لا يمكن المرور بروية، على خبر وفاة الفنان والمطرب الشعبي المصري الشهير جداً، في مرحلة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي أحمد عدوية. فغيابه أشبه بغياب زمن فني شعبي ذهبي، لا يمكن أن يتكرر، لما يمثل، عدوية، من خصوصية غنائية، مسبوقة بذوق فني خاص جداً، طبع مرحلة زمنية وشعبية بأغانيه البسيطة-الذكية في كلامها وألحانها، العميقة المتجذرة في وجدان الأمة المصرية، وتابعتها أغلبية شرائح المجتمع العربي.
فقد اشتهر بأغاني «زحمة» و«سلامتها أم حسن» و«بنت السلطان» في مصر والدول العربية، ولم تكن هذه الأغاني، الأعمال الوحيدة لعدوية التي “ألهبت” جماهيرها الى حد يصعب وصفه. فهناك العشرات من الأغاني التي قدمها عدوية، على مدى خدمته الغنائية في الحياة الفنية، ولعبت دوراً بارزاً في حشد الجماهير الغفيرة حوله، وتحلّقها حول أغانيه الشعبية.ومن الأجدى القول، أن أغانيه كانت بمثابة الحاجة والضرورة ،لبلسمة الذوق الفني المصري، وشحذه بلغة شعبية، وموسيقى مباشرة تطرب حنايا روح الشباب، قبل أن تشحن نبضات القلب “بثورة الشباب”، والأرجح أنها لازمت واقعية الحياة الاجتماعية المصرية والعربية، التي غابت وضاعت في متاهات الوعي والتفسير لهزائم العرب، في حروبهم الكثيرة.
اشتهر بأغاني «زحمة» و«سلامتها أم حسن» و«بنت السلطان» في مصر والدول العربية
شكلت مرحلة عدوية محطة فاصلة بين زمنين من الطرب الشعبي، وفي زمنه، زمن عدوية،لم يكن هناك من منافس أو مشابه له ولو حتى في تقليده، تفرّد عدوية بأغانيه حد الاختزال، والخصوصية الصلدة والتي يستحيل “كسرها”، وفي المقابل،وبعد صمت عدوية المطبق، بسبب مرضه وغيابه عن الساحة، كثرت وانتشرت الأغاني الشعبية لسواه من الجيل اللاحق والأجيال التالية،لكنها بقيت تجارب (فاشلة) لم تنجح بمقاربة أغاني عدوية، ولا حتى نجحت في تقليده.
تجربة عدوية الفنية الغنائية الشعبية، لا تشبه الا نفسها، لذلك لم يكن هناك من بديل غنائي شعبي يضاهيها،رغم كثرة “المطربين الجدد” ، غير المجددين.
توفي المطرب المصري أحمد عدوية، أمس الأحد، عن عمر ناهز 79 عاماً، بعد أن ظل متربعاً على قمة الغناء الشعبي لعقود.
ونشر نجله، المغني محمد عدوية، على «فيسبوك» صوره تجمعه بوالده في إحدى الحفلات مصحوبة بتعليق: «الله يرحمك يا بابا… رحم الله طيب القلب… حنون القلب… جابر الخواطر».
وجاءت وفاة عدوية بعد شهور قليلة من وفاة زوجته، ونيسة.
توفي المطرب المصري أحمد عدوية أمس الأحد، عن عمر ناهز 79 عاماً بعد أن ظل متربعاً على قمة الغناء الشعبي لعقود
وُلد أحمد مرسي علي عدوي، وشهرته أحمد عدوية، في يونيو (حزيران) 1945 بمحافظة المنيا، وبعد الانتقال للقاهرة بدأ مشواره الفني من شارع محمد علي.
إقرأ ايضاً: هكذا تحول «طوفان الأقصى» إلى «الطوفان الأقسى» (2/3): «الحزب»..الضربة التي قصمت ظهر المحور!
انتشرت أغانيه سريعاً في الأفراح والحفلات في وقت كانت الآذان كلها معلقة بقمم الغناء المصري أمثال عبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب في حقبة السبعينات، مما عرضه لانتقادات لاذعة في بداياته.
حققت أغنيته «زحمة» من كلمات حسن أبو عتمان وألحان هاني شنودة نجاحاً كاسحاً
لكن الموسيقار بليغ حمدي كان من أكثر داعميه، ولحّن له أغنيات «القمر مسافر» و«ياختي اسملتين» وغيرها، كما وصفه الأديب الراحل نجيب محفوظ بأنه «مغني الحارة».
حققت أغنيته «زحمة» من كلمات حسن أبو عتمان وألحان هاني شنودة نجاحاً كاسحاً، وحضرت أغانيه الأخرى مثل «سلامتها أم حسن» و«بنت السلطان» في جميع المناسبات السعيدة في مصر والدول العربية.
شارك في عشرات الأفلام منها «البنات عايزة إيه» و«أنياب» و«أنا المجنون» و«4-2-4» و«حسن بيه الغلبان» و«المتسول» و«ممنوع للطلبة» و«مطلوب حياً أو ميتاً».
تعرّض في نهاية حقبة الثمانينات لحادث غامض، تلقى بعده العلاج لفترة في المستشفيات وغاب عن الساحة الفنية، قبل أن يعود من جديد ويستأنف مشواره الذي امتد حتى آخر يوم في حياته.