روسيا وسوريا الجديدة (3): أخطاء.. جيوسياسية

خالد العزي دكتور علوم سياسية

لاشك بان التغيير السياسي في سوريا،  لناحية انتصار المعارضة وهزيمة الميليشيات وايران، وضع روسيا في موقف محرج، لان الروس وضعوا مصالحهم تحت الرعاية الإيرانية ونظام الاسد، لقد أضاع الروس فرصاً ثمينة، بدأت مع المعارضة التي ذهبت الى موسكو لعدة مرات للتفاوض مع روسيا، فما كان من موسكو سوى اقفال الابواب امامها.

ملاحظات بعد سقوط النظام

 وبالنظر الى مشاهد الفيديوهات المصورة التي تنقلها الشاشات التلفزيونية المختلفة عن قرب، للقواعد الروسية في سوريا يظهر التالي:

1- تشير نقل صورة الاعتراض الشعبي والعسكري، الذي يترجم من الجميع بوجه القوافل العسكرية، التي تشير الى حجم الاعتراض السوري على السياسة الروسية.

إقرأ أيضا: روسيا وسوريا الجديدة (1).. هكذا سقط «الحلف الإستراتيجي»!

2- محاصرة قاعدة حميميم وتفتيش المركبات العسكرية الروسية، كي لا يخرج أفراد النظام السابق المحتمين في داخل بنية المطر، خاصة بعد ان كانت حميميم نقطة تجميع لفلول الأسد ونقلهم الى روسيا.

3- روسيا سحبت كل قواتها من أماكن انتشارها في المناطق السورية، التي كانت واقعة تحت سيطرتها، نتيجة عدم الرغبة السورية الواضحة لهذا الانتشار .

يكمن مشاهدة الخطأ الروسي الواضح في سوريا حيث حولت نفسها لطرف من اطراف الحرب الداخلية القائمة

ومن هنا يمكن مشاهدة الخطأ الروسي الواضح في سوريا، حيث حولت نفسها لطرف من اطراف الحرب الداخلية القائمة، بالاضافة الى نظرتها للصراع الجيوسياسي مع الولايات المتحدة، من باب الإمساك بسوريا، كونها ملف مهم للتفاوض والتبادل مع ملفات اخرى.

خسارات روسيا

ومع سقوط نظام الاسد في سوريا وانتصار المعارضة، فقد الوجود الروسي شرعيته وقدراته على التواجد في سوريا للاسباب التالية:

1- روسيا كانت ترى بان وجودها في سوريا هو شرعي بطلب من الدولة السورية، وبناء عليه، كانت تعمل على ابعاد الوجود الأمريكي والتركي من سوريا.

2- روسيا ضربت كل شيء عرض الحائط، ووضعت نفسها كطرف في مواجهة الشعب السوري.

 3- لقد سمحت روسيا بتهجير الشعب السوري للداخل والخارج .

4- سمحت روسيا للمليشيات الموالية لايران، بالسيطرة على مناطق التمرد السورية.

5- سياسة روسيا كانت نابعة من عداء واضح للثورة بشكل عام، وللثورة السورية بشكل خاص، كون الثورة مؤامرة كونية على النظام الحليف لها كما تدعي.

سمحت روسيا للمليشيات الموالية لايران بالسيطرة على مناطق التمرد السورية

من هنا يتبين بان الوضع في سوريا تغيّر بعد سقوط نظام الاسد، وانعكس هذا التغيير الجديد في سوريا الجديدة على روسيا وتوجهاتها الجيوسياسية، التي كانت ترى بان سوريا ركيزة لها لاستعادة دورها في الشرق الاوسط.

إقرأ أيضا: روسيا وسوريا الجديدة (2).. حماوة في حميميم!

 اذن روسيا فشلت في إنجاز تسوية سياسية في مواكبة الانتصار العسكري،  الذي حققته في العام 2018، وكان وزير خارجيتها ينادي باعلى صوته، بان دولته اجرت تجارب في الميدان السوري على ثلاثمائة وعشرين نوع من السلاح الجديد، الذي استخدم في سوريا، وهذا الاخفاق الروسي في سوريا وضع وجودها في خطر فعلي،  لانها وضعت نفسها في مواجهة الشعب السوري، الذي بات يرفض وجودها اليوم على التراب السوري، لكن البراغماتية التي تمارسها القيادة السورية الحالية، في التعامل مع الوجود لروسي مختلف كليا، ويستند على الذكاء السياسي المستحدث القائم على تأمين مصالح الشعب والدولة.

السابق
جنوبيون يمددون نزوحهم قسراً في جبل لبنان
التالي
وفاة 3 نساء وإصابة 5 أطفال بالتدافع بالمسجد الأموي في دمشق