«الحقيقة المرة» لمصطلح «ودائع سياسية» في لبنان..تاريخياً!

مصرف لبنان

تشير مقولة ألبرت أينشتاين ان “مقياس الذكاء هو القدرة على التغيير”، إلى أن الذكاء الحقيقي لا يكمن فقط في حفظ المعلومات أو امتلاك المعرفة، بل في القدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة، واستيعاب المستجدات بطريقة فاعلة. الشخص الذكي هو من يستطيع مواجهة التحديات، وتغيير نهجه أو تفكيره، عندما تتطلب الظروف ذلك، بدلاً من التمسك بالطرق التقليدية أو الأفكار القديمة. التغيير هنا يدل على المرونة الذهنية والاستعداد للنمو والتطور، وهو ما يميز العقول القادرة على الابتكار وحل المشكلات.

راقب زيمباردو في قلق التحول المرعب الذي حدث للسجانين الطلبة.. وكيف أصبحوا يتعاملون بخشونة وعنف لدرجة تعذيب زملائهم المساجين الطلبة دون مراعاة التجربة

الوديعة اصطلاحًا، أو الوديعة بكل بساطة ودون أية تعقيدات -كما هي الحال في لبنان، اللعب على المصطلح والمصالح والمعنى السياسي والتعقيدات، لغاية في نفس “يعقوب” وشركائه- هي المال المدفوع إلى من يحفظه وليس من يسرقه.. أو هي المال الذي يودع عند شخص أو بنك، لأجل الحفظ وليس السرقة.. ويطلق التعريف على العين المودعة ذاتها، وعلى العقد المُنظّم للإيداع…
تقدم البنوك عمومًا أنواعًا مختلفة من حسابات الودائع.. يمكنك فتح حسابات توفير وحسابات جارية وحسابات رواتب. يمكنك أيضًا فتح حسابات ودائع ثابتة ومتكررة.. ويمكنك سحب المبالغ بسهولة، من جميع الحسابات بأستثناء حسابات الودائع الثابتة، وحسابات الودائع المتكررة التي تأتي مع عقوبات السحب المبكر. في حين في لبنان أصبحت أزمة الودائع المنهوبة بين الدولة والمصارف، برعاية وتوجيه سلطة الأحزاب الناهبة، مجرد حقوق ضائعة بين السياسة والقوانين والسماسرة، في مراحل تنويم وتغييب الدولة أو الدولة المخطوفة…

تجربة سجن ستانفورد التي أثارت جدلًا واسعًا بعد قيام عالم النفس الأمريكي الكبير “فيليب زيمباردو” بتجربته الشهيرة حيث قام بتقسيم الطلبة لمجموعتين المساجين والسجّانين

هذا دون الغوص في المتبقيات من الودائع التي لم تعد تتجاوز أكثر من 11% فقط.. في حين مازالت طبقة المال السياسي تتشدق وتصدح، وتتغنى بالتعهّد بإعادة وعودة الودائع.. أو إعادة ما هو غير موجود إلا في حساباتهم الداخلية والخارجية.. وفي جيوب ثيابهم الداخلية الوسخة والخارجية الاوسخ… لا تقتصر كلمة أو مصطلح وديعة في لبنان، على الشؤون المالية ومشتقاتها وتدويرها وعجنها وخبزها، واللعب على حبالها اللبنانية التقليدية والمبتكرة، في دهاليز الدولة العميقة وأجنداتها المشتركة، بين سلطة المال وسلطة الميلشيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأغطيتها الثيوقراطية السياسية، من كل المشارب والمغارب والأشكال والألوان المعروفة وغير المعروفة.. الألوان المتدخلة والمتداخلة في ألاعيب أبواق ووسائل وادوات، لم يورد لها ذكر، في كتب نقد الاقتصاد السياسي الكلاسيكي والحديث تاريخيًا…

لم يأت لها ذكر سوى في كتاب الشياطين المُهيمنة والحاكمة في لبنان.. وشركائهم من أصحاب المصطلحات والمصالح المختلفة والأيادي الخفيفة التي تضع يدها في كل شيء

نعم، لم يأت لها ذكر سوى في كتاب الشياطين المُهيمنة والحاكمة في لبنان.. وشركائهم من أصحاب المصطلحات والمصالح المختلفة والأيادي الخفيفة، التي تضع يدها في كل شيء، وعلى كل شيء في البلد المنهوب سياسيًا واقتصاديًا وماليًا… هذا ناهيكم عن عفاريت المصارف، التي لديها رؤيتها لمستقبل القطاع والاقتطاع والإقطاع المالي، التي تتضمّن وضع اليد على أصول الدولة (بشكل مباشر أو غير مباشر) لتغطية الخسائر او المسروقات، في حقيقة المعنى والتوصيف الوظيفي والمعنى، كما أن هناك أطرف خشنة، تريد إدخال صندوق النقد الدولي ولو على حساب المصلحة الاقتصادية الوطنية، وهناك أطراف من لا رؤية معيّنة لديها إلا الهروب من مواجهة المشكلة الأساسية والتأسيسية… وفي نهاية الأمر، هناك بلد يفقد سمعتهم ومصدقيته، ومودعون يخسرون من قيمة ودائعهم سنويًا بفعل التضخّم، وهم غير قادرين على الوصول إلى أموالهم أصلًا، ويأملون من أيّ تغيّر في المشهد، علّه يحمل حلًا لمشكلتهم، دون حتى معالجة أساس المشكلة، وجزها من حدائق ديكتاتوريات الكريستال الطاغية المستبدة، وجذورها الجذمورية التي لا تقف عند حدود!

الوديعة اصطلاحًا كما هي الحال في لبنان، اللعب على المصطلح والمصالح والمعنى السياسي والتعقيدات لغاية في نفس “يعقوب” وشركائه- هي المال المدفوع إلى من يحفظه وليس من يسرقه

هذا من ناحية الودائع المالية، التي أكل عليها جراد سلطة الفساد السياسي والمالي في لبنان، وشرب دون غصة أو “أحم” يذكر أو دستور… نعم، دون “أحم أو دستور” يذكر أو يذكر، حيث لدينا في لبنان ودائع من نوع آخر، لم يأت مثلها في المكان والزمان الكمي شبيه.. لم يأت مثلها في روايات الخيال العلمي وغير العلمي.. والقصص التي جاءت على لسان الحيوانات من رائعة كليلة ودمنة لأبن المقفع.. إلى رائعة مزرعة الحيوان لجورج اورويل وغيرهما الكثير… ودائع سياسية من فئة الرؤساء.. والنواب.. والوزراء.. والأحزاب السياسية.. والجمعيات المشبوهة والمشتبهة والمتشابهة.. والأسماء والمسميات.. والصفات والمواصفات في حقبات تاريخية تنذكر ولا تنعاد، أمتدت من عصور محاور الممانعة الأسبق.. مرورًا بالنظام السوري السابق البائد، وصولًا إلى محور إيران المطرودة من العالم العربي، وحزبها المتهالك وأذرعهتا المقطوعة، غير المأسوف عليها، من شرم الشيخ إلى سعسع… وقريبًا أن شاء الله من الأحواز والجزر العربية المحتلة منذ عقود..
نعم، ودائع على غرار وشاكلة ميشال سماحة على سبيل المثال وليس الحصر… ميشال سماحة الوزير والنائب اللبناني السابق، الذي أشتهر بأنه “رجل سوريا القوي في لبنان” تلك الفترة الذي ضبطت في سيارته متفجرات وصواعق، إعترف بأن النظام السوري زوده بها لتنفيذ تفجيرات في مناطق لبنانية عدة، من اجل قتل وجرح أكبر عدد ممكن من الأبرياء من ناحية.. وتفجير الفتن المتنقلة.. وجر لبنان إلى حروب طائفية متفجرة من الناحية الأخرى!

أنتقلت الودائع السياسية والمالية والامنية والسلاح غير الشرعي بعد الخروج السوري على دماء الحريرى ورفاقه في العام 2005 إلى حزب محور إيران المسمى “حزب الله”

ثم أنتقلت الودائع السياسية والمالية والامنية، والسلاح غير الشرعي، بعد الخروج السوري المُذل من لبنان، على دماء دولة الشهيد رفيق الحريرى ورفاقه، بعد تفجير موكبه في 14 مارس 2005 إلى حزب محور إيران المسمى “حزب الله”. الحزب الذي عمل على تغيير واختطاف شكل ومضمون ومفهوم الدولة والمواطنة، ودستور الجمهورية الأولى والثانية المتضمنة “وثيقة إتفاق الطائف الوطنية”. هذا ناهيكم عن نسف معظم العقود الاجتماعية في شعاراته الاحتوائية، التي أصبحت عناوين الودائع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والثقافية والدينية، في جسد السلطات الثلاث ومصادرة سلطاتها، وتسخيرها من آلاف الى الياء في مصلحة الاجندات الايرانية – نظام الملالي أو بالاحرى نظام الولي الفقيه، الحاكم بأمره في دول المحور، حتى بعد سقوطه، وسقوطهما المدوي وهروبها وشحنها إلى داخل إيران، مازال “جوهرة التاج” الايراني كما وصفه علي خامنئي من باب البروباغاندا، يحاول جاهدًا تكريس سياساته القديمة في الدولة، رغم بداية بزوغ شمس الجمهورية اللبنانية الثالثة، شاء من شاء وأبى من أبى.

إقرأ ايضاً: العقل الجمعي للطوائف اللبنانية وتأثير «الحزب»

تجربة سجن ستانفورد، التي أثارت جدلًا واسعًا بعد قيام عالم النفس الأمريكي الكبير “فيليب زيمباردو” بتجربته الشهيرة، حيث قام بتقسيم الطلبة لمجموعتين، المساجين والسجّانين، في سرداب جامعة ستانفورد الشهيرة، الذي حوله ليبدو سجنا حقيقيا. ثم قام بإحكام الحبكة لدرجة أخذ الطلبة “المساجين” من بيوتهم مقيّدين بالأصفاد، على يد الطلاب السجّانين. كانت القاعدة الوحيدة في التجربة هي: لا قواعد.. وعلى السجانين إتخاذ كل التدابير اللازمة كما يحلو لهم.. وكانت النتيجة كارثية أثارت جدلًا علميًا واسعًا.. راقب زيمباردو في قلق التحول المرعب الذي حدث للسجانين الطلبة.. وكيف أصبحوا يتعاملون بخشونة وعنف، لدرجة تعذيب زملائهم المساجين الطلبة دون مراعاة التجربة، رغم أنهم عرفوا بتهذيبهم وهدوئهم وتفوقهم الدراسي.. أوقف زيمباردو التجربة فوراً.. وقد إستنتج شيئًا أصبح موجودًا في كل مراجع علم النفس الاجتماعي.. وهو أن “السلطة المطلقة تُخرج أسوأ ما في النفس البشرية!

السابق
العقل الجمعي للطوائف اللبنانية وتأثير «الحزب»
التالي
«الاميركية» وزعت صور 12 وزيراً جديداً من خريجيها!