حزب البعث..نصف قرن من الانقلابات والتظاهرات والقمع في سورية

بشار الاسد

بعد أكثر من نصف القرن من إمساكه بالسلطة، خسر حزب البعث، أمس، الحكم في سورية مع إعلان فصائل معارضة فجرا دخولها دمشق و«هروب» الرئيس بشار الأسد بعد 12 يوماً على بدئها هجوماً واسعاً.

تأسس حزب البعث في 17 أبريل 1947 على يد سوريين تلقيا تعليمهما في باريس، وهما ميشال عفلق، المسيحي الأرثوذكسي، وصلاح البيطار، المسلم السني.

في عام 1953، اندمج الحزب مع الحزب العربي الاشتراكي، ما أكسبه شعبية بين المثقفين والفلاحين والأقليات الدينية. اتسع حضور حزب البعث العربي الاشتراكي الى دول عربية عدة، أبرزها العراق.

في الثامن من مارس 1963، وصل البعث إلى الحكم في سورية إثر انقلاب عسكري وفرض حال الطوارئ.

في 16 نوفمبر 1970، نفّذ حافظ الأسد الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع، انقلاباً عسكرياً عُرف بـ«الحركة التصحيحية» أطاح برئيس الجمهورية حينها نورالدين الأتاسي، ووضع حدا لسلسلة من التجاذبات الداخلية في الحزب وعلى السلطة.

في 12 مارس 1971، انتخب حافظ الأسد رئيساً للجمهورية السورية في اقتراع من دون أي منافس، ليصبح أول رئيس ينتمي إلى الأقلية العلوية التي تشكل 10 في المئة من تعداد السكان.

الحرب ضد إسرائيل

في السادس من أكتوبر 1973، شنّت مصر وسورية هجوماً مفاجئاً على إسرائيل في محاولة لاستعادة ما خسره البلدان خلال حرب يونيو 1967. وتمكنت القوات المصرية من عبور قناة السويس، بينما استعادت القوات السورية بعض الأجزاء في هضبة الجولان.

في مايو 1974، وقعت سورية وإسرائيل رسمياً اتفاقية فضّ الاشتباك في مرتفعات الجولان.

الخلاف مع بغداد

في العام 1979، تدهورت العلاقات بين سورية والعراق، اللذين حكمهما فرعان متنافسان من حزب البعث، بعد اتهام صدام حسين الوافد حديثاً إلى السلطة، دمشق بالتآمر.

قطعت بغداد علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق في أكتوبر 1980، بعدما دعم الأسد إيران في الحرب مع العراق.

قمع وحشي

في فبراير 1982، تصدى النظام السوري لانتفاضة مسلحة قادها تنظيم الإخوان المسلمون في مدينة حماة (وسط). وأدى القمع الدامي الى مقتل الآلاف، تقدر أعدادهم بين 10 آلاف و40 ألف شخص.

إقرأ ايضاً: وزير الخارجية الإيراني: الأسد لم يطلب أبداً مساعدة طهران ضد المعارضة

وأتى ذلك بعد نحو ثلاث سنوات من هجوم بالرصاص والقنابل اليدوية على الكلية الحربية في مدينة حلب، أدى إلى مقتل 80 جندياً من العلويين. واتهم الإخوان في حينه بالوقوف خلف الهجوم.

صراع الإخوة

في نوفمبر 1983، تعرّض الأسد لأزمة قلبية نقل على إثرها الى مستشفى بدمشق. وبينما كان يقبع في غيبوبة، حاول شقيقه الأصغر رفعت الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب فاشل.

استعاد حافظ عافيته وسلطته. وبعد عام، أُجبر رفعت على المغادرة.

بشار رئيساً

توفي حافظ الأسد في 10 يونيو 2000 عن عمر ناهز 69 عاماً بعد عقود حكم خلالها سورية بقبضة حديدية، أرسى خلالها بالقوة استقراراً أكسب بلاده دوراً وازناً في إقليم دائم الاضطراب.

بعد شهر، تولّى نجله بشار السلطة، بعد تعديل دستوري سمح له بالترشّح من خلال خفض السن القانونية لتولّي الرئاسة. وحاز في استفتاء لم يضم أي مرشح آخر سواه، 97 في المئة من الأصوات.

أصبح بشار القائد الأعلى للقوات المسلحة والأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم.

تظاهرات

في 15 مارس 2011، انطلقت تظاهرات سلميّة مناوئة للنظام في إطار ما سُمّي حينها «الربيع العربي». قمعت السلطات التظاهرات بعنف، واصفاً إياها بأنها «تمرد مسلح تقوم به مجموعات سلفية».

في أبريل، اتّسعت رقعة القمع والاحتجاجات التي سرعان ما تحولت إلى نزاع مسلح ترافق مع صعود المعارضة المسلحة وظهور مجموعات متشددة.

سعى النظام إلى سحق التمرّد فخاض حرباً ضد مقاتلين معارضين اعتبر تحركهم «إرهاباً مدعوماً من الخارج»، وبدأ في 2012 استخدام الأسلحة الثقيلة ولاسيّما المروحيات والطائرات.

واتّهم الغرب مراراً النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيميائية، وهو ما نفته دمشق على الدوام.

تعديلات وانتخابات

بموجب استفتاء شعبي في العام 2012، أقر دستور جديد قدمته السلطات في إطار إصلاحات هدفت لتهدئة الاحتجاجات. ألغى الدستور الدور القيادي لحزب البعث الحاكم، وحلّت مادة نصّت على «التعددية السياسية» محل المادة الثامنة التي تشدد على دور الحزب «القائد في الدولة والمجتمع».

في يوليو 2024، فاز الحزب مجدداً بغالبية مقاعد مجلس الشعب، في رابع انتخابات تُجرى بعد اندلاع النزاع.

«دمشق حرة»

صباح الأحد الثامن من ديسمبر، أعلنت فصائل معارضة «هروب» بشار الأسد ودخول قواتها دمشق إثر عملية عسكرية واسعة ومباغتة بدأتها في 27 نوفمبر من معاقلها في إدلب، وسيطرت خلال تدريجياً على مدن كبرى في البلاد مع تراجع القوات الحكومية بشكل غير مسبوق منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من 13 عاماً.

وأعلن رئيس الحكومة محمد الجلالي أنه مستعد للعمل على «تسليم» السلطة.

ودعا قائد «هيئة تحرير الشام»، التي قادت هجوم الفصائل أبومحمد الجولاني، من جهته، مقاتليه إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، مؤكداً أنها ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء حتى «تسليمها رسمياً».

وأكدت فصائل المعارضة عبر «تلغرام»، أن «الطاغية بشار الأسد هرب»، و«نعلن مدينة دمشق حرة». أضافت «بعد 50 عاماً من القهر تحت حكم البعث، و13 عاماً من الإجرام والطغيان والتهجير (…) نعلن اليوم (…) نهاية هذه الحقبة المظلمة وبداية عهد جديد لسورية».

السابق
وزير الخارجية الإيراني: الأسد لم يطلب أبداً مساعدة طهران ضد المعارضة
التالي
لبنان تحت تأثير سقوط جدار برلين السوري..ضمور «حزب الله» سرّع بانهيار الأسد!