يقولون: لا توجد حرب جيدة، كما أنه لا يوجد سلام رديئ. وإليك قبساً من الدفء والسلام والمحبة من إمام عظيم عركته الحياة والحروب والتجارب وما يشعُّ في وجدانه وإيمانه وقلبه، ونطق بها لسانه عندما قالها أمير المؤمنين علي (ع) وهو يتحدَّث عن السلام ونبذ الحرب والإقتتال فقال: “وعقد الله بينهم حبل الألفة التي ينتقلون في ظلِّها ويأوون إلى كَنَفِها بنعمةٍ لا يعرف أحدٌ من المخلوقين لها قيمة، لأنها أرجح من كل ثمنٍ وأجلّ من كل خطر”. ثم يقول: ” بئس العدوان على العباد… إنَّ في الصلح أمناً للبلاد”. وأيضاً قال: ” يا أيها الإنسان! ما آنسك بهَلَكة نفسك؟ أليس من نومك يقظة؟ “.
اقرأ أيضاً: ثقف نفسك بـ30 معلومة عامة مذهلة
ويقولون أيضاً، بأنه من يخوض الحرب لا يخرج كما دخل، بل يتحول إلى كائن آخر، لأنه المكان الوحيد الذي يقتل فيه الإنسان بدون أن يحاسب. وبهذا تكون الحرب من جهة أخرى هي تعطيل لكل القوانين التي تعب الجنس البشري في تحصيلها. ومن جهة فلسفية ثالثة، يعتبر الفيلسوف الألماني (إيمانويل كانط) من أنه لا يجب خوض الحرب، تحت أي مسمَّى أو ذريعة، بما فيها الحرب العادلة، فطالما خاض الإنسان الحرب لا يبقى عدل.
لعلَّ من هذه التجارب نرى نفس الإتجاه يصب مع نبي الله إبراهيم (ع) كما وصف القرآن الكريم، حينما حرَّم التضحية بالإنسان في صورة ولده نبي الله إسماعيل (ع) واستبدلها بفداءٍ وقربانٍ حيواني، لأن الصورة ما قبل ذلك، كانت الحروب هي تقديم قرابين بشرية. وبهذا تكون الحروب ضد قانون الحياة، لأنَّ التاريخ والدراسات التي أثبتت بأن الحروب التي خاضها البشر منذ أن أوجد آلة القتل تعادل كل 13 سنة مقابل سنة واحدة من السلام. وبحسب إحصائيات معهد (غاستون بوتول) فإنه خلال مائتي سنة حصل أكثر من 360 نزاعاً مسلحاً، مات فيه أكثر من ثمانين مليون إنسان، وفي حرب (برلين) وحدها مات فيها أكثر من ثلاثة ملايين إنسان، وفي الجبهة الروسية في الحرب الثانية مات فيها أكثر من عشرين مليون إنسان. واليوم حاسوب الدم يتزايد، فما أعجب هذا المخلوق البشري القاتل الناطق أمره عجب عجاب؟
ما آنسك أيها البشري بنفسك، أليس هناك من يقظة أو مفتاح آخر يوحي بالأمل في نفسك؟. فلنتأمل حينما اعترضت الملائكة بحسب النص القرآني على خلق الإنسان؟ فيحدثنا بأنها لم تسأل الخالق عزَّ وجلّ أتجعل فيها مَن يكفر؟ مَن يشرك؟ مَن يُلحد؟ بل سألت قائلة: أتجعل فيها من يُفسدُ فيها ويسفك الدماء؟. لهذا يسعى الإنسان لبناء نظامٍ وقانون ودولة من أجل الأمن والسلام للفرد، ليعيش وينعم بثمراتها، مقابل أن تحتكر آلة القتل والعنف بيدها، لا كما تفعل شياطين أمريكا وأذنابها المولعة بضرب الصواريخ وتصدير الآلة القاتلة المتطورة إلى كل مكان في العالم!.