
إقترب موعد الإنتخابات البلدية وبعد أشهر قليلة تأتي الإنتخابات النيابية. عاد الحديث عن اللوائح العائلية، وبدأت الأحزاب تحركها لتعميق هذا المفهوم العشائري القبلي الذي يرسخ جذورها في البنية السياسية في البلاد.
معضلة العشائرية
ألتفكير العشائري يمنع التفكير بالطرق العلمية العصرية للتغيير الذي ينشده المواطن، ويلغي التحقيق الفعلي المرغوب من أجل التقدم والإزدهار في قرانا ومدننا ووطننا. العشائرية تعني أولا الحفاظ على مصالح العشيرة لا المواطن، فتفرض التبعية للتكوين العشائري السياسي الذي يحمي المحيط الاجتماعي للعشيرة، مما يبقينا في ذات الدائرة التي ندور فيها منذ عشرات السنوات. هي تعيد استيلاد النظام ذاته الذي نشكو منه، وتجعل كل الشعارات الإصلاحية فقاعات هوائية تنطفىء مع العودة إلى واقع النظام القائم.
يتهدد حزب الله الآن الأحزاب المسيحية، يقف الحريريون والحنبلاطيون موقف المتفرج. جنبلاط غاضب من المبعوثة الاميركية التي تجاهلته فاصبح يهادن سلاح الحزب، والحريري مهتم بأشغاله ولا يريد الإنغماس في الواقع المحلي.
المطلوب تكوين مجموعات تقوم على أساس برنامج لا يتصل بتقديمات وخدمات بل بتحقيق رؤية لثقافة وطنية، على أساس أن البلدية هي قاعدة الثقافة الوطنية.
لا يجب أن نسمح للأحزاب الطائفية في لبنان بالكذب على عقولنا باتهام الآخرين بالتقصير في تحقيق هذه الثقافة الوطنية. فهذه الأحزاب هي السلطة، وموجودة في السلطة، وتشارك في صنع القرارات منذ سنوات طويلة.
تذكروا مثلا أنه عندما اتخذت الحكومة عام ٢٠٠٦ قرارا بقطع الإتصالات السلكية واللاسلكية لحزب الله بتحفيز من جماعة الحريري وجنبلاط، هاجم مسلحو الحزب الجبل وبيروت الغربية، فوقفت الأحزاب المسيحية متفرجة. كأن السيادة لا تتحقق إلا بقيادة وقرار من هذه الاحزاب. دفع لبنان الثمن.
يتهدد حزب الله الآن الأحزاب المسيحية، يقف الحريريون والحنبلاطيون موقف المتفرج. جنبلاط غاضب من المبعوثة الاميركية التي تجاهلته فاصبح يهادن سلاح الحزب، والحريري مهتم بأشغاله ولا يريد الإنغماس في الواقع المحلي.
يا غيرة الدين!
يستغل الحزب الإيراني الآن هذا التعاطي الطائفي مع القضايا الوطنية كما استغله في الماضي. في الواقع، هذه النهضة التي حملتها تصريحات قادة حزب ايران حول سلاحه، لا تعني تجاهل ما أحدثه من معاناة بسبب سلاحه، لأهل الجنوب والضاحية والبقاع. ولا تعني تحديا للأميركي والإسرائيلي. هو تحد فقط لمعارضيه المحليين كي ينسي أهل بيئته معاناتهم، فيعيد تجييشهم لمصلحته أمام الانتخابات القادمة.
يعلم الحزب الإيراني أن هذه الأحزاب الطائفية مثله، أداة خارجية. هي تنتظر الترياق من الإسرائيلي والأميركي والفرنسي. صراعه معها كذبة محلية معتادة أمام كل محطة انتخابية. لا شيء يعزز نسيان الناس معاناتهم طوال سنوات، إلا التجييش الطائفي الذي يغلب العقل لحظة الإدلاء بالصوت، يغلب عليه شعار “يا غيرة الدين”. سياسة عمرها ألوف السنوات. إستخدمها الملوك والأباطرة وقادة القبايل للحفاظ على تيجانهم وسلطانهم.
في الواقع، أنا أسأل نقسي وكذلك وزراء الأحزاب السيادية في مجلس الوزراء، لماذ لا تتخذون قرارا بنزع السلاح غير الشرعي من المواطنين؟
نعم. أنت أخي المواطن الذي تركب سيارة مرسيدس او كاديلاك، وتحمل شهادات جامعية عالية، وترأس شركات، وتقيم المقاولات، تنسى قيمتك الإنسانية، ومعاناتك، وحقك بالمحاسبة، تركع عندما تدلي بصوتك، أمام غريزتك الطائفية، والقبلية، والعشائرية، والعائلية!
يعلم الحزب الإيراني أن هذه الأحزاب الطائفية مثله، أداة خارجية. هي تنتظر الترياق من الإسرائيلي والأميركي والفرنسي. صراعه معها كذبة محلية معتادة أمام كل محطة انتخابية.
ليس صحيحا أن من يخرج من ثوبه الطائفي العائلي للدفاع عن حقوقه، يبرد. بل يبرد من يخرج من ثوب الكرامة، والضمير، والإحساس بعزة الذات، وواجبه في الدفاع عن حقوقه كإنسان.
متى نفهم أن الدخول إلى الوطن يستوجب الخروج من هذه الأحزاب الطائفية، وأن هذا الأمر، يبدأ من صوتنا الذي ندلي به لانتخاب من يصنع القرار في المجالس البلدية.
اقرا الان: مشروع الولاية الايرانية «المقدّسة» خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء!