بعد رحيل السنوار..فلسطين باقية والقضيّة حيّة!

هشام حمدان

سقط الفارس عن جواده. كنت أراقبه يسابق الرّيح في السباق الى الحرّيّة. أناديه من بعيد، تمهل! ستسقط!
لم يستمع. وسقط.

غاب وترك في عينيّ دمعة. فهذا الفارس لا يشابه أبدا حسن نصرالله. هو ولد وترعرع بين جنود الإحتلال على أرضه، وحول بيته، يدوسون كرامته الإنسانيّة كل يوم، ينتهكون حقه بالحياة والهويّة والوطن الحر، يحرمونه أن يحلم مثل كل إنسان آخر في العالم الذي يصف نفسه بالعالم الحرّ.

رأى الموت كرامة وعزّة وعنفوانا. فالحياة بين أقدام المحتلّ، ذل وهوان وموت بطيء. كم من الشّعوب ثارت من أجل حرّيّتها، فقدم الألوف من أبنائها حياتهم من أجل الحرّيّة. فلماذا نستغرب اندفاعته نحو الموت من أجل هذه الحرّيّة؟

إٌقرأ ايضاً: نتنياهو «ينجو» من «مسيرة الحزب» في حيفا..واسرائيل تواصل جنونها واغتيالاتها!

نعم، أنا انتقدت طريقة اندفاعته في ٧ تشرين الأوّل من العام الماضي. قلت بصراحة كاملة أنّ ما قام به مغامرة غير محسوبة ستأتي بالخراب، والدّمار، والموت المجاني، لشعبه. لكنّني في أعماقي كنت أسأل نفسي كبف يمكن مخاطبة إنسان لم يعرف في حياته ندّا شريفا يمنحه الأمل بالحرّيّة. لم أنتقد هدفه أبدا. فهذا الرجل أراد بيتا لأولاده يعيشون فيه بكرامة مثل أولاد كل مواطن في أميركا، وأوروبّا ومن يسمّون انفسهم بحماة حقوق الإنسان والحرّيّات، والكرامة الإنسانيّة.

غاب السنوار وترك في عينيّ دمعة فهذا الفارس لا يشابه أبدا حسن نصرالله هو ولد وترعرع بين جنود الإحتلال على أرضه وحول بيته يدوسون كرامته الإنسانيّة كل يوم

لطالما أردناه أن يسمع أنّ من قدّم له المال والسّلاح، إنّما يجعل من غضبه وآلامه، وسيلة لخدمة مصالحه وأهدافه. طالبناه أن يعود إلى لغة أهل البلدان الحرّة، فيخاطب الضمائر على منابر الرّأي العامّ لأن مخاطبة هؤلاء أكثر فائدة لقضيّته النبيلة والمحقّة والمشروعة، من المال والسّلاح. خدعوه بحجّة أنّ ما خسره بالقوّة لا يستردّ بغير القوّة. جعلوه يبتعد عن من يملك إستعادة فلسطين له، وأقنعوه أنهم حصنه وسيتبعونه. فلمّا سقط رفعوا اليد عنه، وتركوه ينتظر حتفه بين الرّكام. غاب السّنوار بعد رحلة نضال طويلة. سيذكره بعض مؤرّخي “العالم الحر”، بأنّه “إرهابي” أو ” مخرّب” الخ… من صفات قبيحة. لكنّ التّاريخ المكتوب في الضّمير الإنساني، سيسجّل أنّه قاتل وقتل، من أجل حرّيّة شعبه، ووطنه.

أوروبّا التي انتقدت السّنوار تسارع للمطالبة بالدّولة الفلسطينيّة في حين أن إيران تستمر بلغة التّثوير خارج أي سقف وتقوم بالتفاوض على دمائهم في المحافل الدّبلوماسيّة

وعليه، فإنّ المطلوب الآن أن لا يكمّل رفاقه جعجعة التّهديدات، بانتظار موتهم بين الركام، بلّ أن يحولوا استشهاده إلى قضية ضمير ترفع هدفه الحقيقي: إقامة الدّولة الفلسطينيّة. من الواجب الآن أن يتوقف هذا السّباق الدّموي، والعودة إلى طاولة العمل الدّبلوماسي، والإلتحاق بحركة الأحرار في مختلف دول العالم ألذين هبّوا من كلّ صوب، من أجل قضيّة الحرّيّة لفلسطين. العودة إلى هؤلاء هو أقوى رد على حكومة نتنياهو العنصرية. يمكن تحويل موته إلى رافعة تقض مضاجع هؤلاء. التهديدات هي ما يريده نتنياهو ليكمل مسيرته الدّمويّة البشعة.

المطلوب الآن أن لا يكمّل رفاقه جعجعة التّهديدات بانتظار موتهم بين الركام بلّ أن يحولوا استشهاده إلى قضية ضمير ترفع هدفه الحقيقي: إقامة الدّولة الفلسطينيّة

هذه أوروبّا التي انتقدت السّنوار، تسارع للمطالبة بالدّولة الفلسطينيّة. في حين أن إيران تستمر بلغة التّثوير خارج أي سقف، وتقوم بالتفاوض على دمائهم في المحافل الدّبلوماسيّة. نطالب قادة حماس إحتراما لذكرى هذا الفارس، ألّا يسمحوا لإيران أن تحوّل دمه إلى خزّان دم جديدة، والعودة إلى أحضان شعبهم، والعمل مع أخوانهم العرب الذين يعملون مع العقول الواعية والمنفتحة، في كلّ مكان بما في ذلك في الصّين، وروسيّا، وأوروبّا وكذلك أميركا، لوقف الحرب اليوم قبل الغد، والإعتراف بحقّ الشّعب الفلسطيني بدولته وهويته بين الشعوب.

السابق
جولة للشيخ العاملي على وجهاء وفعاليات دير الأحمر ومراكز إيواء النازحين
التالي
بالفيديو والصور: 5 شهداء بينهم رئيس بلدية سحمر في استهداف لبلدة بعلول للمرة الأولى