في 13 يوليو 2024، نجا دونالد ترامب، الرئيس السابق للولايات المتحدة والمرشح المفترض للحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، من محاولة اغتيال أثناء إلقائه خطابًا في تجمع انتخابي بالقرب من بتلر، بنسلفانيا. أُصيب ترامب برصاصة في الجزء العلوي من أذنه اليمنى من قبل توماس ماثيو كروكس، وهو شاب يبلغ من العمر 20 عامًا من بيتل بارك، بنسلفانيا، أطلق ثماني طلقات من بندقية من طراز إيه آر-15 من فوق سطح مبنى يقع على بعد نحو 400 قدم (120 مترًا) من المنصة، فقُتل أحد الحاضرين، وأصيب بجروح خطيرة اثنان آخران من الحضور، ثم إطلق النار فريق القناصة المضاد التابع للخدمة السرية الأمريكية على كروكس وتمّ قتله.
وأول أمس الاحد في 15 ايلول الجاري، شاهد أفراد الخدمة السرية الذين كانوا يؤمنون الحماية لترامب في الملعب، خلال ممارسته لعبة الغولف “فوهة بندقية تبرز من السياج واشتبكوا على الفور مع الشخص الذي يحملها ففرّ هاربا، ثم أوقفته قوات إنفاذ القانون، وقد عُثر معه على “بندقية رشاش من طراز كلاشنكوف روسية “آيه كيه 47″ مع منظار، بالإضافة إلى كاميرا فيديو”.
كيف استطاع شخص مسلّح بسلاح ظاهر أن يقترب إلى هذا الحد من مكان تواجد ترامب ويبقى لفترة طويلة؟
ولاحقا، أعلن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي “أن دونالد ترامب كان هدفا لمحاولة اغتيال، الأحد، في فلوريدا، حيث أفادت حملة المرشح الجمهوري للرئاسة أنه آمن ولم يُصب بأذى”.
من يريد قتل ترامب؟
شبكة “سي إن إن” الأميركية قالت بعد محاولة الاغتيال الاولى، أن الولايات المتحدة تلقت معلومات استخباراتية، من مصدر في الأسابيع القليلة الماضية، عن مؤامرة إيرانية لاغتيال الرئيس السابق والمرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية دونالد ترامب.
وفيما ردّت حينها بعثة إيران لدى الأمم المتحدة بعد في بيان قائلة ان “هذه الاتهامات مغرضة ولا أساس لها من الصحة” ، فإن البيت الأبيض رفض التعليق، لكنه قال إنه لا توجد مؤشرات على أن مطلق النار المشتبه به في محاولة اغتيال ترامب السبت الماضي، كان له أي شركاء أجانب أو أميركيين.
ومن ناحية ثانية، وبعد محاولة الاغتيال الاولى، طرح ترامب جينيور نجل الرئيس السابق سؤالا مشروعا قائلا: كيف استطاع شخص مسلّح بسلاح ظاهر، أن يقترب إلى هذا الحد من مكان تواجد والده ويبقى لفترة طويلة؟
إقرأ ايضاً: خاص «جنوبية»..«الحزب» يُحقق في خرق «الموساد» للإتصالات مع مسؤولَين بارزَين فيه!
النائبة الجمهورية البارزة إليز ستيفانيك أثارت تساؤلات حول الحادث، وقدرة مهاجم على شق طريقه دون عوائق إلى شجيرات أمَّنت له غطاءً وخط رؤية واضحاً للرئيس السابق. وقالت في بيان: «يجب أن نسأل أنفسنا: كيف سُمح لقاتل مرة أخرى بالاقتراب إلى هذه الدرجة من الرئيس ترمب؟».
وأضافت: «لا يزال هناك حتى الآن نقص في الإجابات على محاولة الاغتيال المروعة في بنسلفانيا، ونحن نتوقع أن يكون هناك تفسير واضح لما حدث اليوم في فلوريد»!
انقسام المجتمع الاميركي
هذه التساؤلات المشروعة، تفتح باب الاتهامات بقوة تجاه التفكير بمؤامرة داخلية، وتواطؤ من احد الاجهزة الامنية السرّية، للتخلّص من الرئيس السابق ترامب، الذي اعلن انه في حال اعادة انتخابه سوف يعمد الى حلّ عدد من تلك الاجهزة واعادة هيكلتها، ومن ضمنها مكتب التحقيق الفدرالي والـ FBI، خصوصا وان الانقسام العامودي في المجتمع الاميركي بلغ اوجه منذ مجيئه الى السلطة بشكل مفاجىء عام 2016 من خارج نسيج الطبقة السياسية الاميركية، طارحا افكارا ومشاريع داخلية وخارجية من شأنها قلب السياسات الاستراتيجية الاميركية رأسا على عقب، ان كان من ناحية اغلاق باب الهحرة وطرد المقيمين غير الشرعيين، وعدم السماح بالاجهاض ومحاربة المثلية داخليا، وخارجيا من ناحية سياسة تقاربه مع روسيا بوتين، واصراره في الشرق الاوسط، على المضي بصفقة القرن مع اليمين المتطرف الاسرائيلي، التي من شأنها تصفية القضية الفلسطينية.
لم يسجل التاريخ الاميركي الحديث تعرّض مرشّح للرئاسة لمحاولتي اغتيال افشلهما تدخّل القدر او “ارادة الله” كما أحبّ ترامب ان يعبّر
بظاهرة فريدة وغريبة من نوعها، لم يسجل التاريخ الاميركي الحديث تعرّض مرشّح للرئاسة لمحاولتي اغتيال، افشلهما تدخّل القدر او “ارادة الله” كما أحبّ ترامب ان يعبّر، وهو الرئيس الفريد والغريب من نوعه أيضا.
ويبقى السؤال هل سيبقى القدر او “الله” حليف ترامب في المرات المقبلة او سيتخلى عنه، لتكون “الثالثة ثابتة” وفق التعبير اللبناني، فينجح المتآمرون في تنحيته جسديا، والتخلّص من مشروعه الخطر على بنية الولايات المتحدة واستراتيجياتها المستقبلية، كما يتهمه الآباء الليبراليون لأميركا، عرابو سياساتها وحرّاس دولتها العميقة؟