الإيمان لا علاقة له بالولاء الحزبي والسياسي

هشام حمدان

يعتبر أهلنا من الطائفة الشيعية أن التصويب على حزب الله وسلاحه ومواقفه، محاولة لاستهداف الطائفة الشيعية.

لا عجب. كل طائفة في لبنان لها رمزيتها السياسية. إلتفت الطوائف حول مؤسسات حزبية بغية تعزيز هويتها الكيانية في البلاد. وبالطبع، تحولت الأحزاب في لبنان إلى مجموعات مذهبية. كما تحول قادتها إلى رموز لمفهوم الكرامة والعزة لهذه المجموعات. لا أحد يمكن أن ينتقدهم إلا من داخل الطائفة وإلا تحول النقد إلى نزاع مذهبي وطائفي.

متى ندرك الحاجة للتمييز بين الولاءات الحزبية والإيمان الديني؟ كيف يمكن تطوير لبنان في ظل هذا المفهوم القبلي ألذي يعود لمئات السنوات الماضية؟

تحولت الأحزاب في لبنان إلى مجموعات مذهبية. كما تحول قادتها إلى رموز لمفهوم الكرامة والعزة لهذه المجموعات

لا شك أن المفتاح لتغيير هذا الواقع يفترض الخروج من الحالة التي فرضتها الحرب الأهلية منذ عام ١٩٧٥ وحتى الان. ألحرب تركت مفاعيل عميقة لا يمكن مواجهتها بالمراهم والمعالجات السطحيّة المحلية. يجب إجراء تشريح كامل لواقع المجتمع ومعالجته على أساس شمولي. لذلك، إقترحنا اعتماد مفهوم بناء السلم بعد النزاع بغية الحصول على تعاون المجتمع الدولي سواء في تشريح المشكلة، أو في معالجتها. لكن رغم ذلك، لم يهتم اركان السلطة.

إقرأ أيضا: سيناريو مخيف.. عاصفة شمسية تهدد الأرض في أي لحظة

ما الذي يجعل حزب الله قوة يعربد قادته ويطلقون التهديد والوعيد من دون حسيب او رقيب؟ من الذي جعلهم يمسكون بقرار أهل لبنان وخاصة أهلنا الشيعة. من الذي ترك الأحزاب الباقية تمسك برقاب المواطن في محيطها؟ هو ولا شك سلاحهم.

لا شك أن المفتاح لتغيير هذا الواقع يفترض الخروج من الحالة التي فرضتها الحرب الأهلية منذ عام ١٩٧٥ وحتى الان

تدعي جماعة حزب الله أن سلاحها يستخدم لما يسمى مقاومة. وقالت الأحزاب الباقية ضمنا أن سلاحها المخبأ هو للدفاع عن ‘ الكرامة والعرض”. لم يختزل هؤلاء الدولة فحسب، بل صاروا الدولة. وقد دفع اهلنا الشيعة واللبنانيون ثمنا غاليا جدا لذلك. ورغم ذلك، فإن المواطن الشيعي والمواطن الآخر من الطوائف الأخرى، يبدو قانعا وراضيا رغم كل ما يعانيه من شظف حياة. كل ذلك بسبب العصبية الدينية.

جماعة حزب الله يريدون إقناعنا أنهم يموتون من أجل القدس. لكنهم في الواقع، يموتون بسبب العصبية الدينية التي استغلها الولي الفقيه وأتباعه من رجال الدين والسياسة. ألعصبية المذهبية تأسر العقل وتحوله في خدمة الغريزة.

لكل ذلك، نعود فنكرر أن تحرير المواطن اللبناني وخلعه من حالة الحرب وسلطة الميليشيات يفترض اولا نزع كل سلاح غير شرعي. لو أن الدولة اعتمدت مفهوم بناء السلم بعد النزاع لكان من الممكن أن تساعد الأمم المتحدة في هذه العملية.

جماعة حزب الله يريدون إقناعنا أنهم يموتون من أجل القدس. لكنهم في الواقع، يموتون بسبب العصبية الدينية التي استغلها الولي الفقيه وأتباعه من رجال الدين والسياسة

ولو أن الحكومة قبلت مقترحنا ومطلبنا بمطالبة إايران سواء بالإتصالات الدبلوماسية، أو أمام القضاء الدولي بتعويض لبنان ما تكبده من خسائر، لكانت إيران تحسب حسابات عديدة لتدخلها في لبنان وتفهم أن الخطوة الثانية يمكن أن تكون في ملاحقة قادتها أمام المحكمة الجنائية الدولية بدعوى العدوان على السيادة الوطنية.

إقرأ أيضا: المدينة بين ثراء الغرباء والذعر من التوطين

يجب مساعدة إبن الجنوب بغية التحرر من كذبة المقاومة، ومن كذبة الثورة الاسلامية ، وكذبة تدمير الشيطان الأكبر والشيطان الأصغر. ويجب تحميل من أدى بنا إلى هذا الحال، مسؤولية أعماله. لا يجوز تحميل اللبناني عبء الدمار الذي فعله الآخرون على أرضه.

السابق
انتهاء الجولة الثانية من المفاوضات بين واشنطن وطهران.. عراقجي: الأجواء بناءة ونحن نمضي قدما
التالي
«الأميركية القبيحة».. رد ناري من جنبلاط على أورتاغوس!