يتزامن وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، مع اندلاع المعارك العسكرية في الشمال الغربي من سوريا، اذ شنت فصائل المعارضة السورية المسلحة، هجمات عسكرية شديدة أخرجت الجيش السوري من مناطق مختلفة، وأعلنت عن سيطرتها الكاملة على محافظة إدلب، وعلى مساحات واسعة من ريف حلب، وصولاً الى المدينة نفسها، كما توجهت للسيطرة على مناطق من حماة. فيما أعلن الجيش السوري انه استعاد اراض واسعة، بعد أن أُعلن عن استيلاء فصائل المعارضة عليها.
ليس مهماً الحديث عن تقدم هنا وتراجع هناك، بقدر ما يمكن الحديث عن دلالة استعادة الاشتباكات بين الاطراف المتنازعة في سوريا.
يمكن قراءة الوضع السوري في هذه اللحظة، بانه تفكيك للكيان السوري وتحويله الى مناطق نفوذ مختلفة، يسيطر على كل منها قوى سوريا محددة لكنها تستقوي وتستعين بقوة خارجية
عام 2015، وعند بدء التدخل الروسي في الوضع السوري، كتبت مقالاً شبّهت فيه سوريا بالمانيا أواخر الحرب العالمية الثانية، عندما تقاسمها الاتحاد السوفياتي والدول الغربية وحولوها الى مناطق نفوذ وهذا ما بدأ في سورية عام 2015، وهذا ما ينسجم مع مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يسعى الى تفتيت الكيانات القائمة.
وتأتي تجدد الاشتباكات بعد معارك عنيفة شهدها لبنان، وضربات إسرائيلية للوجود الإيراني في سوريا.
وبالتالي يمكن قراءة الوضع السوري في هذه اللحظة، بانه تفكيك للكيان السوري وتحويله الى مناطق نفوذ مختلفة، يسيطر على كل منها قوى سوريا محددة لكنها تستقوي وتستعين بقوة خارجية.
إقرأ أيضا: ياسين وقبيسي وريزا يتفقّدون حجم الدمار في النبطية.. جرائم بحق البشر والحجر
واليوم، وحيث تدور الاشتباكات تتوسع رقعة المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية، والتي تلقى دعماً من النظام التركي، وتقول مصادر مختلفة، ان توسيع رقعة الاراضي يعني عودة مزيد من اللاجئين السوريين الى مناطق تسيطر عليها الفصائل المسلحة المعارضة للنظام السوري، ما يخفف من أعباء وجودهم الاقتصادي والاجتماعي داخل تركيا، بعد ازدياد معارضة الشارع التركي لهم.
المنطقة الاكثر خطورة، فهي في الجنوب السوري التي تشهد ادارة محلية درزية واسعة في منطقة السويداء، والمناطق التي يعيش فيها الموحدين الدروز، والخوف من تحول هذه الادارة المحلية الى دويلة خاصة بالدروز
اما في الجانب الشمال الشرقي، فان القوات الكردية “قسد”، تتصرف وكأنها السلطة المعنية بجميع أمور المنطقة وتحظى بحماية ودعم من القوات الأميركية الموجودة، والمستفيدة من الثروات الطبيعية في المنطقة.
اما المنطقة الاكثر خطورة، فهي في الجنوب السوري التي تشهد ادارة محلية درزية واسعة في منطقة السويداء، والمناطق التي يعيش فيها الموحدين الدروز، والخوف من تحول هذه الادارة المحلية الى دويلة خاصة بالدروز، وهذا ما دفع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الى اعلان معارضته لمثل هذا التوجه.
فإن مشروع الشرق الأوسط الجديد يعمل على شطب الوجود الإيراني من خلال توجيه ضربات إسرائيلية، يبدو انها ستزداد لاحقاً لمنع تحركه ومساندته ل’حزب الله” في لبنان
اما في الساحل السوري فان الاتفاقات بين الجانب الروسي والجانب السوري، اعطى للأول امتيازات واسعة قد تتطور وتتوسع، في حال تراجع النظام السوري نفسه خلال المعارك الجارية حالياً.
وفي الوسط حيث يتعايش النفوذ الروسي مع النفوذ الإيراني، فإن مشروع الشرق الأوسط الجديد يعمل على شطب الوجود الإيراني من خلال توجيه ضربات إسرائيلية، يبدو انها ستزداد لاحقاً لمنع تحركه ومساندته ل’حزب الله” في لبنان، ويكون ذلك لمصلحة تزايد النفوذ الروسي الذي يمكن ان يصل إلى تسويات مع الجانب الاسرائيلي.
في لبنان، يعيش اللبنانيون وخصوصاً اهل الشمال والهرمل قلقاً كبيراً، جراء عودة موجات جديدة من اللجوء السوري، يمكن ملاحظته قرب الحدود السورية اللبنانية
ماذا يبقى من الكيان السوري نفسه، وماذا عن مشروع الدولة فيه التي لم تر النور، وما شهده الشعب السوري تاريخياً، هو سلطة استبدادية منذ خمسينيات القرن الماضي.
إقرأ أيضا: «المرصد السوري»: أكثر من 700 قتيل خلال أسبوع من المعارك في سوريا
وفي لبنان، يعيش اللبنانيون وخصوصاً اهل الشمال والهرمل قلقاً كبيراً، جراء عودة موجات جديدة من اللجوء السوري، يمكن ملاحظته قرب الحدود السورية اللبنانية.
انه مشروع الشرق الأوسط الجديد، تغيير ديموغرافي، تلاعب بالكيانات، استقواء بقوى خارجية ومزيد من الانهيارات الوطنية، ولا مشروع بديل.