التعيينات.. «ثلاثية» القضاء والأمن و«الحاكمية»

علي الأمين
لعل النجاح في "إمتحان" التعيينات في المراكز الحساسة الشاغرة او بالنيابة، في مؤسسات الدولة "العرجاء"، لا يقل أهمية عن تمرير "قطوع" انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة، وخصوصاً في المواقع القضائية والامنية بحسب الكفاءة، وذلك على أنقاض منظومة الفساد والزبائنية والمحاصصة الحزبية المقيتة، والإستقواء بها بلا خجل، من أجل إستعادة هيبة الدولة في الداخل والخارج.

من المفترض ان يشكل ملف التعيينات الادارية والتشكيلات القضائية والدبلوماسية، عنوانا اساسيا مع بدء عمل الحكومة بعد البيان الوزاري، الذي لن يعوزه الجهد، لنيل الثقة في البرلمان، إنما الرؤية والخطة للانقاذ والاصلاح.

التعيينات المنتظرة، لن تكون اقل أهمية من تأليف الحكومة، اي ان التعيينات يجب ان تخضع لقواعد الكفاءة وحدها، لا الهوية السياسية او الحزبية، فمنطق المحاصصة والزبائنية، كان مدمرا للادارة وللمؤسسات العامة، وساهم في تعزيز منظومة الفساد والتبعية، واطلق نظام المحميات الطائفية والحزبية داخل الوزارات والمؤسسات، وافرغ الادارة من عنصر محوري في اصل وجودها، بأن تعبر عن ولائها للدولة لا الحزب، والتزامها بالقانون والمصلحة العامة، لا النفوذ المافيوي او الميليشيوي.

التعيينات المنتظرة، لن تكون اقل أهمية من تأليف الحكومة

القرار بتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، يشكل رسالة ثقة الى اللبنانيين، بأنه تعيين من خارج منظومة المال والسلطة، التي افسدت ونهبت اموال المودعين، ويعطي الثقة بعودة الحقوق لأهلها من ودائع، والقدرة على محاسبة، من تسبب بالاخلال بحفظها وحمايتها.

القضاء وسلطته في المساءلة، هو شرط لنهوض الدولة واصلاحها، كما ذكر رئيس الجمهورية وقالها رئيس الحكومة ايضا، ويفرض في الحدّ الأدنى تشكيلات قضائية، وتعيين اعضاء مجلس القضاء الاعلى من خارج اي تدخل سياسي، ما يجعل من ترسيخ مبدأ انتخاب الاعضاء، مدخلا لترسيخ استقلالية السلطة القضائية، واطلاق ورشة اصلاح، تبدأ من داخل الجسم القضائي نفسه، ولنادي القضاة من قراءات على هذا الصعيد، يحسن الاستفادة منها، للحد من التدخل السياسي في عمل القضاء، وتعزيز دور التفتيش القضائي، بما يضمن حماية القاضي وتحصينه من الضغوط على انواعها.

لم يعد مقبولا ان يستقوي رجل الامن على مؤسسته بحزب او ميليشيا

ولأن الأمن أداة هيبة الدولة والقانون، ومصدر حفظ الاستقرار والحدّ من الجريمة، لم يعد مقبولا ان يستقوي رجل الامن على مؤسسته بحزب او ميليشيا، او ان يتحول عنصر الأمن الملتزم بالقانون، والولاء للمؤسسة والدولة، على هامش المؤسسة الأمنية، فيما الذي يغالي في ولائه للسياسي او الحزبي في متن المؤسسة، وصاحب القرار فيها.

التعيينات على شرط الكفاءة والولاء للدولة، بداية لا مفر منها للسير على سكة النهوض والاصلاح

حاكمية المصرف واستقلالية القضاء وتعزيز الولاء للدولة، في المؤسسات الامنية والعسكرية، واعتماد الكفاءة في تعيينات الادارة العامة والمؤسسات العامة، مهمات اذا ما انجزتها الحكومة بشروطها، تكون قد تجاوزت اكثر من نصف المهمة المطلوبة، لأن ما تبقى سيبدو يسيرا، اذا توافرت شروط استقلالية القضاء، وكانت اذرع الحكومة وادواتها سليمة، فالتعيينات على شرط الكفاءة والولاء للدولة، بداية لا مفر منها للسير على سكة النهوض والاصلاح.

السابق
تطور من غزة: حماس تؤجل تسليم أسرى اسرائيل.. والأخيرة تعلن «أعلى درجات التأهب»
التالي
بالفيديو: أمام أعين الكاميرات.. عملية نسف إسرائيلية ضخمة في يارون بعد نقل متفجرات إلى منازلها