«حماس» والعهد اللبناني الجديد

هشام دبسي

في لحظة ازدحام مروري على الكورنيش البحري لمدينة صيدا، تم اغتيال المسؤول العسكري ل”حركة حماس” في لبنان محمد شاهين، يوم السابع عشر من الشهر الجاري.

هذا الاستهداف، يدل على فشل قيادة “حماس” في معالجة التفوق الاستخباري الاسرائيلي، وفشلها في حماية قادتها أولاً، فضلاً عن المحيطين بهم من مدنيّين أبرياء. كما يدلّنا أيضاً على اصرار اسرائيل في متابعة عمليات الاغتيال للقادة الجدد، االذين يتوّلون المسؤوليات العسكرية و الأمنية بصفتهم بدلاء، و اذا كان السلوك الاسرائيلي هذا مسلّماً به في أرض فلسطين، فإنّ على قيادة “حماس” ألّا تعتبره كذلك على أرض لبنان، فهي ليست جغرافية الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.

ساهمت “حركة حماس” في الجهد العسكري، في حرب المساندة من الجنوب اللبناني، كما أطلقت تنظيماً مسلّحاً رديفاً

ولا يحقّ لأي قيادة فصائليّة، أن تمارس ما تشاء في البلد المضيف، لمجتمع اللجوء الفلسطيني في لبنان أو غيره.
لقد ساهمت “حركة حماس” في الجهد العسكري، في حرب المساندة من الجنوب اللبناني، كما أطلقت تنظيماً مسلّحاً رديفاً، تحت عنوان “طلائع طوفان الأقصى” في لحظة نشوة عسكرية و سياسيّة، لكنّها أدركت بالتجربة الملموسة، فداحة الخطأ في تقدير الموقف وقتذاك، وحجم الخسائر البشريّة و السياسيّة، التي لحقت بالفلسطينيّين و اللبنانيّين معاً.

من المنطقي و الواجب مطالبة “حركة حماس”، بالمبادرة إلى إعلان دعمها و تأييدها للعهد الجديد

و اليوم، حيث يشهد لبنان المجتمع و الدولة تحوّلات عميقة، صاغها العهد الجديد في “خطاب القسم” و في “البيان الوزاري” أيضاً، فمن المنطقي و الواجب مطالبة “حركة حماس”، بالمبادرة إلى إعلان دعمها و تأييدها للعهد الجديد، و أن تعلن بجرأة و شجاعة، استعدادها لتسليم سلاحها وعِتادها للجيش اللبناني، كبادرة حسن نيّة، تحمي من خلالها البلد المضيف و مجتمع اللجوء الفلسطيني فيه. خاصّةً و أن تصريحات قادتها في الخارج، تتقاطع عند عبارتين، الأولى تفيد بأنّ قيادة الحركة لا ترغب بالعودة الى القتال، ونقض الهدنة في غزّة، و العبارة الثانية أنّها على استعداد للتّخلي عن حكم قطاع غزّة، لصالح السلطة الفلسطينيّة الشرعيّة.

فإذا كان الموقف في فلسطين يتّجه تدريجياً، إلى ما تقدّم ذكره من سياسات، فمن الطبيعي والمنطقي، أن نطالب “حركة حماس” في لبنان، الانضباط مجدّداً لموجبات العلاقة بين الشرعيّة الفلسطينيّة و الشرعيّة اللبنانيّة. حيث شهدنا مؤخّراً، كيف سقطت الذرائع التي طالما استُخدِمَت لتبرير وجود القواعد العسكريّة خارج المخيّمات، لِما يسمّى بالسلاح الفلسطيني، وهو في الواقع سلاحٌ رعاهُ نظام الأسد الأب والابن، ومن جهةٍ أخرى، نشهد أيضاً على قبول “حزب الله” تنفيذ القرار 1701، بموجباته الجديدة التي جعلت أي جهد عسكري من الاراضي اللبنانية، يسبّب الضرر و الأذى للشعب اللبناني ودولته، لذا على “حركة حماس” ان تبادر الى إعلان صريح وواضح يُنهي حِقبةً، ويؤسّس لوحدة موقف فصائلي خلف الشرعيّة الفلسطينيّة، ويلتزم التّفاهمات و السّياسات، التي أقرّتها الشرعيّتين منذ عام 2005، و لخّصتها وثيقة “إعلان فلسطين في لبنان” و قد جاء في بنده الثاني (نعلن التزامنا الكامل، بلا تحفّظ، سيادة لبنان و استقلاله، في ظل الشرعية اللبنانية بجميع مكوّناتها التشريعيّة و التنفيذيّة و القضائيّة و من دون أي تدخّل في شؤونه الداخليّة) كما جاء في بنده الرابع ( نعلن أنّ السلاح الفلسطيني في لبنان ينبغي أن يخضع لسيادة الدولة اللبنانيّة و قوانينها، وفقاً لمقتضيات الأمن الوطني اللبناني الذي تُعرّفه و ترعاه السلطات الشرعيّة).

فهل تستجيب “حركة حماس” لهذه اللحظة الراهنة استجابة سياسيّة سليمة؟ أم تستمرّ بالهرب إلى الأمام !! حيث لم يعد هناك أمام !! سِوى الشرعيّتين اللبنانيّة و الفلسطينيّة.

السابق
الحريري يتصل بالشرع: نتطلع لإقامة علاقات ودية تمحو آثار حقبة آثمة
التالي
بالفيديو: ادرعي يكشف عن خطة إسرائيل في الجنوب