عباس الزين يفوز بجائزته الثانية في الأدب غير الروائي عن كتابه: «رصاصة ورقة صخرة»

عباس الزين

إنها الجائزة الأدبية الثانية التي يحصدها عباس الزين* الكاتب اللبناني-الأسترالي، وقد اعلن عنها في حفل توزيع جوائز كوينزلاند الأدبية (Queensland Literary Awards) الأسترالية* الذي اقيم في المكتبة العامة لولاية كوينزلاند مساء الخميس ٥ أيلول ٢٠٢٤. كانت قد رُشّحت لفئة الأدب غير الروائي هذا العام مجموعة كبيرة من الكتب تم اختيار خمسة منها بعد التصفية قبل اعلان فوز كتاب الزين بالجائزة، وهي:

١- المياه العميقة: العالم في المحيط، لـ جايمس برادلي
Deep Water: The World In the Ocean، James Bradley عن دار
Hamish Hamilton Penguin Random House

٢- النُصب التذكاري، لـ بوني كسيدي
Bonny Cassidy ،Monument عن دار Giramondo Publishing

٣- رصاصة ورقة صخرة، لـ عباس الزين
Abbas El-Zein ،Bullet Paper Rock عن دار Publishing Upswell

٤- المختبر الفلسطيني، لـ انتوني لوينستين
Antony Loewenstein ،The Palestine Laboratory عن دار Scribe Publications

٥- النتيجة الشخصية: الرياضة، الثقافة، الهوية لـ إلن فان
Ellen van Neerven, Personal Score: Sport, Culture, Identity عن دار
University of Queensland Press

يحصد الزين جائزته الثانية من بين هذه الكتب المتميزة، بعد نيله جائزة “العلاقات المجتمعية” من رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز New South Wales عن كتابه “الإذن بالبقاء” سنة ٢٠١٠، وهي سيرة ذاتية تشمل تأملات شخصية في الحرب والهوية والعلاقات بين الشرق والغرب، واشكاليات الاغتراب وتحديات التنقل بين ثقافات ولغات مختلفة.

“رصاصة، ورقة، صخرة” هو رابع كتاب للزين بعد رواية “بلّغ المياه الجارية”
Tell the Running Water و”الإذن بالبقاء” Leave to Remain ومجموعة القصص القصيرة “الصانع السري للعالم” The Secret Maker of the World. كتاب الزين الجديد مجموعة مذكرات تتعدد فيها الصراعات بين المعلمين والطلاب، فصائل اليسار واليمين، المدنيين والمسلحين، اللغة الفرنسية والعربية… لغتان تتنافسان على الهيمنة في عوالم ما بعد الاستعمار في بيروت وبلاد الشام، بينما تتسلل اللغة الإنجليزية تدريجيا مؤشرة الى تحولات كبرى في الاجتماع والسياسة والعلاقات، طاولت الخاص بشكل مباشر. يطوف عباس الزين في كتابه بين مجموعة من المساحات والاحداث، في سرد ادبي متألق. مازجاً بين الحدث ومعناه، ناقلاً انطباعات من زوايا الأمكنة والأفكار، لابساً عباءة الاديب والمحلل والمؤرخ، وفي بعض الأحيان عباءة الألسني، ثابراً غور المصطلحات. في بعض محطات السرد، يتنقل بين الشخصي والعام، يخبرنا انه كاد يغرق في بحر صيدا، هذا البحر، بامتداداته وصراعته، ملح وفرح على حافة الألم والدم… ويدخل الى عوالم رؤيته لاندلاع الحرب الأهلية، ومأساة وفاة اثنين من أفراد عائلته المقربين العم والجدّة… العديد من المحطات التي تجمع بين النقد والسخرية والألم، وصولاً الى احداث ٧ أكتوبر ٢٠٢٣.

إقرأ ايضاً: اسرائيل  تُحاصر «الحزب» بالنار في جنوب الليطاني..وإيران تعترف بـ«الردع البحري» من تل ابيب وواشنطن!

يمر على محطات جيل كامل، جسّده الزين. بحلول الوقت الذي تخرّج فيه من المدرسة الفرنسية في بيروت كانت تداعيات الاحتلال الإسرائيلي لجزء من لبنان. شاهد من شرفته سحابة الانفجار التي اودت بمئات من الجنود الأمريكيين والفرنسيين بعد الاجتياح الاسرائيلي… معانيها، تبعاتها… احتلال البيوت في بيروت، التحولات الاجتماعية والسياسية، جدران اللغة والاحتكاك بالآخر، الهجرة… كلها في مخاض وعائه النفسي والفكري.

يعبّر الكتاب عن البقاء والفقدان، في اللغة والعنف. رثاء لماضٍ مرير – من السبعينيات البريئة، مرورًا بأحداث ١١ سبتمبر وتداعياتها، إلى كوارث الربيع العربي والصراع العربي-الإسرائيلي. ويقف عند تكريمه لنساء عائلته، يقول: “اخترن الأمل نسيجًا، كن يعملن بجد، ليلًا كما في النهار، ليخلقن حياة قابلة للعيش، حياة أَحببن فيها وأُحببن بكثرة”. حظي الكتاب بإشادة لقدرته على التعبير عن تفاصيل الحياة بين عالمين فهو يقدم للقارئ نظرة حميمية على تقاطعات الذاكرة والهوية.

يقول الكاتب روبرت ديسي عن رصاصة ورقة صخرة: “هو نوع من غرفة عجائب
(Wonder Room) مكونة من لمحات من الطفولة والشباب في لبنان وتعقيدات عائلية وهجرة وحرب وخصوصا اللغة… هو شغف اللغة لرجل يتكلم ثلاث لغات. كتابته الانكليزية مذهلة في سكونها ودقتها رغم ان خلفية الكتاب مليئة بالكوارث والخسارات. عباس الزين يتكلم عن الاشياء الأكثر اهمية للجميع. صوته لن تنساه بسهولة.”

بأسلوبه الأدبي الغني والمليء بالتأملات العميقة يتركنا عباس الزين في آخر كتابه مع هذه الجملة:
“الظل الدائم لكل سيرة ذاتية، هو الذات الاخرى التي فشل المرء في تحقيقها – تمامًا مثل تاريخ الأمم التي لم تتحقق… أمم هي أوطاني.”
جاءت هذه الجائزة لتضيء بشكل اكبر على هذا العمل المتميز، ولتضيف الى الأدب العالمي جزءاً من ذاكرة لبنانية تتخطى حدود اللغة والهوية.

* جوائز كوينزلاند الأدبية هي حفل سنوي لتكريم المواهب الأدبية الأسترالية البارزة. تم تأسيس الجوائز من قبل حكومة ولاية كوينزلاند، وتشمل مجموعة واسعة من الفئات، بما في ذلك الأدب الروائي وغير الروائي والشعر وكتب الأطفال. كما تكرم الجوائز الكتاب الناشئين والمؤلفين المعروفين من السكان الأصليين من خلال فئات محددة مثل جائزة رئيس وزراء كوينزلاند للأعمال ذات الأهمية للولاية وجائزة ديفيد أونايبون للكاتب الأصلي غير المنشور. تهدف الجوائز إلى تعزيز التميز الأدبي وتسليط الضوء على الأهمية الثقافية للأدب في أستراليا.

   

السابق
الحرب أفظع مرض في تاريخ البشرية
التالي
حازم صاغية في ندوة عن ذكرى قيام لبنان الكبير: راديكاليّة الجوار العسكريّة والدينيّة لا تتعايش مع حياة اللبنانيّين!