تحذّيرات إسرائيلية من «كارثة» إستراتيجية..ومخاوف من تهديدات تُشعل المنطقة!

الجيش الاسرائيلي غزة

رفع مسؤولون رفيعو المستوى في الجيش الإسرائيلي، تحذيرات في شأن عواقب غياب رؤية سياسية واضحة للتعامل مع قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة حالياً مستقبلاً.

وقال المسؤولون في تقرير، إن عدم اتخاذ قرارات مصيرية في شأن مستقبل غزة بعد الحرب قد يعيد إسرائيل إلى أجواء «كارثة» السابع من أكتوبر 2023، مؤكدين أن الانتظار حتى يتوج الرئيس المنتخب دونالد ترامب والاطلاع على رؤيته للمرحلة المقبلة قد يكبد إسرائيل خسائر بالأرواح ويفاجئها بقرارات قد لا تتفق ورؤيتها، خصوصاً أن المنطقة شهدت في الأشهر الأخيرة تغييرات جذرية بعد سقوط الأسد ومشروع إيران في الشرق الأوسط.

يأتي ذلك على خلفية التقارير عن الجمود في المفاوضات لصفقة بين تل أبيب وحركة «حماس» بوساطة قطرية ومصرية، حيث أكد مصدر سياسي أن «الحرب لن تنتهي طالما إسرائيل تسيطر عسكرياً ومدنياً في غزة».

في المقابل، كشفت مصادر رفيعة المستوى في «حماس» أن إسرائيل طرحت مطالب جديدة لعرقلة إبرام صفقة.

وأشارت إلى أن الحديث يدور عن فجوات بين فهم الجانبين عمن يعرف كـ «إنساني»، مضيفة أن «حماس تعلن أن إسرائيل تحاول أن تدرج في قائمة المحررين المرحلة الأولى، الإنسانية، من لا يستجيبون من ناحية الحركة لهذا التعريف (رجال وجنود)».

وبحسب المصدر السياسي، فإن «كبار السن والنساء والأطفال هم من يدخلون ضمن هذا التعريف فقط، وعلى هذه الخلفية تواصل حماس رفض تسليم قوائم المخطوفين، فيما تصر إسرائيل على تلقي القوائم كشرط ضروري لعقد الصفقة وبدء التنفيذ».

الجيش الإسرائيلي قلق من هجمات قوات النخبة في «حماس» وتنفيذ قسم لا بأس به من تكتيكات قتال حرب العصابات في معظم مناطق ارتكاز وتموضع الجيش

وأشارت المصادر إلى قلق الجيش الإسرائيلي من هجمات قوات النخبة في «حماس» وتنفيذ قسم لا بأس به من تكتيكات قتال حرب العصابات في معظم مناطق ارتكاز وتموضع الجيش خصوصاً في شمال القطاع.

وأضافت “يشخص الجيش لدى عناصر حماس استخداماً لأساليب قتالية تعلموها من الساحة اللبنانية، بما في ذلك عمليات جذب، تفعيل ساحات عبوات – بما فيها عبوات شديدة الانفجار، استخدام مجالات مفخخة، توثيق العمليات ضد قوات الجيش بهدف خلق أثر وعي واسع، وتوثيق عدد القتلى والجرحى واستهداف القوات التي تهب لإنقاذ الجرحى واخلاء المصابين».

وذكرت هيئة الأركان أن العملية القاسية كانت في “كتيبة شكيد” من “لواء جفعاتي” في جباليا شمال غزة، حين دخل نحو 20 من قوات النخبة في «حماس» إلى نقطة محصنة من قواعد الجيش الإسرائيلي، وقتلوا 3 من القوات وأصابوا نحو 35 آخرين، بينهم 15 في وضع خطر، حيث تبين في التحقيقات أن الحركة وثقت الهجوم في عملية محاكاة قتالي لجيش نظامي في استحكامات الجيش الإسرائيلي.

وحذّرت قيادة الاستخبارات العسكرية من تطور العمليات العسكرية، مشيرة إلى أنه قبل أيام فجرت «حماس» عبوة شديدة الانفجار في قوة من لواء كفير، زرعت تحت الطريق، ونتيجة لذلك قتل ثلاثة جنود، وتم وتدمير مركبتين وإصابة 18 جندياً.

ويفحص الجيش ما إذا كانت قوات النخبة اجتذبت القوة للوصول إلى النقطة وتفجيرها، ففي أثناء انسحاب القوة سيراً على الإقدام تم تفعيل العبوة، وكذلك عبوة إضافية كانت بجوارها، وفي هذه الحالة أيضاً تم تصوير العملية، بشكل كامل.

إقرأ أيضاً: مصر تُعطي الإذن لحماس بتشكيل مجلس إدارة لقطاع غزة

وأوضحت محافل أمنية واستخبارية أنه رغم التفوق العسكري الإسرائيلي في غزة، تُبرز أصوات ذات مستوى مرتفع في المؤسسة الأمنية تدعو إلى ضرورة التفكير بـ«اليوم التالي»، خصوصاً أن غياب إستراتيجية مدروسة قد يؤدي إلى إعادة بناء «حماس» لسلطتها في القطاع وتوسعها شعبياً وميدانياً في الضفة الغربية والقدس الشرقية بشكل واضح.

وطالب مسؤولون كبار في الجيش وجهاز «الشاباك» باتخاذ قرارات حاسمة، محذرين من ثلاثة سيناريوهات رئيسية قد تترتب على غياب رؤية سياسية:

1 – عودة حكم «حماس»: في غياب بديل مدني أو عسكري، ستستعيد سلطتها تدريجياً وتحكم القطاع.

2 – فشل السلطة الفلسطينية: انهيار السلطة في الضفة قد يعزز نفوذ «حماس» ويؤدي إلى تصعيد أمني شامل.

3 – إدارة إسرائيلية مباشرة: تتضمن خيار إقامة حكم عسكري في غزة، وهو سيناريو مكلف اقتصادياً وسياسياً، ومكلف من حيث الخسائر البشرية.

المعضلة الاستراتيجية

يستعرض التقرير الخيارات المتاحة أمام إسرائيل للتعامل مع غزة، وكلها تبدو معقدة وصعبة التنفيذ:

1 – إعادة السلطة الفلسطينية: بدعم مالي دولي لتحقيق استقرار في غزة، لكن هذا الخيار يواجه معارضة داخل الحكومة الإسرائيلية ذات الغالبية اليمينية المتطرفة التي تطمع في الاستيطان في غزة وضم الضفة وابتلاع القدس الشرقية المحتلة.

2 – إقامة حكم عسكري مباشر: يتطلب تدخل الجيش لإدارة شؤون القطاع، وهو خيار مكلف وغير شعبي داخلياً ودولياً.

3 – التأجيل والاستمرار في الوضع الحالي: أكثر الخيارات خطورة، إذ يؤدي إلى إعادة ترميم حماس سلطتها وضرب القوات الموجودة في العمق، استنزاف مادي وبشري في حرب عصابات تديرها قوات النخبة لـ«حماس»، وسط وجنوب القطاع.

أوضاع سكان غزة

يوضح التقرير العسكري والاستخباري أن سكان غزة المدينيين العزل يعيشون في ظروف إنسانية صعبة، حيث يسيطر رجال «حماس» سياسياً وعسكرياً على المنطقة الجنوبية والوسطى، ورغم تضرر قدراتها العسكرية، لاتزال بنيتها السلطوية قائمة، ما يعزز من قدرتها على إعادة فرض نفوذها وإعادة بناء قدراتها سريعاً.

تقارير اسرائيلية: غياب إستراتيجية مدروسة قد يؤدي إلى إعادة بناء «حماس» لسلطتها في القطاع وتوسعها شعبياً وميدانياً في الضفة الغربية والقدس الشرقية بشكل واضح

يربط التقرير بين الأحداث في غزة والضفة وتحولات إقليمية أوسع، ويشير إلى أن تحقيق استقرار سياسي يجمع السلطة وإسرائيل في القطاع والضفة قد يكون جزءاً من صفقة أكبر تشمل تطبيعاً تاريخياً، لكن هذا الخيار يواجه عقبات سياسية داخل إسرائيل بعد سيطرة اليمين المتطرف المتمثل في وزيري المال بتسلئيل بسموتريش والأمن القومي إيتمار بن غفير على مفاصل القرار السياسي والمالي في حكومة قائمة بتوازن يميني فاشي متطرف يريد استمرار الحرب وفق رؤية تجنب الفراغ

ويدعو مسؤولون كبار إلى تقوية السلطة أو تقديم بديل واضح لتجنب فراغ أمني قد يُكلف إسرائيل موارد عسكرية ضخمة في الضفة خصوصاً المنطقة الشمالية.

ويقول خبراء في الشاباك والاستخبارات العسكرية، إن تجربة 7 أكتوبر 2023، تظهر أن تجاهل اتخاذ قرارات مصيرية، قد يؤدي إلى أزمات متكررة.

وأكدوا أن «إسرائيل بحاجة إلى مواجهة الجمهور أولاً، ثم العالم بالحقائق واتخاذ خطوات جريئة وصعبة الآن بدلاً من تأجيلها»، معتبرين أن «تَرك الأمور من دون حلول واضحة ليس خياراً، حيث إن استمرار الوضع الحالي قد يُفوت الإنجازات العسكرية ويُبقي المنطقة بأسرها تشتعل وفي حالة غضب وعالقة في دوامة الصراع دموي».

السابق
لبنان على حافة الانخراط في عملية النهوض..أو تضييع الفرصة الكبرى!
التالي
مسيرة اسرائيلية تستهدف سيارة في بني حيان..وادرعي: ينقلون وسائل قتالية!