تعرف محمد العبد الحسين مكي، الذي أنهى عقده الثامن، على الأبنية العالية والمرتفعة، في ضواحي بيروت في عرمون، مع بدايات العدوان الإسرائيلي الموسع، بعدما ترك بيته الحجري، وأرض وبراري بلدته، فرون، المشهورة بالمونة البلدية وطيباتها .
أبو حسين مكي، وزوجته رأفة، مقاومان بالفطرة، سواء في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي، او الثبات في أرضهما، التي تغل التبغ، في تربتها الحمراء، المتماهية مع لون دماء الشهداء.
لم يدرك أبو حسين وزوجته وحفيداته الملائكة وغيرهم، أن مشواره الطويل في حياة الدنيا، الذي كان مليئا بالعطاء والكد على عياله اللامحدودين، سيطوى في شقة سكنية مسالمة لجأ إليها مكرهاً، عله يفوز بحبل النجاة، من عدوانية إسرائيل، التي كان هدفها عائلة ابو حسين، المتأبطة بسلاح الطيبة.
كان يود ابو حسين الذي وطأت قدماه، كل أراضي فرون، المفتوحة على ” تم” وادي الحجير، الشاهد على البطولات والعصيان، أن تضع الحرب أوزارها، ويعود ثانية إلى جمع العيزقان والزوفا والقش بلاط وغيرها، من بلاسم علاج، فيروسات الشتاء .
رحل محمد مكي ومعه زوجته رأفة، التي لم يرأف بها العدو مع إبنتهما إلهام وحفيديهما وآخرين، منهياً ردحاً طويلاً من الزمن، ليعود مرة ثانية شهيداً إلى أرض فرون، التي تمرغ في ترابها طفلاً وفتى وشيخاً.