١_ تحية صباحية للكتائب وللصديق الشيخ سامي الذي يتكلم بنبرة بشير التي نحب، وللصديق سليم الصايغ، المفكر الاكاديمي الوطني والواعي، الذي نتسامر معه سوية بسرور وذكاء في التحليل بلقاءاتنا في باريس، الذي أعلنها قبل على الحدث. في زمن الفوضى والتفكك والغوغائية وتقاذف التهم والتجاذب وتكذيب بعضنا البعض واتهام بعضنا البعض، لا بد من الوضوح المبدئي الوطني، للخروج من تعلية الصوت والسقوف من هنا وهناك، لا بد من مواقف مَبدئية وطنية تقتضيها دقة وحساسية المرحلة ! والكتائب قالتها!
٢_ كان السبَّاق في قولها، وليد جنبلاط، الذي لا احد يمكن تعييره في الوطنية، وفي قراءة التحولات. هل الماضي القريب والبعيد مَضى، هل انتهت المسائل الخلافية بين اللبنانيين ؟ هل تنتهي بتبويس اللحى ؟! لا. بالطبع لا. فالجميع اخطئ بحق لبنان، الذي دفعنا به كلنا الى الهاوية ولا بد من المساءلة بهدوء في الوقت المناسب. وعلى الجميع اليوم ان يبني لإعادة التوثب الصحيح الى الامام.
اليوم المطلوب قبل كل شيء آخر إلتقاط المومينتوم الدولي الإقليمي والمحلي والمظلة الحامية لعودة لبنان الدولة والكيان
3_ بالامس قالتها الكتائب، وقبلها قالها سليمان فرنجية، هذا الفارس الشهم، الذي تم تعييره بشكل لا يليق بشفافيته وشهامته وفروسيته الانسانية والسياسية، و الذي تمت مهاجمته عن غير وجه حق، وهو من بيت سياسي عريق اعطى رجالات لهذا البلد وله المشروعية السياسية، بقدر كل ماروني في هذا البلد ليتقدم الى الرئاسة. وقالها فارس سعيد صديقي الفارس، الذي يقرأ عقله دائما بأبعاد مُختلفة ويربط هذه الابعاد بعضها ببعض. وقالها أيضا الصديق القانوني اللبق والرصين زياد بارود، الذي يَحترِم ويُحترَم، وايضا قالها الصديق نعمة افرام هذا المِقدام الناجح الذي لديه وزنات، وهو لا ينام عليها بل يجهد ليكثرها ويضع “الانسان”، كرامته، امنه وحرياته وحقوقه وموجباته في وسطها! كلهم قالوا، انه اذا كان عنوان المرحلة، وهي كذلك، “شرف تضحية ووفاء”، فنحن نتراجع ليتقدم هو !
٤_ نعم، امامنا ممر ضيق. ضيق لاننا كلبنانيين جعلناه يضيق علينا الى حد تدميرنا، وان يخنقنا. هل نطلب اليوم مجددا كل شيء، فنخسر كل شيء ؟ لا، بالطبع لا.
الهدف اليوم، هو انقاذ لبنان واعادة إنهاضه اولا من كبوته، واخراجه من الجورة، ومن ثم العمل الدؤوب بهدوء ومنهجية وعلم لتعافيه ثانيا! ومن ثم الانتظام ثالثا! فنحن اليوم, اكثر من اي يوم مضى، في زمن غير تقليدي، فلا بد من سياق غير تقليدي، عله يبقى ويكون نموذجياً!
٥_ اليوم المطلوب، قبل كل شيء آخر، إلتقاط المومينتوم الدولي الإقليمي والمحلي، والمظلة الحامية لعودة لبنان الدولة والكيان، وبالتالي المطلوب المرور بالممر الضيق، والمرور بالممر الضيق، يتطلب “قيادة” فيها شرف وتضحية ووفاء، مع الرجاء على ان تبقى هذه القيادة كما بدت بالامس في مراحل حساسة، حكيمة، غير متهورة، لا يمكن اللعب بها من السياسيين، مِغوارة عند الضرورة، وصارمة للحق ونموذجية ومُستقيمة ونظيفة!
الهدف اليوم، هو انقاذ لبنان واعادة إنهاضه اولا من كبوته واخراجه من الجورة ومن ثم العمل الدؤوب بهدوء ومنهجية وعلم لتعافيه ثانيا!
٦_ في ختام مقالتي في النهار منذ اسبوع، كتبت: “ما هو المطلوب اليوم لبنانيا لإنقاذ لبنان؟ أولا ان يفهم الجميع ضرورة نأي لبنان عن تصارع المسيانيات المحيطة بنا التي هي بجوهرها نقيض للنموذج اللبناني، وعدم إعطائها اية ذريعة لضرب لبنان مجددا والتدخل بشؤونه… ثانيا، تثبيت الطائف كعقد دستوري سياسي أساسي، مما لا يمنع تحديثه وتطويره. ثالثا تطبيق القرار 1701 دون أي ابطاء لعدم إعطاء اية ذريعة للميسيانية الإسرائيلية، للخروج منه والتفلت من المظلة الأميركية والدولية، التي تحمي لبنان اليوم من خلاله. رابعا، ضرورة طمأنة الشيعة في لبنان انهم مكون أساسي، وإعادة لم الشمل الوطني بين كل المكونات، وإعادة الاعمار وعبور الجميع الى دولة المواطنة والدستور والمؤسسات، والعودة الى الحضن العربي المعتدل والابتعاد عن المغامرات الخطرة والمتطرفة. خامسا انتخاب رئيس مُقتدر اثبت جدارته في إدارة الازمات، له مصداقية عربية ودولية ومُستقيم. المطلوب اليوم ان نعبر بلبنان في الممر الضيق، لنعيده نموذجيا سيدا وشامخا”.
٧_ نعم المطلوب اليوم من الجميع، الكف عن التجاذب القاتل والمصلحي، وتعلية السقوف والاصوات، ولا بد من تمرير لبنان في الممر الضيق، في أدق واخطر مرحلة في تاريخ لبنان، فيها اخطار وجودية على كينونية لبنان! فليس لدينا ترف ورفاهية الاختيار، لبنان اليوم في مهب الريح، و لا بد من منع تدحرجه!
إقرأ ايضاً: «عكاظ 2» من الجلسة الرئاسية الاولى: مع وضد تعديل الدستور!
٨_ نُريد رئيساً يَحْكُم ولا يُحْكَم، يَفيد الوطن ولا يَستفيد هو وحاشيته، يَسرَع دون تسرُّع، لا يبحث عن منصب، بل المنصب يَبحث عنه، رئيس يَصمد عند الضرورة، يُجابه عند الضرورة، يُهادن عند الضرورة، يحكم بحكمة وصبر عند الضرورة، وبصلابة وصرامة عند الضرورة، رئيس يعرف عسكره وعسكره يعرفه، يصمد بالميدان معهم ويتقدمهم في الدفع وصدره أمامه ككل مغوار، كما صدرهم!
٩_ نريد رئيساً له مصداقية يؤكد على قدسية الودائع وحماية الدستور لها ويمنع شطبها باي شكل و لاي سبب وسبب، من المستفيدين والمشاركين في الجرم الوطني هذا. نريد رئيساً يجعل من عودتها باسرع وقت ممكن قضية وطنية، رئيس يُبادر لاسترداد الاموال المنهوبة والمُحولة الى الخارج، وهي كبيرة جدا، رئيس يضع مناهج المُساءلة موضع التنفيذ ومن اين لك هذا، رئيس يُعيد الثقة بدولة القانون والمؤسسات، ويعمل لبناء مواطنة تُخرجنا من الطائفية المقيتة، رئيس يُعيد الثقة، وهي التي تُعيد التعافي والدورة الاقتصادية والنمو والتقدم!
نُريد رئيساً يَحْكُم ولا يُحْكَم لا يبحث عن منصب بل المنصب يَبحث عنه رئيس يَصمد عند الضرورة يُجابه عند الضرورة يُهادن عند الضرورة يحكم بحكمة وصبر عند الضرورة
١٠_ نريد رئيساً يُثبِّت ثلاثية الامن والثقة والاستقرار، الان وهنا. يحصر كل سلاح وكل القرارات بيد الدولة ومؤسساتها. فكفى تطببل لدستور تنتهكونه عقودا عندما تريدون وعندما مصلحتكم تقضي بذلك، وتريدون المحافظة عليه برموش العين عندما تريدون وعندما تكونوا محشورين! كفى تعامل ظرفي بالمسائل المبدئية الوطنية! عندما يحترق البنيان، الأولوية هي للإطفاء، ومن ثم التدعيم، ومن ثم اعادة البناء على اسس سليمة ومُستقيمة!
١١_ تريدون سيادية، أيها السياديين السيادية أمامكم اليوم! فرجاءً انقذوا لبنان اولا، وضعوه على سِكَّة التعافي والزهور مجددا، ومن ثم عودوا كما تشاؤون، وبقدر ما تشاؤون الى الجدل البيزنطي حول جنس الملائكة!
فليكن عنوان التلاقي اليوم على اسم، ليس عنوانا للمُحاصصة المقيتة بل عنواناً للتفلت منها، ومن منظومتها، وعنواناً لعودة دولة المؤسسات والقانون ولعودة لبنان الأزلي الذي نحب، وهو رسالة لذاته ولمن حوله، وللعالم، فهل يتم تصويب البوصلة في لبنان، ومن لبنان الى المُحيط المتقلب والمتراجع والى العالم ؟! الى الرب نطلب!