أثار فيديو نشره أحد أبناء بلدة دير ميماس في الأيام الأخيرة، جدلا كبيرا لأنه أقدم على تصوير لحظة انطلاق صواريخ حزب الله من أحد الوديان فيها نحو الأراضي المحتلة. وعلى الرغم من اعتذاره بعد الخطأ الذي ارتكبه، استغل أنصار الحزب الحادثة لبدء حملة أوسع على من أسموهم «العملاء» داعين إلى محاسبتهم وصولا إلى تصفيتهم وقتلهم.
1- خطأ التصوير.. والإعتذار
ما جرى أن المواطن رامي برنابا شاهد بعض الصواريخ تنطلق من وادي دير ميماس نحو الأراضي المحتلة. كما يقول، صوّر المشهد وأرسله عبر مجموعة «واتس أب» خاصة، ثم حذفه. إلا أن الفيديو انتشر سريعا.
ويخوض حزب الله منذ 8 تشرين الأول الفائت معركة «إسناد غزة» دعما لحركة حماس في عملية «طوفان الأقصى». وكثّف الحزب في الأيام الأخيرة عملياته كما زاد من عدد الصواريخ التي يطلقها صوب شمال فلسطين المحتلة.
ولدى إسرائيل أجهزة رادار وطائرات من دون طيار يمكّنها من إكتشاف مواقع إطلاق الصواريخ، إلا أن أشجار الوديان والجبال تصعّب عليها المهمّة، ويستطيع مقاتلو الحزب التخفي تحتها.
أمام الخطأ الذي ارتكبه، قدّم برنابا لاحقا اعتذارا في فيديو انتشر عبر مواقع التواصل، وقال إنه صوّره عن طريق الصدفة، لأنه منظر غير مألوف أن يقوم الحزب بالقصف من هذه البلدة.
أما عن السباب الذي أطلقه في الفيديو قال إنه «لم يقصد شباب الحزب والله ينصرهم ويقويهم على أعدائهم»، متمنيا من الجميع تفهّمه وتقبل الموضوع، مكررًا اعتذاره «أمام الغلطة التي ارتكبتها».
2- بدء الحملة.. «طفح الكيل»
لم يشفع لبرنابا اعتذاره أمام جمهور حزب الله، الذي شنّ عليه حملة كبيرة عبر مواقع التواصل، معلنا إنه «طفح الكيل» من «العملاء» في الداخل اللبناني.
وتمكن موقع «جنوبية» من رصد عشرات المجموعات المقربة من حزب الله، التي عمدت إلى نشر كامل التفاصيل عن برنابا من رقمه العسكري إلى رقم هاتفه، بهدف هدر دمه.
وزعمت هذه المنشورات أن الأخير تابع لغرفة عمليات الخلية الأمنية في وزارة الداخلية.
ودعت الكثير من المنشورات إلى «تصفية العملاء»، فيما كشفت حسابات أخرى أن شبابًا من دير ميماس ومن كفركلا «قاموا بالواجب» معه ولذلك قدم فيديو الاعتذار.
3- أسئلة مشروعة.. لأنها دير ميماس؟
مصادر شددت عبر موقع «جنوبية» على أن برنابا قام بخطأ فادح بالتصوير من هذه الزواية، لكنها طرحت في الوقت عينه مجموعة تساؤلات، تفنّد فيها مزاعم تسليم برنابا هذا الفيديو للعدو الإسرائيلي، أو «إعطائه إحداثيات» كما روجت الحسابات المناصرة لحزب الله. وبين هذه الأسئلة:
1- ما هو الدليل على أن برنابا سلّم هذا الشريط للعدو؟ وإذا كانت هذه هي الحالة، لماذا لا يتم معه التحقيق فورا بشبهة التعامل مع العدو إذا ما وجد التحقيق أدلة كافية على ذلك؟
2- لماذا لا ترمى تهم العمالة يمينا ويسارًا إلا عندما يتم التصوير في بيئة معارضة لحزب الله، من عين ابل إلى دير ميماس إلى رميش وغيرها؟ ولماذا الكيل بمكيالين؟ (علما أن كل البلدات هذه وغيرها، بداخلها مناصرون ومعارضون للحزب في الوقت عينه)
3- لو كان برنابا فعلا عميلا وسلّم مواقع الإطلاق للإسرائيليين كما تقول مزاعم جمهور حزب الله، لماذا لم نسمع عن قصف هذه المواقع؟
4- أكثر من ذلك، موقع الإطلاق هذا بالتحديد، قصفه العدو الإسرائيلي أكثر من مرة خلال الحرب، مدفعيا وبالقذائف الفوسفورية، وتحديدا في 15 و21 آب الجاري، وكل جمهور حزب الله نشر الصور حينها، فكيف اتهام برنابا وحيدا بنشر «إحداثيات للعدو»؟
5- من عمد إلى نشر فيديو برنابا نفسه على نطاق واسع؟ أليس جمهور حزب الله الذي ساهم بالخطوة عبر مختلف مواقع التواصل، كله من أجل الهجوم على «العملاء»؟ قلة قليلة منهم امتنعت عن نشر الفيديو (وهذا هو التصرف الصحيح أساسا) لكنها لم تستطع منع انتشاره أمام ظهوره على صفحات أنصار الحزب أولا!
6- منذ أيام، نشر أحد أبناء البقاع مشاهد مروعة لقصف مخزن سلاح لحزب الله في البقاع، فقالت بعض الصفحات الموالية للحزب أن هذا الفيديو جعل الإسرائيليين يعلمون بنجاح هدفهم (كلام غير مثبت أساسا)، ثم توقف الكلام هنا. لماذا إذا عندما يتعلق الأمر بمعارضين للحزب، تبدأ حملات القتل وهدر الدم والتصفية؟
7- أليس هناك عشرات الفيديوهات، تنشرها أولا قبل أي أحد المجموعات الإخبارية التي تدور في فلك حزب الله، تكشف مواقع في جنوب لبنان عبر تصوير أماكن سقوط الغارات الإسرائيلية من كل الزوايا القريبة والبعيدة، على الرغم من دعوة أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله نفسه إلى الامتناع عن التصوير بعد القصف؟ وبالمناسبة، الصفحات الإسرائيلية تأخذ كل هذه الفيديوهات وتنشرها على صفحاتها وتضع وسم إسمها بالعبري عليها، وهذا ما حصل في فيديو دير ميماس أصلا!
8- السؤال الأهم: لماذا لا يتم ملاحقة العملاء الفعليين، الذي لا ينبس أحد ببنت شفة عنهم، والذي أودوا بحياة كبار قادة حزب الله في المعركة مع العدو الإسرائيلي، وليس آخرهم القائد العسكري الأول فؤاد شكر، الذي، بحسب حزب الله نفسه، لم يتم اغتياله باختراق الاتصالات، فكيف تم اغتياله إذا؟ ألا تصبح حملات هدر الدم الأخيرة هنا، نفاقًا؟
إقرأ/ي أيضا: بالصور: خضة داخل حيفا.. هل صوّرت مسيّرة «الحزب» منزل نتنياهو؟