عارضنا “حزب الله” بوضوح وحاولنا انقاذه من اوهامه، وتحملنا الافتراء والعنجهية والتخوين، من قبل صبية القوم وادعياء النضال، والمطبلين لكل صاحب سلطة، وحرصنا على اسداء النصح لهم وتوضيح المخاطر، وشرحنا لهم ان عدونا خطير وقوي وماكر، وان مكره هذا قد مكنه من اختيار فرصة جيوسياسية نادرة، لضرب “حزب الله”، تطابق فيها معا أمران؛ إقتراب موعد الانتخابات الاميركية، حيث تصبح الرئاسة الاميركية بطة عرجاء، غير قادرة على المبادرة والضغط والتأثير في القرار الاسرائيلي، والأمر الثاني، هو قرار إيران بالتقرب من أميركا وتحسين علاقتها معها، وإعلان الاخوة الاميركية الايرانية، تمهيدا لرفع العقوبات الاميركية التي انهكت ايران وافقرتها، وبَيَّنا أن ما تزعموه من قوة لديكم وتفوق، ليس امرا حقيقيا، وواجهناهم بجدية وبشجاعة، من ان ايران لها مصالحها وانها تستخدمكم لخدمتها، لكنها لن تلجأ الى حمايتكم على حساب مصالحها، وأكدنا ان مهارات ادارات المساجد في طهران وحارة حريك، لا تصلح لادارة الحروب والدول، وان الايدلوجيا والعقيدة الدينية، قد تساعد في رفع معنويات مقاتل ودفعه للموت بشجاعة، لكن الايدلوجيا لا تقوى على مواجهة التكنولوجيا، التي تستطيع ان تدير الاسلحة والجيوش وآلات الحرب والدمار.
كنا حريصين على شباب فيه، اعطوا اعمارهم للدفاع عن لبنان وفلسطين
كان هدفنا الأكيد، أن لا يصل “حزب الله” وقيادته الى ما وصل اليه، لاننا كنا حريصين على شباب فيه، اعطوا اعمارهم للدفاع عن لبنان وفلسطين، وان لا يوصلنا الحزب في كل لبنان لهذا الخراب الشامل، والذل والمهانة الجماعية، وان يتعرض شعبنا إلى هذه اللحظة التراجيدية.
الغضب لا يرسم طريقا لوقف الكارثة، انه وقت للعمل
الغضب عميم، والحزن عميق، والمرارة قاسية، ثمة قهر يتأجج ولا ينفجر في كل نفس لبنانية، يقابله فرح في صدور الصهاينة والاعداء.
الحزن لا يكفي، الغضب لا يرسم طريقا لوقف الكارثة، انه وقت للعمل وقت للاقلاع عن تنكب المزيد من الحماقات…
الوقت لطرح الاسئلة التي كانت محظورة وممنوعة، والاسئلة الضرورية اليوم؛ اولها لماذا وصلنا الى هنا، واصبحنا أسرى مأزق يصعب حله؟! وثانيها، ماهي السبل التي علينا اتباعها، والمبادرات التي علينا اطلاقها، لبدء الخروج من الحفرة التي سقطنا فيها.
الدولة هي الحل، وقواها الشرعية هي الحماية، ووحدتنا الوطنية خلف دولتنا وجيشنا، هو طريق السلامة والانقاذ…
والدولة التي ندعو للذهاب اليها، ليست منظومة السلطة القائمة اليوم، على الفساد والفشل والارتهان للخارج، بل دولة يتم بناؤها من بقايا السلطة المشلعه، وتنتظم هيكليتها من مفاهيم الاحتكام للدستور، والتسليم الطوعي بسيادة القانون ومن قيم المواطنة والشرعية الدستورية.
الكارثة تتشعب وتتمدد…
مليون نازح تركوا بيوتا لم تعد منازل، وعشرات القرى المدمرة، وحكومة عاجزة وفاقدة للمصداقية الوطنية، وغير عابئة بمصالح الناس وحيواتهم وامنهم، و بقية هياكل دولة، تم تفكيكها وتعطيلها وجعلها تافهة وصورية خارج الفعل والعمل، ومرافق عامة لا تشتغل ولا تنتظم ولا تؤدي اي دور من ادوارها…
مليون نازح تركوا بيوتا لم تعد منازل، وعشرات القرى المدمرة، وحكومة عاجزة
عزلتنا العربية والدولية غير مسبوقة، والدول والحكومات التي لا تصفق لمجرم الحرب بنيامين نتنياهو في العلن، ترسل تهانيها في السر…
لا يوجد ما يُفرح! او يفرج قلقنا، الا اذا صنعنا قدرنا معا، ولا يمكن لملمة البلد دون اعادة انتظام المؤسسات، من رئاسة الجمهورية الى حكومة جديدة فاعلة…
اما اليوم فعلى الحكومة ان تعلن حالة الطوارئ، وتسليم الجيش الامن والاشراف على المطار والمرفأ والمعابر الحدودية…
لينزل نواب البرلمان الى البرلمان، يمكثون فيه ويعتصمون دفاعا عن ما تبقى من لبنان، وعندما يكتمل النصاب، يتم انتخاب قائد الجيش رئيسا للجمهورية…
الجيش وحده من يستطيع لملمة البلد والحفاظ عليه جنوب الليطاني وشماله، فهل من يستجيب؟!