رئيسٌ للبنان.. بالتوافقِ الأميركيِ الفرنسيِ المؤجل

هو أقرب الى المزاح السياسي، لكنه يكتسب مع حلول الأسبوع الاخير من السباق نحو جلسة انتخابات الرئاسة اللبنانية، جدية لا شك فيها: الرئيس اللبناني المقبل الذي كان يعتقد انه لن ينتخب إلا بتوافق داخلي بين القوى السياسية اللبنانية، لن ينتخب إلا بتوافق ثنائي أميركي فرنسي، لم تظهر ملامحه بعد، وربما لن تظهر في القريب العاجل.

غير ان الأهم، من ذلك الاستحقاق الدستوري، هو الإجابة الأميركية والفرنسية على السؤال الذي لا يمكن تجاهله: أي رئيس، وأي عهد يحتاجه لبنان في الأعوام الستة المقبلة

ثمة أكثر من دليل على أن معركة الرئاسة اللبنانية، تدخل هذا الاسبوع مرحلة حاسمة من الصراع بين واشنطن وباريس على لبنان. وهو صراع قديم، عمره من عمر الفراغ الرئاسي الممتد منذ عامين ونيف، بل ربما من عمر التاريخ اللبناني الفرنسي المشترك، الذي إحترمته بريطانيا يوما، فكان الاستقلال لدولة لبنان في العام 1943، لكن أميركا لم تحترمه كثيرا طوال الأعوام ال82 الماضية، فكانت تلك الحقبة، سلسلة متواصلة من المنافسات والخيبات اللبنانية..والفرنسية.

ثمة أكثر من دليل على أن معركة الرئاسة اللبنانية، تدخل هذا الاسبوع مرحلة حاسمة من الصراع بين واشنطن وباريس على لبنان

وفي المحطة الراهنة من ذلك الصراع الأميركي الفرنسي على لبنان، ما زالت القوى والتجمعات اللبنانية، تخترع لنفسها أدواراً سياسية ومهاماً دستورية لم يكن لها يوماً “أساس وطني فعلي”، بل كانت أشبه بأداء مسرحي غير مقنع، يختتم على الدوام بكشف إسم رئيس الجمهورية اللبنانية، الذي كانت دمشق في الماضي تتلقاه من واشنطن وتعممه على حرس الحدود بين سوريا ولبنان.

هذه المرة ايضا، ينسب الفراغ الرئاسي الى ذلك الصراع، أكثر مما ينسب الى أي نزاع داخلي مبالغ به أو تدخل عربي مصطنع أو إقليمي مفتعل. وكما في “المعارك” الرئاسية السابقة، التي أسفرت عن إختيار سبعة رؤساء جمهورية من السلة الأميركية لاسماء مرشحين، ليس بينهم واحد مقرب من فرنسا، أو يتقاطع مع مصالحها اللبنانية، لن تشهد المعركة الراهنة إنقلاباً في موازين القوى بين واشنطن وباريس.. على الرغم من أن فترة الفراغ الرئاسي اللبناني، سجلت واحدة من أسوأ مراحل التنافس أو التنافر الأميركي الفرنسي، في مختلف انحاء العالم، منذ أزمة صفقة الغواصات الفرنسية الى استراليا، في العام 2021، وكانت تقدر بنحو 90 مليار دولار، والتي سلبتها الإدارة الأميركية من الفرنسيين، في عملية وصفها وزير الخارجية الفرنسية يومها جان إيف لودريان بانها “أكثر من طعنة مؤلمة في الظهر”، والتي راكمت نزاعات حول صفقات عسكرية فرنسية مع دول الخليج العربية، واختلافات متتالية بين الاميركيين والفرنسيين حول سبل إدارة الحرب في أوكرانيا..وصولا الى لبنان، حيث كانت باريس ولا تزال تطمح الى السيطرة على مرفأ بيروت ومطارها وقطاعي الكهرباء والاتصالات وغيرهما، في الوقت الذي تتولى فيه واشنطن، الاشراف السياسة العسكرية والأمنية للبنان، لاسيما منها ما يتعلق بالحدود البحرية والبرية الجنوبية مع إسرائيل والحدود الشرقية والشمالية مع سوريا.. وروسيا أيضا.

فترة الفراغ الرئاسي اللبناني، سجلت واحدة من أسوأ مراحل التنافس أو التنافر الأميركي الفرنسي، في مختلف انحاء العالم

حتى اليوم، ليس هناك مؤشر على قرب التفاهم الأميركي الفرنسي حول لبنان. باريس تقاتل بكتب التاريخ، من أجل ان يكن لها حصة في المستقبل اللبناني، بواسطة عدد محدود جداً من المرشحين بالمقارنة مع المرشحين الذين تحتفظ بهم واشنطن. التوافق على إسم واحد من الجهتين، لم يحسم بعد، ولا يُعرف ما اذا كان مثل هذا التوافق ممكناً.

إقرأ أيضا: «حزب الله»..ماذا عن «اليوم التالي»؟

فالطائفة المارونية، هي مثل الطائفة الشيعية، ترقص اليوم في عرسٍ ليست مدعوة اليه، لكنها تتوقع ان يهبط عليها الاسم في آخر لحظة. لكن الجميع “يلاحظ”، أن واشنطن ليست في عجلة من أمرها، بل هي تميل الى تأجيل جلسة التاسع من هذا الشهر، بعكس باريس التي تحث الخطى نحوها. ولعله تقدير متسرع بعض الشيء.

الطائفة المارونية، هي مثل الطائفة الشيعية، ترقص اليوم في عرسٍ ليست مدعوة اليه

غير ان الأهم، من ذلك الاستحقاق الدستوري، هو الإجابة الأميركية والفرنسية على السؤال الذي لا يمكن تجاهله: أي رئيس، وأي عهد يحتاجه لبنان في الأعوام الستة المقبلة لملاقاة الدولة الإسلامية التي تولد اليوم في سوريا..والتي قد تحكم أكثر من ست سنوات.

السابق
تُرك بعد التحقيق معه بشكواها.. الكوميدي جابر: المحامية الخليل من تثير النعرات لمطالبتها بـ«الكعبة»
التالي
اسرائيل تنتهج «نموذج غزة» في تدمير القرى الجنوبية..و«الغضب الشيعي» يرتفع من «غبن» التعويضات!