية بعد كشفها، ورفض القيادات الدرزية والعربية معا التعاون معها، بعدها طرح باحثون إسرائيليون في العام 1982 عدة سيناريوهات لتفكيك دول منطقة الشرق الأوسط فيما عرف في عنوان “خطة ينون”، بما في ذلك تقسيم سوريا إلى عدة كيانات طائفية ضعيفة يسهل التعاون معها.
تنكر إسرائيل رسميا وجود هكذا نظريات ودوافع توسعية صهيونية دينية، وتصف حديث الإعلام المعادي لها عن مشروع “ممر داود “بأنه تهويل يستثمر الشعور بالخوف ويستغله اعداءها للتعبئة ضدها.
انقسام الاسرائيليين
ويدعي مسؤولون إسرائيليون بأن تحركاتهم في سوريا هدفها الأساسي هو أمني، لمنع أي تموضع قوى المقاومة على حدودها الشمالية، ورغم النفي الرسمي، فإن الواقع الجيوسياسي يؤكده، لأن مشروع ممر داود الإسرائيلي يحمل عدة أهداف، أهمها جعل سوريا مفككة وضعيفة،عبر إضعاف الحكومة المركزية، اذ أن مشروع ممر داوود سوف يقسم سوريا إلى قسمين ويفصل المناطق سيطرة الحكومة السورية الجديدة في الشمال والغرب عن مناطق الجنوب والشرق الغنية في الموارد الطبيعية والنفط، بالتوازي مع سيطرة اسرائيل على مناطق التنف والبو كمال عند الحدود السورية _ العراقية حيث يقطع التواصل البري بين إيران وحلفاؤها في سوريا ولبنان.
ممر داوود يقرّب قادة الكيان الصهيوني من حلم إسرائيل الكبرى، فالمنطقة التي يستهدفها هذا المشروع بتتمتع بأراض زراعية خصبة وغنية بالموارد المائية، وفيها احتياط نفطي كبير.
الرأي العام الاسرائيلي منقسم كذك حول “مشروع ممر داوود” كونه يغامر في التوغل العميق في سوريا، وهذا يحتاج الى موارد عسكرية ومالية ضخمة، وتقدر تقارير ومصادر إستراتيجية أن تنفيذ مشروع ممر داود يحتاج إلى مليارات الدولارات لإقامة البنية التحتية و تأمينها.
ويأتي هذا في وقت يعاني فيه العدو الإسرائيلي من مشاكل إقتصادية كبيرة جدا نتيجة عدوانه وحربه المدمرة على قطاع غزة، كما أن جيش الإحتلال الإسرائيلي منهك من تلك الحرب، إذ تكبد خسائر كبيرة ويواجه نقصا حاداً في المعدات والذخائر، وبالتالي فهو غير قادر على الدفع بقوات كافية لتأمين مشروع ممر داود بطول مئات الكيلو مترات مع دعم دفاعي وجوي متواصل يفوق طاقته، وإذا حاولت إسرائيل الإستمرار في توغلاتها دون غطاء أميركي، فقد تجد قطاعات جيشها ممتدة بشكل خطير مكشوف عسكريا، وهذا سيؤدي حتما الى هزيمة “مشروع ممرّ داوود”.
اقرأ أيضاً: صراع تركي اسرائيلي: «من يكسب سوريا سيتحكم بتوجهات المنطقة على مدى 100 عام»!!