انشغلت الاوساط اللبنانية في الايام القليلة الماضية، في قيام مجموعة كوماندوس صهيونية، دخول المياه الاقليمية اللبنانية، والوصول من خلالها الى الساحل اللبناني في منطقة البترون الساحلية شمال لبنان، واقدمت على اختطاف اللبناني عماد امهز من شقة يستأجرها في شاليه بمنطقة قريبة من البحر، ويتردد عليها بين الحين والاخر، تحت عنوان انه يخضع لدورة اكاديمية في مهمة قبطان بحري.
لاشك ان الموضوع مثير للريبة في حد ذاته، وفي توقيته شكلاً ومضموناً ، وهنا يُطرح السؤال التالي: هل لبناني يدرس علوم بحرية يُثير الشك والشبهات الى هذا الحد؟؟
وبالتالي تُكلف إسرائيل مجموعة كوماندوس متخصصة، وتُحمِل نفسها اعباء القيام بهكذا عملية، والتي قد يترتب عليها مخاطر ان يسقط من هذه القوة قتلى او اسرى، وقد نفذت العملية وحدة شاييط بدقة متناهية، وقد ساعدهم في ذلك محققين من الوحدة ٥٠٤ ، وذلك ليس لان دراسة شاب لبناني لعلوم البحر وإدارة السفن يُثير الشُبُهات، ام ان الامر اكبر من ذلك بكثير ؟
والمثير للريبة ايضاً ان “حزب الله” تبرأ من الشخص المذكور فور علمه بالامر، كما ان والده واخته تحدثا للصحافة وتبرئا من تهمة، ان يكون عضواً في الحزب، الهذا الحد اصبح الانتماء للحزب عمل ناقص او فيه مذلة؟
بداية لا بد من التأكيد انه وخلال عام وشهر تقريباً من عمر حرب الاسناد والمشاغلة التي اعلنها حزب الله في الثامن تشرين الاول – اوكتوبر ٢٠٢٤، ان وسائل الاعلام والصحافة تستقي معلوماتها من البيانات التي يصدرها إعلام العدو لتستقي الاخبار الدقيقة عن الذين يتم قتلهم في الميدان لان حزب الله فقط ينعي شهدائه باسمائهم دون رتبهم.
ثانياً، لو ان امهز عنصراً عادياً في “حزب الله” او ذو موقع قيادي عادي، لكانت استهدفته من خلال مُسيرة فاغتالته، كما تم مع العديد مع غيره، وانتهى الامر عند هذا الحد، ومن دون عناء للتكلفة العالية، والتي يكتنفها مخاطر عالية ايضاً.
لو ان امهز عنصراً عادياً في “حزب الله” او ذو موقع قيادي عادي، لكانت استهدفته من خلال مُسيرة فاغتالته
لذا ، فمن الطبيعي ان عماد امهز ، هو في موقع قيادي حساس جداً، فيما يتعلق بالوحدة البحرية التابعة ل”حزب الله”، والتي يُوكل اليها تنفيذ عمليات حساسة جداً ومهمة ، وبالتالي هو يُعتبر بالنسبة لاستخبارات العدو ، يمتلك كنزاً من الاسرار والمعلومات، مما اجبر “الموساد” واجهزة الاستخبارات، ان ترتكب هذه المجازفة وصولاً لاعتقاله حياً والتحقيق معه، لفك الغاز كثيرة تعتبرها مهمة ومفيدة لها.
يُعتبر بالنسبة لاستخبارات العدو ، يمتلك كنزاً من الاسرار والمعلومات
هذا الامر ايضاً، حصل يوم امس عصراً في جنوب درعا السورية، مع عملية كوماندوس اسرائيلية، ايضاً اضطرت تنفيذها براً في جنوب سوريا، لاعتقال المدعو “علي سليمان العاصي “، والقوة مؤلفة من وحدة ايغوز، وافراد من وحدة التحقيق ٥٠٤ ايضاً.
هذان الامران، يدلان على تبدل في العمليات العسكرية الاسرائيلية، وتغييراً في الاساليب، سعياً وراء الاستفادة من الاشخاص القادة، والذين يعتبرون في مراكز حساسة، قد تستفيد منها استخبارات العدو حاضراً ومستقبلاً.
هذه الاعمال، والتي قد تكون بداية لاعمال مشابهة على الساحة اللبنانية والسورية، وفي ايران او اي مكان اخر، يُعتبر تغييراً نوعية في عقيدة القتال الاسرائيلية، كما حصل سابقاً في التغاضي عن وجود اسرى للعدو، في يد المقاومين في غزة، كما حصل تطوراً ايضاً في فلسفة الحرب الاسرائيلية، فيما لو تزايد عدد القتلى، لم يعد يُشكل عائقاً امام قرارات الحرب، والثمن الذي ستدفعه إسرائيل.
فنحن امام متغيرات يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار، من قبل اي مقاومة قد تُشكَل حاضراً او مستقبلاً، لمقاومة العدوان الاسرائيلي في لبنان او فلسطين، او اية ساحة أخرى.