يلملم لبنان ذيول سنة كارثية مرّت على المنطقة كما عليه، ودفتر ذكرياته مثقل بجروح علمت على كل رقعة فيه، شهدت على مآسي شعب تنفس الصعداء بعد وقف النار وهدنة 60 يوما، يُؤمل ان تتكلل بنهاية حاسمة لحرب مدمرة ، مصحوبة بانتخاب رئيس للجمهورية يضع حدّاً لشهور الفراغ ويعيد الدولة الى انتظامها على كل المستويات.
فراغ.. وغموض رئاسي
طغت حرب “حزب الله” و إسرائيل، التي بدأت كجبهة إسناد في تشرين الأول 2023، على المشهد اللبناني، بعد أن تحولت لحرب واسعة مخلفة خسائر مادية وبشرية، إلا ان ذلك لم يَمْحُ من الذاكرة استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان، حيث فشلت القوى السياسية في انتخاب رئيس جديد منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في تشرين الأول 2022، على الرغم منل الوساطات العربية والغربية وزبارات الموفدين لتقريب وجهات النظر، إلا أن الغموض لا يزال يكتنف مصير الانتخابات الرئاسية، على الرغم من التعويل على الجلسة المزمعة لانتخاب رئيس والتي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري في 9 كانون الثاني 2025، عقب مفاوضات وقف النار والمواقف الخارجية الضاغطة في هذا الاتجاه.
يلملم لبنان ذيول سنة كارثية مرّت على المنطقة كما عليه ودفتر ذكرياته زاخر بجروح
اقتصاد منكوب
تسبب الفراغ الرئاسي بشلل شبه كامل في المؤسسات الرسمية، وبات محسوماً بأن تداعيات 2024 ستتمدد الى عام 2025، وبالتحديد اقتصادياً في لبنان الذي يتخبط في أزمة مستمرة منذ عام 2019، فأتت الحرب مع إسرائيل لتفاقم الوضع المنكوب، الذي زادته أزمة النزوح الداخلي تعقيدا، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية الى جانب الخسائر الاقتصادية التي طالت كل القطاعات، ووفق تقرير للبنك الدولي، فإن الصراع أدى إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في لبنان بنسبة 6.6 % على الأقل وأن كلفة إعادة الإعمار تحتاج إلى ما لا يقل عن 5 مليارات دولار، بينما كشف المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة أن الحرب الاسرائيلية، ادت الى تدمير أكثر من 130 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، وإحراق 1200 هكتار من الأحراش والغابات، أما من ناحية الخسائر البشرية فسجل سقوط قرابة 4 آلاف و63 قتيلا و16 ألفا و663 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
الغموض يكتنف مصير الانتخابات الرئاسية على الرغم من التعويل على الجلسة المزمعة لانتخاب رئيس
تمدد المواجهات.. وتفجيرات “البيجرز”
شكل اغتيال نائب رئيس مكتب “حماس” السياسي صالح العاروري، داخل شقة في ضاحية بيروت الجنوبية ، بداية الاستهدافات للمنطقة منذ عام 2006، وكرت سبحة الاغتيالات لقادة وكوادر “حزب الله” وصولا الى تفجير أجهزة “البيجرز” التي قُتل فيها 26 شخصا وأصيب أكثر من 3 آلاف و250 آخرين في مناطق عدة، وذلك بعد ان تمددت حرب الاسناد لتتحول الى مواجهات بين “حزب الله” وإسرائيل في 23 أيلول 2024 في العمق اللبناني والعكس، استمرت إسرائيل باغتيال قادة الصف الأول للحزب.
تداعيات 2024 ستتمدد الى عام 2025 وبالتحديد اقتصادياً في لبنان الذي يتخبط في أزمة مستمرة
اغتيال نصر الله.. الحدث الأبرز
شهد العام سلسلة اغتيالات هزت لبنان والمنطقة، مستهدفة قيادات الصف الأول في “حزب الله”، ففي 30 تموز، تم اغتيال فؤاد شكر، وأعقبه عمليات استهداف متواصلة لقادة الوحدات في الحزب، وأبرزهم قائد “وحدة الرضوان” ابراهيم عقيل، بعد ثلاثة أيام من تفجيرات أجهزة البيجر، الا ان الحدث الأبرز و”الضربة الكبرى”، ليس فقط خلال الحرب، بل خلال العام 2024، تمثل باغتيال امين عام “حزب الله” السيد نصر الله وذلك في 27 أيلول، إذ شنت حينها طائرات إسرائيلية من طراز “إف 35” أكثر من 10 غارات عنيفة على هدف معقل الحزب في حارة حريك حيث انهت حياة رجل كانت تعتبره العدو الاول لها.
توقف شلال الدماء في 27 تشرين الثاني مع دخول وقف بين إسرائيل و”حزب الله” حيز التنفيذ الا أن إسرائيل تواصل خروقاتها
الحدث الأبرز ليس فقط خلال الحرب بل خلال العام 2024، تمثل باغتيال امين عام الحزب السيد حسن نصر الله
تطبيق وقف النار.. وخروق
بعد شهرين على حرب فتكت بالحجر والبشر، توقف شلال الدماء “نسبياً” في 27 تشرين الثاني مع دخول وقف بين إسرائيل و”حزب الله” حيز التنفيذ، الا أن إسرائيل تواصل خروقها بين الاغتيالات والغارات والقذائف المدفعية والرشقات الرشاشة، لبنود الاتفاق القائم على انسحابها إلى جنوب الخط الأزرق الفاصل مع لبنان خلال 60 يوما، وانتشار قوات الجيش بعد تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية ومصادرة أسلحة الحزب باشراف اللجنة الخماسية، المؤلّفة من ضابط أميركي (رئيساً)، وعضوية ضابط فرنسي، ضابط من قوات اليونيفل، ضابط من الجيش اللبناني وممثل عن الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين، لضمان تنفيذ هذه الالتزامات.