30 يوما على سقوط الطاغية.. سوريا تداوي جراحها الغائرة وتجمع أبناءها وأشلاءها!

سقوط الاسد

في كتابه “حيونة الإنسان” يتحدث الكاتب والشاعر السوري ممدوح عدوان، عن ضرورة وجود مجموعة من الأشخاص الذين يفتقرون للأخلاق، لكي يتمكن الطاغية من النجاح في طغيانه. هو عمل عميق يكشف عن الجانب المظلم من الطبيعة البشرية، عندما تسلب الحرية والكرامة. وكيف ان القمع والإذلال يمكن أن يسلب الإنسان إنسانيته تدريجياً، ويعيده إلى حالة غريزية أشبه بالحيوانات، حيث تصبح النجاة غاية أساسية. وكيف يتحول الإنسان من كائن حر مفكر إلى شخص خانع، عندما يُفرض عليه واقع استبدادي طويل الأمد. يكشف الكتاب عن العلاقة بين السلطة والاستبداد، وكيف يمكن للأنظمة القمعيه أن تبرر أفعالها، بتجريد الآخرين من إنسانيتهم، ما يسهل العنف والإذلال. كما يطرح عدوان مقارنة بين السعي لتحقيق الكمال الإنساني، وبين الواقع الذي يفرض على الإنسان أن يتخلى عن قيمه في سبيل البقاء.

“استغلّت عائلة الأسد عقودًا طويلة قبل الثورة لغسل الأموال والاستعداد لخطة بديلة في المنفى”

منذ نعومة أظافرنا تعلمنا إن الأسد ملك الغابة، وتعلمنا إن الأسد شجاع، لا يهاب احد ولا يهرب من احد… وتعلمنا في المدرسة أنه في عالم الحيوان المهيب، يتربع الأسد على عرشه كرمز للقوة والشجاعة والقيادة. وغالبًا ما يشار إليه بإسم”ملك الغابة”، حيث يثير الأسد الإعجاب، ويعمل كاستعارة قوية للصفات والسلوكيات البشرية. تتعمق هذه المقالة في عالم الأسد الحقيقي والأسد الهارب، وتلتقط جوهر أسد الغابة وقوته وحكمته. من خلال عشرات الموضوعات المميزة، والاقتباسات التي تلهم وتمكن وتشعل الأسد الداخلي لدينا. ويستقي الصفات الملكية للأسود، بهدف استحضار القوة والشجاعة في جوانب مختلفة من الحياة. سواء كنا نبحث عن الدافع أو أستفزاز شجاعتنا، فمن المؤكد أن الكثير من الاقتباسات في عالم الأدب والرواية، ستوقظ الروح والقوة النبيلة بدواخلنا عن الشجاعة والمواجهة…

ذكرت المصادر أنّ الأسد لم يأمر جيشه بالاستسلام، إلا بعد خروجه من دمشق، وأصدر أوامر بحرق المكاتب والوثائق

نعم، يرمز حيوان الأسد في علم النفس الى القوة والشجاعة.. والذين لديهم الأسد كحيوان روحهم غالبًا تكون لهم كاريزما ملهمة، ويرفعون باستمرار مستوى التحدي ويشجعون الآخرين على فعل الشيء نفسه، حيوان الأسد يُعرف بالتحلي بالشجاعة، ومواجهة مخاوفنا وجهًا لوجه، لنصبح أفضل نسخة من أنفسنا.. حيث عادةً ما تكون الأسود حاسمة وواثقة من نفسها وقادة طبيعيين يركزون على تحقيق أهدافهم. غالبًا ما يكونون مستقلين للغاية ومكتفين ذاتيًا، ويقدرون قوتهم وكفاءتهم. ومع ذلك، يمكن أن يكون الأسود أيضًا عرضة للغضب والعدوان، خاصةً عندما يتم تحدي سلطتهم أو سيطرتهم وعنفوانهم وحريتهم…

إقرأ أيضا: المسيحيون ليسوا أقلية.. الشرع يشيد بالبابا فرنسيس

ومن نقاط قوته أنه مبدع، وعاطفي، كما أنه سخيّ، وإيجابي. يمتلك برج الأسد شخصية قوية وواضحة، ويعرف ماذا يريد وماذا يقدّم، ويعتمد أسلوب الدبلوماسية في تصرفاته، ويتمتّع بحسٍ عالٍ من المسؤولية. وأهم صفاته قوة الشخصية وقدرته على القيادة التي يتقنها شكلًا ومضمونا… ويمتاز بالشهامة والأخلاق العالية وليس النذالة والجبن والهروب….

موسكو جعلت الأسد ونجله حافظ، ينتظران في قاعدة حميميم حتى الساعة الرابعة من فجر 8 ديسمبر، قبل أن تسمح لهما بالتوجّه إلى موسكو

في مؤتمر القمة العربية في عمان عام 1980، وجه صدام حسين كلامًا مباشرًا، بأن حافظ الأسد لا يعرف إسم جده الحقيقي الذي كان قبل سليمان، وفي أن جد حافظ الأسد كان من التابعية الإيرانية التي إستقرت في العراق. وحتى في كتاب مذكرات حافظ الأسد، التي كتبها باتريك سيل بإشراف حافظ الأسد، لم يذكر حافظ الأسد أي جد له ولد قبل سليمان الوحش، بل اكتفى بذكر قصة المصارع، فلا يوجد أي إسم قبل سليمان الوحش، جد مذكور في مذكرات حافظ الأسد الرسمية. وفي شهادة للمؤرخ عز الدين رسول ذكر بأن “جميل الأسد قال بأنهم كاكائية من خانقين”، ومن المعروف أن بهرز قريبة من خانقين، وأن الكاكائية قد أتوا من إيران، وإلى اليوم أغلبهم في إيران، وكما أن جميل الأسد أسس عام 1981، جمعية المرتضى الشيعية التابعة لإيران، ولا ننسى قيام حافظ الأسد، رغم أنه يدعي العروبة والبعثية، بدعم إيران في حربها ضد العراق العربي والبعثي، ثم قيام ابنه بشار الأسد، بجلب الإحتلال الإيراني لسوريا بعد ثورتها عام 2011.

الأسد لم يوجّه كلمة واحدة للذين تعهّد بحمايتهم، كما ترك العديد من مساعديه السابقين في حالة من الذهول والغضب الشديد

من أهم الاقتباسات عن الشجاعة حين يقال لأحدهم أنت مثل الأسد… في حين فرّ بشار حافظ الأسد إلى موسكو، تاركًا العديد من مقربيه ومساعديه السابقين، في حالة من الذهول والغضب الشديد، وكشفت صحيفة “فايننشال تايمز” اللحظات الأخيرة لرئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد قبل هروبه إلى موسكو، قبيل سقوط نظامه في 8 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، استنادًا إلى مقابلات مع 12 شخصًا مطلعين على تحرّكات عائلة الأسد وفرارهم. وأشارت الصحيفة إلى أنّه عشية سيطرة الفصائل السورية المعارضة على العاصمة السورية دمشق، استقلّ الأسد مركبة مدرّعة روسية مع ابنه الأكبر حافظ، متوجهًا إلى قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية، تاركًا أقاربه وأصدقاءه والموالين له يبحثون “بشكل محموم عن الرجل الذي وعد بحمايتهم” نعم، حكم سوريا أسود مزيفة.. أسدين غير حقيقين ربضا على صدر حاضرة الأمويين وخاصرة العرب الشمالية لما يزيد عن 52 عامًا من الظلم والمظالم، التي لا يعرفها إلا الله الأحد الصمد.

عائلة الأسد أسست شبكة واسعة من الاستثمارات الخارجية والمصالح التجارية، التي تضمنت عقارات فاخرة في روسيا، وفنادق راقية في فيينا، وطائرة خاصة في دبي

ونقلت الصحيفة عن ضابط استخبارات سابق، وأشخاص مطلعين على هروب عائلة الأسد، قولهم إنّه في الساعة 11 من مساء 7 ديسمبر 2024، وجد رفاق بشار الأسد القدامى نقاط حراسة مهجورة، ومبانٍ فارغة أثناء مرورهم أمام منزله في حي المالكي، في حين كان الزي العسكري يتناثر في الشوارع… أضافوا أنّه بحلول منتصف الليل، كان رئيس النظام في طريقه مع نجله حافظ، إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية في محافظة اللاذقية على الساحل الشمالي الغربي لسوريا. وذكرت المصادر أنّ الأسد لم يأمر جيشه بالاستسلام، إلا بعد خروجه من دمشق، وأصدر أوامر بحرق المكاتب والوثائق.

يُخطّط محامو حقوق الإنسان لتوسيع التحقيقات لتعقّب المزيد من أصول عائلة الأسد المهرّبة، على أمل إعادتها إلى خزينة الدولة السورية، خاصة بعد الكشف عن توترات داخل العائلة بسبب توزيع هذه الثروات

وعلى الرغم من مساعدة عائلة الأسد على الفرار من العاصمة، ذكر مصدر للصحيفة أنّ موسكو جعلت الأسد ونجله حافظ، ينتظران في قاعدة حميميم حتى الساعة الرابعة من فجر 8 ديسمبر، قبل أن تسمح لهما بالتوجّه إلى موسكو. وأوضحت المصادر أنّ الأسد لم يوجّه كلمة واحدة للذين تعهّد بحمايتهم، كما ترك العديد من مساعديه السابقين في حالة من الذهول والغضب الشديد. ولم يُكلّف نفسه حتى عناء تحذير أقاربه، بما في ذلك أبناء عمومته وإخوته وأبناء أخته وأخيه، فضلًا عن أسرة زوجته…

لكنّ مصادر مطلعة رجّحت للصحيفة، أنّ الأسد اصطحب معه في رحلة الهروب، اثنين على الأقل من مساعديه الماليين الذين يملكون مفاتيح الأصول المهرّبة في الخارج، وهما رجل الأعمال يسار إبراهيم ووزير شؤون رئاسة الجمهورية سابقًا منصور عزام، وهو ما يُشير إلى أنّ “الأولوية كانت لثروته وليست لعائلته”، حيث هرب المقرّبون منه لاحقًا، إما نحو لبنان أو العراق أو الإمارات أو البلدان الأوروبية، لمن يحمل جوازات أجنبية، في حين اختبأ بعضهم في السفارة الروسية بدمشق. ووفقًا للمصادر، غادر مسؤولون عسكريون كبار إلى روسيا أو ليبيا.

لا تُعرف القيمة الحقيقية لثروة عائلة الأسد، وكيفية توزيع الأصول بين أفرادها، لكن تقريرًا صدر عن وزارة الخارجية الأميركية عام 2022، قدّر قيمة الشركات والأصول المرتبطة بالعائلة بما يتراوح بين مليار و12 مليار دولار

وترك رئيس النظام خلفه شقيقه ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة سيئة السمعة في جيش النظام، الذي فرّ نحو العراق بعد اكتشاف فرار أخيه، وفقًا لمصادر مطلعة…لكنّ وزارة الداخلية العراقية نفت وجود ماهر الأسد على أراضيها. ومن بين أولئك الذين تركهم الأسد أيضًا، ابن عمه ورئيس المخابرات إياد مخلوف، وشقيق مخلوف التوأم إيهاب، وأمهم. وقالت 3 مصادر إنّ الثلاثة تعرّضوا لهجوم وهم في طريقهم للخروج من سوريا إلى لبنان، ما أسفر عن مقتل إيهاب وإصابة إياد ووالدته. أما رامي مخلوف الذي كان يعيش تحت الإقامة الجبرية نتيجة خلافه مع الأسد، فلا يزال مكان وجوده مجهولًا… وبينما تُركت سوريا في حالة يرثى لها من الاضطرابات والانهيار الاقتصادي والسياسي العميق، كشفت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية أنّ عائلة الأسد التي فرّت إلى موسكو حيث مُنحت حق اللجوء، تعيش في رفاهية عملت على الإعداد لها منذ عقود.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين سابقين، ومحامين ومنظمات بحثية حققت في ثروات الأسرة الحاكمة السابقة، قولهم: إنّ عائلة الأسد أسست شبكة واسعة من الاستثمارات الخارجية والمصالح التجارية، التي تضمنت عقارات فاخرة في روسيا، وفنادق راقية في فيينا، وطائرة خاصة في دبي. ورجّحت الصحيفة أنّ تكون عملية تعقّب هذه الثروات طويلة ومعقّدة، على غرار الجهود التي استمرت سنوات لاسترداد أموال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين والليبي الراحل معمر القذافي المهرّبة إلى الخارج. وفي هذا الإطار، يُخطّط محامو حقوق الإنسان لتوسيع التحقيقات لتعقّب المزيد من أصول عائلة الأسد المهرّبة، على أمل إعادتها إلى خزينة الدولة السورية، خاصة بعد الكشف عن توترات داخل العائلة بسبب توزيع هذه الثروات.

ثروة الأسد جُمعت في كثير من الأحيان، من خلال احتكارات الدولة وتجارة المخدرات، وخاصة الكبتاغون، مع إعادة استثمار جزء منها في مناطق خارج نطاق القانون الدولي

وقال أندرو تابلر، المسؤول السابق في البيت الأبيض، الذي تعرف على أصول أفراد عائلة الأسد من خلال عمله على العقوبات الأميركية على النظام السوري: “استغلّت عائلة الأسد عقودًا طويلة قبل الثورة لغسل الأموال والاستعداد لخطة بديلة في المنفى”. ولا تُعرف القيمة الحقيقية لثروة عائلة الأسد، وكيفية توزيع الأصول بين أفرادها، لكن تقريرًا صدر عن وزارة الخارجية الأميركية عام 2022، قدّر قيمة الشركات والأصول المرتبطة بالعائلة بما يتراوح بين مليار و12 مليار دولار. وأشار التقرير إلى أن ثروة الأسد جُمعت في كثير من الأحيان، من خلال احتكارات الدولة وتجارة المخدرات، وخاصة الكبتاغون، مع إعادة استثمار جزء منها في مناطق خارج نطاق القانون الدولي.

إقرأ أيضا: «المرصد»: وثيقة تكشف عن نقل عائلة الأسد مئات ملايين الدولارات إلى موسكو

كما استمرّت ثروة عائلة الأسد في النمو، بينما كان السوريون يعانون جراء الحرب التي بدأت عام 2011، والتي دفعت نحو 70% من السكان إلى الفقر، وفقًا لتقديرات البنك الدولي لعام 2022. كما أدت الحرب السورية عام 2011 إلى توسّع مصادر دخل عائلة الأسد، حيث قاد ماهر، الشقيق الأصغر لبشار الأسد، الفرقة المدرّعة الرابعة في سوريا، والتي شاركت في تهريب الكبتاغون إلى بقية دول الشرق الأوسط، وفقًا لوزارة الخارجية الأميركية. وفي هذا الإطار، ذكر مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية، وهو منظمة بحثية تتابع تجارة المخدرات في المنطقة، أنّ عائدات المخدرات شكّلت مصدر دخل لسنوات للنظام، في مواجهة العقوبات الاقتصادية الغربية، حيث بلغ متوسط عائداتها السنوية حوالي 2.4 مليار دولار سنويًا!

السابق
بالتزامن مع انعقاد جلسة انتخاب الرئيس.. تدابير سير غدا
التالي
بالصور: وثائق حول علاقة أسماء الأسد بالاستخبارات البريطانية.. وحافظ عارض زواجها من بشار