
يأتي سانت كلوز هذه السنة الى الخليج في الربيع وليس في الشتاء، في أجواء “ميلادية” حارة، وبالكرافات الحمراء! الرئيس الأميركي دونالد ترامب يحمل للخليج هدايا أمنية، ولكنه سيعود منه بهدايا اقتصادية هائلة،مع هدية كبرى سعودية، عبارة عن اتفاقات اقتصادية يمكن ان تصل قيمتها الى تريليون دولار على مدى السنوات المقبلة.
إذ يزور الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخليج “العربي” (وليس الفارسي كما يؤكد) خلال أيام، حاملاً معه في جعبته هدايا عديدة، أبرزها هي يد إيران المقطوعة في اليمن، بالإضافة الى الأذرع الإيرانية الأخرى!
زيارة الرئيس ترامب ستكون اقتصادية في أساسها ومضمونها. وستشمل المساهمات الخليجية في الاستثمارات في الداخل الأميركي بتريليون دولار على الأقل. كما ستشمل توقيع شراكات استثمارية في مجال التكنولوجيا على الأرجح، وتمويل تكلفة الحرب في المنطقة…
الضرائب الجمركية الأميركية ستكون ايضاً على جدول الرئيس الأميركي في زيارته الخليجية. ولكن هذا الموضوع قد لا يكون له تأثير كبير على الاقتصادات العربية، خصوصا إذا ما وزعت استثماراتها على السلع الاميركية المستوردة!
استسلام ايران
إما الاستسلام أو… الاستسلام! طوعاً أو بالقوة! هذه هي هدية ترامب الكبرى لدول الخليج! إذ أن استسلام إيران هو مفتاح الحلول في الشرق الأوسط برأي الكثيرين! وهذا المفتاح هو هدية ترامب المنتظرة!
فالرئيس ترامب سيؤكد للزعماء العرب اقتراب نهاية البرنامج النووي الإيراني، طوعاً أو بالقوة. ولن تتأخر الطائرات الأميركية والاسرائيلية بقصف المنشآت النووية الإيرانية، على الرغم من الحديث عن مفاوضات نووية، وتباين بالرأي مع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو. فالواقع أنه ليس هناك لا مفاوضات ولا محادثات، بل وثيقة استسلام، مطلوب من إيران التوقيع عليها!
فالرسالة التي كان قد أرسلها الرئيس الأميركي ترامب الى المرشد الإيراني السيد علي الخامينئي، منذ مدة، لا تترك للمرشد أي خيار! بل هي حملت تهديداً واضحاً أن ما ينتظر إيران في حال عدم التجاوب سيكون رهيباً (Terrible)!
ولا تذكر التصريحات الأميركية ضرب العاصمة طهران أو إرادة ظاهرة في تغيير نظام الحكم في إيران، بضرب الحرس الثوري الإيراني.
الرئيس ترامب سيؤكد للزعماء العرب اقتراب نهاية البرنامج النووي الإيراني، طوعاً أو بالقوة. ولن تتأخر الطائرات الأميركية والاسرائيلية بقصف المنشآت النووية الإيرانية
بل هي تشير حتى الآن بتنفيذ مزيد من الضغوط والعقوبات الاقتصادية، مع احتمال دعم التيار “الإصلاحي” الرئاسي والرئيس مسعود بزشكيان للتخلص من الحرس الثوري، بتحرك داخلي، ليس بالسهل حالياً.
وإذا كانت تصريحات الرئيس الأميركي تؤكد استسلام الحوثيين في اليمن في اليوم من الضربات الموجعة جداً. إلا أنه، وحتى كتابة هذه السطور، لم يصدر أي موقف حوثي رسمي يؤكد التصاريح “الترامبية”!
وبالإضافة الى “استئصال” التهديد الإيراني، فإن الضربات الأميركية للحوثيين ستعيد أسعار النفط عالمياً، وفي الخليج، الى واقعها “الطبيعي”! وذلك، بانتظار إعادة ضخ الغاز الروسي الى أوروبا. كما ستُخفض أسعار التأمين على البواخر في حركتها الملاحية في “الخليج العربي”.
فالشراكة الأميركية – الخليجية سياسياً وعسكرياً ليست جديدة، خاصةً مع تواجد حوالى 12 قاعدة عسكرية أميركية في مختلف دول الخليج، أكبرها في قطر، بحسب المعلومات المتوفرة.
هل خسرت إيران عاصمتها العربية الرابعة؟!
إيران كانت خسرت دمشق وبيروت. وهي فقدت السيطرة على بغداد الى حد كبير. وتتجه الأنظار الآن الى استسلام صنعاء. لا بل حتى الى تغيير الحكم فيها، مع احتمال دخول الجيش اليمني “الرسمي” إليها، ومواجهة الحوثيين فيها.
ومع ذلك، فإنه من المبكر الحديث عن نهاية الحوثيين عسكرياً، فالرئيس ترامب غالباً ما يأخذه رأيه الى استباق أمور لم تحدث بالضرورة، أو لم تحدث… بعد!
في الموضوع الفلسطيني، لن يحمل الرئيس ترامب ما يرضي الطموحات العربية بإقامة دولة فلسطينية أو بالعمل “فعلياً” على حل الدولتين!
بل ما قد يطرحه الرئيس الأميركي هو أمران أساسيان: ترانسفير أهل غزة (ولكن الى أين؟)، وليس ريفييرا جديدة بالضرورة! بالإضافة الى العودة لاستكمال اتفاقات أبراهام.
زيارة الرئيس ترامب ستكون اقتصادية في أساسها ومضمونها. وستشمل المساهمات الخليجية في الاستثمارات في الداخل الأميركي بتريليون دولار على الأقل.
اتفاقات أبراهام يمكنها الذهاب الى التطبيع مع اسرائيل أو الى اتفاقات سلام معها. سلام “من المفترض” أن يضمن الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني. ترامب سيؤكد على أمن اسرائيل، وعلى “الأمن الإسرائيلي” في المنطقة!
في الملف اللبناني، سيستمر ضغط الرئيس ترامب لإنهاء سلاح حزب الله بالكامل من قبل الدولة اللبنانية، ولمنع تمويل إعادة الإعمار قبل تسليم سلاح الحزب بالكامل الى الدولة (وليس فقط جنوب الليطاني) ولضبط الأمن على الحدود مع اسرائيل، من دون انسحاب اسرائيلي كامل، في الوقت الحاضر على الأقل!
وفي الملف السوري، ما تزال الأمور “الدولية” مضبوطة في الداخل السوري على وقع “الاحتلال الاسرائيلي” لقسم من جنوب سوريا، بعد تدمير بنية الجيش السوري العسكرية التحتية. وذلك، على إيقاع اتفاقات أذربيجان بين اسرائيل وتركيا، تحت المظلة الأميركية!
انتداب أميركي منفرد!
زيارة الرئيس ترامب هي ايضاً تأكيد على وضع يد الولايات المتحدة منفردة على السياسات الكبرى في الشرق الأوسط “الكبير”، بعيداً عن أي تأثيرات صينية أو روسية. تأثيرات تبقيها الولايات المتحدة”جانبية” و”محدودة”، منشغلة روسياً في أوكرانيا، وصينياً في الضرائب الجمركية والملف التايواني والشؤون الآسيوية، والأزمة الهندية – الباكستانية المستجدة..!
ولا يبدو أن هناك “مفاجآت” في الأفق تسبق زيارة الرئيس ترامب الى الخليج!
فالزيارة تبدو وكأنها لتبادل “الهدايا”، هدايا مبنية على مصالح مشتركة تحكم العلاقات بين الدول. ومع ذلك، فإن زيارة ترامب قد تكون “تاريخية” لجهة تكريساً لولادة “الشرق الأوسط الجديد”!
وواقع هذا الشرق الأوسط “الجديد”، سيكون غير ذلك المبني على الفوضى الخلاقة للمحافظين الجدد ولكوندوليسا رايس، بل على استقرار أمني وازدهار اقتصادي واعد… ما عدا في “فلسطين” التي تبقى في زمن الآلام، بعيدةً عن أجواء تبادل الهدايا “الميلادية” المتأخرة. وستشهد على الأرجح صيفاً حاراً جداً…جداً!
اقرأ أيضاً: صراع تركي اسرائيلي: «من يكسب سوريا سيتحكم بتوجهات المنطقة على مدى 100 عام»!!