عقد منبر الانقاذ الوطني اجتماعا استثنائيا، بحضور النواب؛ ميشال الدويهي، مارك ضو، وابراهيم منيمنة، وخصص الاجتماع لمناقشة انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة الجديدة، واصدر المنبر البيان السياسي التالي:
شكل انتخاب العماد جوزيف عون رئيسا للجمهورية اللبنانية، نهاية ووداعا لحقبة سوداء في الحياة السياسية اللبنانية، حيث قام رئيس مجلس النواب ومعه الثنائية المذهبية، بانتهاك الدستور وتعطيل انعقاد جلسات الانتخاب، عبر تهريب مفترض للنصاب، كما تخلفت اغلبية النواب عن تلبية إلتئام المجلس النيابي، كهيئة ناخبة بموجب القانون، وفاقا للمادتين الدستوريتين ٧٤ و ٧٥، وقد شكل إنتخاب رئيس الجمهورية، نقطة بداية لعودة انتظام مؤسسات الدولة واستعادتها لوظائفها، وفتح الباب لتشكيل حكومة طال انتظار ولادتها، بعد انتخابات نيابية جرت منذ ٣٠ شهرا، وبعد ازمة اقتصادية وانهيار مالي بدأ وتوسع منذ ٧٥ شهرا، وفي مواجهة الامرين اي الإنهيار الإقتصادي والإستحقاق الدستوري والديمقراطي؛ قام ثنائي بري – ميقاتي بالتنكر لأبسط واجبات المسؤولية الوطنية، فأفسحا في المجال لإنهيار خدمات المرافق العامة في التعليم والصحة والاستشفاء والدواء والوقود والنقل، والشلل في إدارات الدولة ومؤسساتها، كما إرتكابا كل الخطايا الوطنية التي تسببت بهدر الأموال العامة والخاصة واستباحة أموال المودعين في المصارف وتبديد احتياطي المصرف المركزي من العملات الاجنبية والأرصدة الممنوحة من البنك الدولي، فعمت العائلات اللبنانية آلام الجوع والفقر والمرض، كما أمعنا من جهة أخرى، في ارتكاب المخالفات الدستورية وتجاوزا مبدأ فصل السلطات وتعاونها، وحرفا ما لديهم من صلاحيات تمثيلية وإجرائية، لاضفاء شرعية لبنانية على حرب ايرانية اشعلت على ارض لبنان، وتسببت بكارثة انسانية وعمرانية واقتصادية، وما زالت مجرياتها واخطارها وخسائرها تتفاقم وتتكشف يوما بعد يوم، موتا ودمارا وتهجيرا وآلاما وجروحا مفتوحة ومؤلمة.
في المشهد البرلماني الذي تابعه اللبنانيون في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، تردد كلام عن خرق الدستور، عن العصا الأميركية، عن ضغط المملكة العربية السعودية و دول الخليج في عملية الاعمار، كل ذلك قد يكون من الحقائق البسيطة التي تعكس سوء سمعة ما تبقى من المنظومة السياسية، وبشاعة صورتها وفقدانها احترام وثقة الخارج الاقليمي والدولي، لكن الحقيقة الكبرى المغيبة هي : أن خطوة انتخاب رئيس الجمهورية، كانت في جوهرها عملية تحرير لدولة لبنان من خاطفيها، بعد ان ظلت رهينة واسيرة، لدى محور طهران الأسد واتباعه في لبنان، منذ انتخاب ميشال عون سنة ٢٠١٦. ولذلك تجمعت قوى لبنانية وعربية ودولية، لاستعادة دولة لبنان والإفراج عنها.
وقد اتى خطاب القسم الرئاسي الذي القاه الرئيس المنتخب في مجلس النواب، فور انتخابه، بمضامينه الاصلاحية وباعلان خارطة طريق لاستعادة الدولة وسيادة القانون فيها، عبر سلطة قضائية مستقلة، وبإعادة تسيير كل مؤسساتها طبقا للدستور وبتنشيط وظائفها في كافة المجالات وفقا لمعايير الكفاءة في الادارة والنزاهة والشفافية في المالية العامة، وبحقها الحصري باحتكار استعمال السلاح بيدها، وتوليها مهمة الدفاع الوطني عن حدود الوطن وحفظ امن ربوعه. وبالإلتزام بقرارات الشرعية الدولية وتنفيذها، بمواجهة الاطماع والاخطار الاسرائيلية… الخ
إن اعلان النوايا هذا، يبقى وعدا جميل، لا يستحق الدعم والثناء الا اذا تحول الى خطوات عملية ووقائع ملموسة، وشرط هذا التحول من الوعد الى الوقائع حكومة تشبه الوعد وتتولى تنفيذ خارطة الطريق وتواجه المتضررين من أجراءاتها.
يتشاطر كهنة المنظومة السياسية الفاسدة لكي يقايضوا تمريرهم لانتخاب العماد عون والإذعان بتنفيذ المطالب الدولية من لبنان في القضايا الاقليمية؛ كأمن الكيان الاسرائيلي، وانهاء دور حزب الله الاقليمي في سورية والعراق واليمن، ان يقايضوا تنفيذ هذه المطالب بان يتم تعويم المنظومة السياسية المسيطرة والتي طبعت بالفشل والفساد والارتهان للخارج، واول خطوة بهذا التعويم هي عودة الرئيس نجيب ميقاتي لترؤس الحكومة العتيدة.
وثاني خطوة في التعويم هو العودة لممارسة المحاصصة السياسية بين أمراء الفساد والمافيا والميليشيا.
ان منبر الانقاذ الوطني الذي يمد يده للتعاون مع العهد الجديد ويأمل منه خيرا للبنان، اذ يحذر صاحب العهد من خبث المنظومة ومؤامراتها، ويدعوه للمساهمة والدفع الى حكومة كفاءات اصلاحية، تتطهر من موبقات منظومة الفساد والميليشيا، وتشكل اداة تنفيذية لمندرجات خطاب القسم ووعوده.
مع الرئيسين نبيه بري و نجيب ميقاتي مجددا ،حتى لو اصبح جوزف عون رئيسا للجمهورية، لا قيامة ل لبنان ولا استعادة لدولة سيدة، ولا قيام لسلطة قضائية مستقلة ولا تغيير في الحكم والحكام ولا اصلاح في الادارة والمالية، ولا تعافي مالي واقتصادي ولا حفاظ على اموال المودعين.
مع حكومة برئاسة ميقاتي ووزراء على شاكلة المنظومة ومحاصصاتها سيتحول خطاب القسم وعدا جميلا، او أضغاث احلام في ليلة صيف.