
ضمن سلسلة اللقاءات الأسبوعية التي ينظمها ناشطون ومهتمون بالشأن العام، عقد يوم الأربعاء 16 نيسان 2025 لقاء سياسي بعنوان: “بعد تراجع محور إيران: أي تحديات لبنانية وأي تحولات في الهلال الإيراني؟”، في منتدى “جنوبية”، بحضور نخبة من المثقفين والإعلاميين، واستضافة الكاتب الصحفي ساطع نور الدين.
شارك في اللقاء عدد من الشخصيات السياسية والفكرية، منهم: المحامي محمد مطر، السيد حسن فحص، الصحافي يوسف الزين، الوزير السابق حسن منيمنة، الوزير السابق إبراهيم شمس الدين، الإعلامي مالك مروة، الدكتور وجيه قانصو، الدكتور مجيد مطر، الصحافي أحمد عياش، الإعلامية لينا حمدان، الكاتب سامي الجواد، الباحث جاد الأخوي، الصحافي محمد بركات، والناشط نضال أبو شاهين.
افتتح اللقاء رئيس تحرير “جنوبية” علي الأمين، متوقفًا عند التحولات الكبرى في الإقليم، من المفاوضات الأميركية-الإيرانية، إلى دور إيران في اليمن والعراق ولبنان، ومشيرًا إلى أنّ الأستاذ ساطع نور الدين هو الأقدر على تفكيك هذا المشهد.

ساطع نور الدين: إيران هشّة والقرار بيد الحرس
اعتبر نور الدين أنّ ما يُعرف بـ”محور إيران” هو “اختراع سياسي مفتعل”، وأنّ إيران، بحسب تعبير الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، “دولة متواضعة القوة، لا تملك مقوّمات قيادة محور”.
وسرد نور الدين واقعة من بدايات الثورة السورية، حين أرسل الجنرال الإيراني همداني تقريرًا إلى المرشد الأعلى يدعو فيه إلى إصلاح الجيش السوري، فجاءه الرد: “راجعوا السيد حسن نصر الله”. رفض نصرالله آنذاك إجراء أي إصلاحات، معتبرًا أن النظام في خطر ولا وقت لذلك. وقد أبدى استغرابه من ضعف الجيش السوري وسوء تنظيمه.
واستعاد نور الدين تصريحًا للأمين العام لحزب الله، كشف فيه أنّ القيادة الإيرانية اجتمعت خلال حرب تموز 2006 وخلصت إلى أنّ الحزب هو من أشعل الحرب، وعليه تحمّل مسؤوليتها. ورأى في هذا التصريح دلالة على طبيعة العلاقة التي تربط الحزب بإيران، والتي تسمح للأخيرة بالتنصّل عند الحاجة.
وفي ما يخص غزة، أشار نور الدين إلى أن “طوفان الأقصى” لم يكن قرارًا إيرانيًا بل اتخذه يحيى السنوار منفردًا، رغم الدعم الإيراني بالسلاح. وفي اليمن، رأى أن الحوثيين لم يكونوا وليدي إيران، بل أنشدّوا نحوها لاحقًا بفعل عدائهم التاريخي مع السعودية.
ورغم كل ذلك، أقرّ نور الدين بوجود مستشارين إيرانيين دائمين في لبنان، ما يدل على أنّ القرار العسكري النهائي ليس بيد “الحزب”، بل في طهران، التي تعتبر أن خسارة المعركة في سوريا تعني نقل الحرب إلى داخل أراضيها.
مداخلات الحضور: تشكيك بالمحور وتوصيف لبنية “الحزب”
حسن منيمنة أشار إلى أن لا وجود فعليًا لما يُسمّى بمحور الممانعة، معتبرًا أن التناقض بين خطاب “الحزب” العلني وسلوكه الواقعي يعكس عمق الأزمة.
إبراهيم شمس الدين رأى أن التنسيق بين قاسم سليماني وقيادات المحور دليل على وجود بنية تنظيمية عسكرية تتجاوز الأطر السياسية التقليدية.
الدكتور حارث سليمان وصف قراءة نور الدين بأنها “جزئية”، معتبرًا أن حزب الله ليس فرعًا لإيران فحسب، بل تم إنشاؤه بواسطة أمن الحرس الثوري، وأن بنيته الأساسية أمنية وعسكرية، لا سياسية.
وفي معرض تحليله للحرب الأخيرة في غزة، لفت سليمان إلى أن القدرات الإيرانية العسكرية متخلفة، ناقلًا عن قائد المنطقة الوسطى للجيش الأميركي قوله إن “سلاح الجو الإماراتي وحده قادر على تدمير البنية العسكرية الإيرانية”.
كما اعتبر أن تفجير مرفأ بيروت كان موجّهًا ضد محطة لوجستية يستخدمها فيلق القدس الإيراني، مرجّحًا أن تكون إسرائيل من نفّذ العملية.

وجيه قانصو قدّم قراءة تاريخية لعلاقة “الحزب” بإيران منذ 1979، مشيرًا إلى أن الحزب سعى منذ البداية إلى الاستقلال التنظيمي عن مجلس الشورى الإيراني، لكن المرجعية بقيت إيرانية.
الصحافي حسن فحص ختم الجلسة بالإشارة إلى أن ما يُعرف بـ”محور المقاومة” هو فعليًا مشروع عسكري أطلقه قاسم سليماني بمشاركة نصر الله، وأن وحدة الساحات فُرضت لاحقًا من جانب يحيى السنوار، ما أدى إلى زجّ “الحزب” في معركة غير محسوبة.
وشدد فحص على أن إيران لا تمتلك مشروعًا جدّيًا لإزالة إسرائيل، بل تعمل على توظيف الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لإدامة نفوذها الإقليمي
