“القضاء بحاجة الى ترميم وإصلاح”، مسلّمة لا يختلف عليها إثنان، ولا تأتي الا من خلال سلطة قضائية مستقلة بعيدا عن الساسة الذين يعملون على وأد مشروع استقلالية السلطة القضائية وهو لا يزال في مهده.
وقبل يومين من جلسة انتخاب رئيس للجمهورية المزمع عقدها يوم الخميس في التاسع من الجاري، ترأس رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود، جمعية عمومية دعا اليها جميع القضاة الذين غصّت بهم قاعة محكمة التمييز، اكد المشاركون فيها على ضرورة السعي لابعاد”شبح” السياسيين عن القضاء والتدخل في عمله، بحيث لا ينتظم العمل القضائي الا من خلال إقرار المشروع المذكور.
لاكثر من ساعة، تداول المشاركون في شؤون وشجون القضاء، ليصدر مجلس القضاء الاعلى بعد الاجتماع بيانا اكد فيه القاضي عبود في مداخلته على ان جميع المرجعيات لا تريد قضاء مستقلا، داعيا الى التضامن القضائي واعتبار ان كل قاضي هو سلطة قضائية مستقلة في إصدار احكامه وقراراته”.
غاية الجمعية والاجتماع هي المشاركة والمداولة والتشارك في إرادة الوصول الى قضاء الغد، المستقل والفاعل
واوضح عبود “أنّ غاية الجمعية والاجتماع هي المشاركة والمداولة والتشارك في إرادة الوصول الى قضاء الغد، المستقل والفاعل، دون انتظار لاستحقاقات ولإعادة تكوين السلطة، وذلك انطلاقاً من التضامن القضائي، الشرط الواجب الوجود، ومن أنّ كلّ قاضٍ يعتبر سلطة قضائية مستقلة في إصداره لأحكامه وقراراته، وشدّد على أن جميع المرجعيات الوطنية والسياسية والدينية لا تريد قضاءً مستقلاً، انما تريد قضاءً على قياسها وقياس مصالحها”.
كما عرض “للخطة المستقبلية التي تفترض الآتي: المطالبة بإقرار قانون استقلالية القضاء، وفقاً لملاحظات مجلس القضاء الأعلى، وذلك بخطوات تصعيدية ومتدرجة، وبإعادة تكوين المؤسسات القضائية، وبإجراء تشكيلات قضائية شاملة على أسس ومعايير موضوعية، مشدّداً على أنّه بانتظار اجراء هذه التشكيلات، يتعيّن العمل مع الرؤساء الأول على تقييم عمل كل القضاة المكلّفين، وتطبيق مبدأ مراقبة العمل القضائي، والثواب والعقاب والمحاسبة من خلال التفتيش القضائي والرؤساء الأول”.
خارج هذا الموجب لا يعود القاضي قاضياً
وفي الختام، أشار الى أن تقريراً سوف يصدر قريباً يتناول أعمال القضاء العدلي ونشاطاته خلال السنوات الخمس الأخيرة (2019-2024)، وسيتم نشره على الموقع الالكتروني لمجلس القضاء الأعلى.
كما كانت مداخلة للنائب العام لدى محكمة التمييز بالتكليف القاضي جمال الحجار، شدّد فيها على أهمية موجب التحفظ عند القاضي، مؤكّداً على أنه خارج هذا الموجب لا يعود القاضي قاضياً، وأشار في هذا الإطار الى أنّ القضاء مرّ خلال السنوات الأخيرة بتجارب كثيرة تحتاج كلّها الى مراجعة.
كذلك كانت مداخلة لرئيسة هيئة التفتيش القضائي بالإنابة القاضي سمر السواح أشارت فيها الى أنّه على الرغم من النقص في تجهيزات قصور العدل والمحاكم، يقتضي عودة العمل الى وتيرته السابقة رغم كلّ المعوقات وتخفيفاً لتراكم الملفات الذي شهدته المحاكم خلال السنوات الخمس الأخيرة نتيجة الأزمات المتعدّدة، مشدّدة على وجوب الالتزام ببناء القضاء الفاعل وتنقيته من الشوائب، والى أنّ حرية القاضي مقيّدة وليست مطلقة، وشدّدت على وجوب أن يرتقي القاضي بخطابه نظراً لرقي العمل الذي يقوم به، وأنّ أي مشاكل تعترض القضاء يجب أن تحلّ ضمن اطار أجهزة القضاء بهدوء بعيداً عن الاعلام والاعلان، وبأن هيئة التفتيش القضائي ستقوم بتفعيل زياراتها لقصور العدل والمحاكم مواكبةً عن قرب جهود القضاة.