أمجد ناصر تحت مجهر النقد …قريبًا

Nabil Mamlouk book

يصدر قربيًا عن دار النهضة العربيّة كتاب «أمجد ناصر قراءات في قصيدة الفتى والرؤية» للناقد والصحفي اللبناني نبيل مملوك، وهي دراسة بنيويّة تكوينيّة تندرج ضمن النقد الاجتماعي الأدبي و ترصد الرؤية إلى العالم وتحوّلها في شعر أمجد ناصر.

سيكون الكتاب ضمن اصدارات دار النهضة العربيّة في معرض بيروت الدولي للكتاب من ١٥ أيّار إلى ٢٥ أيّار

من الكتاب

تشكّل الرؤية إلى العالم منطلقًا نقديًّا ودراسيًّا يكشف لنا الجوانبَ الفكريّة والاِجتماعيّة والأيدولوجيّة لدى المبدع، والتي توضّح لنا نظرته إلى الواقع من خلال عمله الأدبي، “إنّ الرؤية إلى العالم هي وجهة نظر ملتحمة وموحّدة حول مجموع الواقع.” (غولدمان، 1984، ص 14).

جاءت لفظة الرؤية في لسان العرب بمعنى النظّر بالعين والقلب، وهي تختلف عن الرؤيا التي تأتي بمعنى الحلم أو الأحلام، وقد تقصدنا اِستخدام لفظة الرؤية لنؤكّد أنّ دراستنا تنطلق من مجهود بحثيّ واعٍ تجاه مخزون شعريّ إبداعيّ لا واعٍ أسقطه أمجد ناصر في قصائده، أمّا التحوّل فتعني “تغيّر، تنقّل من موضع إلى موْضع أو من حالٍ إلى حالٍ.” (المعجم الوسيط، 1960، ص 209)، وتأتي لفظة التحوّل هنا لتؤكّد على تغيّر البنى الدالّة في شعر أمجد ناصر من خلال المجموعتيْن المعتمدتيْن كأنموذجيْن “مديح لمقهى آخر” (1979) و”سُرّ من رآك” (1994).

لهذا التحوّل دلالات عدّة يمكن تفسيرها وشرحها من خلال البنى الدالة، أي البنى الداخليّة للنّصوص الشعريّة الموجودة في المجموعتيْن، والتي تتجلّى عبر الموسيقى الداخليّة أوّلاً من التّكرار والثنائيّات الضديّة وثانياً عبر المستوى التصويريّ (الاستعارات والكنايات).

لقد جهد غولدمان ومن تأثّر بمنهجه البنيويّ التكوينيّ الذي أتى كردّ فعل نقديّ على البنيويّة أن يُخرِج النّص من عزلته اللغويّة، وأنْ يُقدّمَه خطوة إلى الأمام باتّجاه المجهر الاِجتماعي والنّفسي والواقعيّ، ليكون بذلك يقدّم النّص الإبداعيّ ضمن دراسة واقعيّة فـ “البنيويّة التكوينيّة” تسعى إلى إعادة الاعتبار للعمل الأدبيّ والفكريّ في خصوصيّته بدون أن تفصله عن علاقته بالمجتمع والتاريخ.” (غولدمان وآخرون، 1984، ص 7).

سننطلق من خلال ما تقدّم لمعالجة الرؤية إلى العالم وتحوّلها، في المجموعتين الشعريّتيْن “مديح لمقهى آخر” (1979) و “سُرّ من رآك” (1994)، للشاعر الأردني أمجد ناصر – واسمه الحقيقي يحيى النميري النعيمات (1955-2019م)، الذي يعدّ واحداً من الشعراء العرب المجدّدين في قصيدة النّثر، وهذا ما يؤكده الشاعر سعدي يوسف (1934-2021م( في مقدمته لكتاب “شقائق نعمان الحيرة” وهو مختارات شعريّة من أعمال أمجد ناصر الشعريّة، فـأمجد ناصر “صار يطلّ بموضوعيّة على ميراث الشعر في العالم، ويقارن بين ما نفعله وما يفعله الآخرون من شعراء الأمم الأخرى، معتمداً مدخله الخاص والخصوصي إلى ما نفعله وما يفعله الآخرون” (ناصر، 2016، ص 8)، وعرف من خلال عدّة مجموعات شعريّة نذكر منها: “مديح لمقهى آخر” (1979)، سرّ من رآك (1994)، حياة كسرد متقطّع (2004).

وكتب عشرات المقالات النقديّة ومقالات الرأي وتسلّم رئاسة تحرير القسم الثقافي في صحيفة “العربي الجديد” – لندن حتّى وفاته عام 2019، بعد صراع مرير مع سرطان الدماغ، وكان قد اشتهر ناصر بتوثيقه لأيّامه خلال المرض، وكتاباته عن السرطان الذي أخذ منه رفاق دربه، وعرف في شبابه بانخراطه في المعترك اليساريّ لا سيّما الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين حيث تسلّم الشؤون الإعلاميّة فيها وعمل في مجلة “الهدف” التي أسسها غسّان كنفاني…

وقد حاز ناصر على عدّة جوائز منها: جائزة محمّد الماغوط للشعر عام 2006 ووسام القدس للثقافة والفنون والآداب عام 2019 – متوسّلين بذلك تحديد البنى الاِجتماعيّة وعلاقتها بالمكان والغربة، وانعكاس ترحاله من وطنه الأم إلى أوطان وتأثيرها على الرؤية إلى العالم وتحوّلها، ومن ثمَّ التطرّق إلى العوامل الشعريّة والواقعيّة التي أظهرت التحوّل من هاجس المكان والتأقلم مع الأحداث الواقعيّة والاجتماعيّة على مرّ الزمن إلى الرؤية إلى الآخر المتمثّلة بعلاقة الشّاعر بالمرأة وجسدها ونظرته العاطفيّة إليها، والتي تشكّلت في مجموعته الثانية التي تتناولها الدارسة الأمر الذي سيساعدنا على فهم شعريّة النّص لدى ناصر ومدى حضور أناه واقعيًا وابداعيًّا في النّص، بعيدًا من عزله ضمن بنيات كبرى وصغرى.

إقرأ/ي أيضا: «رجل من أرق».. الرواية الأولى للكاتب والشاعر نبيل مملوك

السابق
ترحيب بكلمة عون في قمة القاهرة.. و95 مليون دولار مساعدات أميركية للجيش
التالي
قمة القاهرة: الفلسطينيون يسلّمون الراية