
“يمكننا القول أن تاريخ العالم هو سجل جهود الروح للوصول إلى معرفة ماهيتها في حد ذاتها.، الشرقيون لا يعرفون أن الروح أو الإنسان في حد ذاته حر في ذاته؛ ولأنهم لا يعرفون ذلك، فهم ليسوا أنفسهم أحراراً”
*الفيلسوف المثالي هيغل
صرح جميل السيد قبل أيام سائلاً ومتسائلاً وكأنه قادم من كوكب المريخ أو عطارد أو نبتون على سبيل المهزلة والمأساة التي نعيشها: أين مسؤولية الدولة والضمانة الدولية لاتفاق وقف النار؟!
نعم، جميل السيّد من استباح النظام والدولة اللبنانية وحوّلها إلى مرتع وملهى ومأمور لدي المخابرات السورية في عهد العصابات البائدة لمافيات آل الاسد المتوحشة وشركائها من أحزاب الردة والخوارج عن مفهوم الدولة وما تعنيها الدولة.. والفرق بين النظام والدولة!
هذا دون أن يغيب عن بالنا فتى النظام السوري الأغر مخطط التفجير الذي تولى تنفيذه الوزير السابق ميشال سماحة بالتعاون مع رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، والذي أفيد في تلك الفترة أن المدير العام السابق للامن العام اللواء جميل السيد كان يرافق الوزير سماحة في سيارته من دمشق الى بيروت وهو ينقل المتفجرات، وقد أحالت شعبة المعلومات الى النيابة العامة العسكرية ملفاً موثقاً بهذا الخصوص ويتضمن أدلّة دامغة في ذلك الوقت الذي كان لبنان فيها رهينة متعددة الاطراف في ما يسمى محور الممانعة، أو محور الكفر السياسي في حقيقة الأمر، وحينها، ردّت مصادر جميل السيّد قائلة “‘”انها ليست المرة الاولى التي يتداول فيها فرع المعلومات اسم السيّد في قضية سماحة، وطالما ان الامر اصبح امام القضاء فلا مشكلة بذلك!”.
هدف ام نتيجة؟
نعم، جميل السيد من استباح الدولة واستباح المال العام ومال الدولة، يناظر في هذه الأيام بمنطق “الدولة” التي تقول كما يقول: نزع السلاح هو هدف في حد ذاته أم هو نتيجة “أو هدف ونتيجة؟
سياسيا هناك فريق يقول أنه هدف، وفريق ثاني يقول انه نتيجة. كيف نحدد إذا كان هدفا او نتيجة؟
نعود إلى اتفاق وقف اطلاق النار الذي حصل بضمانة أميركية وفرنسية. وبالتطبيق لم ينسحب العدو الاسرائيلي ولم ينتشر الجيش اللبناني كما يجب -دون ان يشرح من هو الطرف الذي يعيق انتشار النظام والانتظام والدولة- ولم يحصل وقف للنار كما يقول إلا من جانب واحد، واستمرت الاعتداءات حتى على المنازل الجاهزة، وكان هناك سخونة في الايام الأخيرة التي مرت، حيث شهد الجنوب اعتداءات اسرائيلية بحجم ما كان يجري في السابق، وذلك دون إن يتجرأ ويضيف ربيب المخابرات السورية الغير ماسوفاً، عليها كيف عن عمل “سمفونية” السلاح الغير شرعي على أنغام المصالح الايرانية، وخصوصاً خلال مفاوضاتها المصيرية مع الولايات المتحدة من اجل حماية ملفها النووي، على حساب مصالح الشعب اللبناني والفلسطيني والسوري والعراقي واليمني والايراني وأبعد وأبعد…
النظام الايراني بدا يعدّ العدة للتدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدول العربية منذ العام ١٩٨٢ تحديداً بشكل ظاهري حين عيّن يوم القدس العالمي كي يرفع لواء القضية الفلسطينية التي ساعد على إخراجها بالمؤامرات المتعددة
الست أنت يا جنرال جميل السيد من إعترف بهزيمة الحزب في الحرب الأخيرة، قائلا عبر إكس: “كلما مرّ الوقت، وأنا أتابع ما تقوم به إسرائيل من إعتداءات يومية في الجنوب، من جرف مراكز عسكرية للجيش ومنازل وبساتين وأرزاق، إلى إصطياد الناس بالمسيّرات وخطف بعضهم، إلى منع آخرين من العودة إلى قراهم، إلى غياب أي جدول زمني واضح للإنسحاب ووقْف كل أنواع الإعتداءات، إلى إختفاء لجنة الإشراف الدولية على وقف النار، إلى عجز دولتنا وصمْتها إلا بشكاوى إعلامية فولكلورية، و…، و…وكلّما إستمرّ ذلك يوميّاً، كلّما تيَقّنت أننا لسنا في إتفاق وقف النار، بل أنّ دولتنا قد وقّعَت على وثيقة إستسلام بحجْم الهزيمة، وبلا ضحك عالناس…”
نعم، تناسى حميل السيد زلزلة الاغتيالات التي هزت لبنان والمنطقة والعالم، وخصوصاً الاغتيال الذي صنّف على المادة السابعة من ميثاق الامم المتّحدة للاعمال التي تعتبر أعمال ارهابية دولياً، وهو اغتيال الرئيس رفيق الحريرى، كما تلاعب حينذاك بالتواريخ فيما بعود كما وصفه “الإلتباس الوحيد الذي عبّر عنه الشرع ثمّ إعتبره من الماضي الواجب نسيانه، كان في تلميحه إلى انّ المسلمين الشيعة أرادوا الانتقام عن احداث وقعت منذ ١٤٠٠ سنة، في حين انّ الهجمة الأصولية العنيفة عام ٢٠١١ وبعده، تحت شعار الربيع العربي، هي التي إستهدفت الأقليات العربية كالأزيديين والمسيحيين وغيرهم، في حين أنّ الشيعة، الأكثر عدداً بين تلك الأقليات، بادروا إلى الدفاع عن وجودهم بمواجهة تلك الهجمة وليس ثأراً عن أيّ تاريخ وأحداث…”!
جميل السيد من استباح الدولة واستباح المال العام ومال الدولة، يناظر في هذه الأيام بمنطق “الدولة” التي تقول كما يقول: نزع السلاح هو هدف في حد ذاته أم هو نتيجة “أو هدف ونتيجة؟
التخريب الايراني
حيث ان النظام الايراني بدا يعدّ العدة للتدخل في الشؤون الداخلية والخارجية للدول العربية منذ العام ١٩٨٢ تحديداً بشكل ظاهري حين عيّن يوم القدس العالمي كي يرفع لواء القضية الفلسطينية التي ساعد على إخراجها بالمؤامرات المتعددة ضد منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان منذ العام ١٩٧٩ – ١٩٨٢ بزرع الحركات الاصولية في الجسد الفلسطيني والتي تتوجت بما اصبح يعرف بحركة المقاومة الاسلامية والذي خرج من رحمها الفاسد في لبنان حزب الله بعد اجتياح مراكز حركة امل المدعومة في تلك الايام من حركة فتح قوات العاصفة، وخرج من رحمها الفاسد ايضا حركة “حماس” وحركة الجهاد الإسلامي لاحقاً لشق منظمة التحرير الفلسطينية…
كما دعمت ايران الجيش السوري في شق صفوف حركة التحرير الوطني الفلسطيني – فتح وتنصيب ابو موسى وخالد العاملي على راس حركة فتح “التصحيحية” في البقاع اللبناني في الثمانينيات من القرن الماضي. ودعم الاسد الاب في منع عودة عرفات والقيادة والمقاتلين الفلسطينيين عبر البحر إلى طرابلس اللبنانية ودكت طرابلس فوق رؤوسهم دكاً، واخرجتهم من طرابلس عبر البحر، كما أخرجتهم اسرائيل من لبنان – مرفأ بيروت اول مرة، كيف تقاربت التواريخ والاحداث التاريخية في عقل الشيطان ربيب المخابرات السورية جميل السيد بين ١٩٧٩، والعام ٢٠١١ عام ربيع سوريا العربي والذي استطاع تخالف محور ما يسمى الممانعة الايراني إلى شيطنة الحراك السلمي بتغطية اميركية ومساعدة تقنية اسرائيلية بحكم التحالف الغادر الذي لم ينتبه الايراني ان لكل مرحلة شروطها ومواصفاتها، وللحديث بقية…
كتاب المستشرق كرين برينتون “تشكيل العقل الحديث” يا جميل السيد هو قصة تكوين العقل الأوروبي الحديث الذي انفعلنا به وتفاعلنا معه، نحن وبلدان العالم الثالث، وخصوصاً فكر أجيال المثقفين المحدثين في عالمنا العربي، ولكن مهما كانت طبيعة هذه العلاقة، ومهما كانت حاجتنا ماسة للإفادة بإنجازات العقل الأوروبي إلا أننا لا ننكر خصوصية الجذور الثقافية لفكر كل أمة من الأمم، ولهذا يخطىء بعضنا إذا تصور أننا نعاني ذات الأزمة، بل إن أزمتنا في مجال الثقافة بعامة بحاجة إلى دراسة منهجية تستهدف الكشف في العصور القديمة والمتوسطة والحديثة، والإبانة التي صاغت عقلنا وسلوكنا بكل ما نعانيه من نقائض ومزايا.
وأحرى بنا أن نعكف على دراسة مكونات فكرنا دراسة نقدية موضوعية حرة ومتحررة من كل قيد حتى نهتدي إلى سبيلنا للخلاص ونعرف طريقنا للتقدم وإلا سنظل كما نحن نضرب في عماء!
اقرأ أيضا: جنوب لبنان: الاحتلال مستمرّ بسياسة «قصّ العشب» في وجه «الحزب»