المفاوضات بين «خسارة» إسرائيل و«إعدام» حماس!

الجيش الاسرائيلي غزة

“النهائي” خسارة لاسرائيل و”المؤقت” خسارة ل”حماس”، وهنا يضيع التفاوض، وتضيع نتائج التفاوض، كما تضيع الخطط الأميركية المقترحة بين الطرفين.

إذ تتبادل اسرائيل و”حماس” مطالب شبه مستحيلة من كل جانب، ويصعب بالتالي، لا بل يستحيل، على كل منهما القبول بمطالب وشروط الطرف الآخر وتطبيقها.

ما يعني أن جولات التفاوض أصبحت شبه عبثية، وهي تؤكد أن المعادلة المتبعة بين الطرفين هي أن: “التعقيدات سياسية، ولكن الحلول عسكرية”.

شرطان ثابتان لاسرائيل

في الواقع، تريد اسرائيل في المفاوضات مع “حماس” بشأن الهدنة وتبادل الأسرى، أن تعلن “حماس” استسلامها، فاستمرار الحرب يعني في النهاية خسارة ميدانية مؤجلة.

شرطان ثابتان تتمسك بهما اسرائيل في كل مطالبها التفاوضية، لما بعد الهدنة، وهي ستعود إلى تطبيقهما بعدها، لا وقف نهائي للحرب (لا تراجع عن اقتحام رفح) ولا انسحاب من غزة، في حين أنه لا مانع لديها، على ما يبدو، من التنازل أو التوسع في الشروط والمطالب الأخرى،

كل ذلك، مع الاستمرار بسياسة الاغتيالات، وملاحقة اسرائيل لقائد حماس يحيى السنوار، بغية تصفيته.

تتشدد “حماس” في مواقفها، مع تركيزها على الاحتفاظ بالقسم الأكبر من الأسرى الاسرائيليين لديها

إن تسليم “حماس” للأسرى، أو لقسم منهم للاسرائيليين، من دون وقف للنار، ومن دون أن تتراجع اسرائيل عن خطة اقتحام رفح، ومن دون أن تنسحب اسرائيل من غزة، ومن دون أن يكون الحل “نهائياً”، هو، بالنسبة لحماس، بمثابة توقيعها على “عقد إعدامها لنفسها”. ولذلك تتشدد “حماس” في مواقفها، مع تركيزها على الاحتفاظ بالقسم الأكبر من الأسرى الاسرائيليين لديها. وهو قد يكون طوق نجاتها شبه الوحيد.

شرطان أساسيان لحماس، وشروط تفصيلية عدة

تريد “حماس” من اسرائيل في هذه المفاوضات، أن تعلن اسرائيل خسارتها الحرب. فتنهي الحرب وتنسحب من غزة، وهي تطلب تفصيلاً أن توقف اسرائيل النار والحرب، وأن تسمح بدخول المساعدات وأن تسلم حوالى 900 أسير فلسطيني، بينهم بعض القيادات التي تختارهم “حماس”، وأن يعود أهل غزة الى المناطق الشمالية، وأن تنسحب اسرائيل من غزة، وأن تبقى “حماس” في الحكم في القطاع، وأن تحتفظ بثلثي الأسرى الاسرائيليين، بينهم كل العساكر.

ويعتبر رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو، أن وقف الحرب في هذه المرحلة هو إعلان اسرائيل بنفسها عن خسارتها للحرب، وهذا أمر لن يحدث بالنسبة له.

إما أن تقبل اسرائيل بالنهائي، وإما أن تقبل حماس بالمؤقت

أعجوبة من إثنتين، إما أن تقبل اسرائيل بالنهائي، وإما أن تقبل حماس بالمؤقت. هاتان هما الأعجوبتان اللتان يمكن أن تحوما فوق غزة، والمرجح هو قبول “حماس” بالمؤقت، على أن تحاول “حماس” كسب الوقت، مع احتفاظها بحوالى ثلثي الأسرى لديها. ما يضمن لها، من وجهة نظرها، منع الجيش الاسرائيلي من المخاطرة بخسارة أسراه!

تاريخان هامان أحدهم مفصلي

7 أكتوبر 2024 يعني أن اسرائيل تخطت السنة الكاملة، بالحرب من دون أن تنتصر بها، ومن دون أن تحقق أهدافها، مع رمزية أطول حرب خاضتها اسرائيل منذ تأسيسها، ومع اعتبارها هذه الحرب “وجودية”.

كل ذلك، مع العلم أن استراتجياتها المقبلة غير واضحة على الاطلاق، لا في الكنيست، لا لدى الجيش، ولا في الرأي العام الاسرائيلي، فيما العالم لا يعرف ماذا ينتظر. والحلول مؤجلة.

هذا التاريخ، يعني بالنسبة لـ”حماس”، صموداً بطعم الانتصار، على الرغم من الفاتورة الكارثية بخسارة حوالى 50.000 شهيد و100.000 جريح، وتشريد مليوني من أهل غزة ودمار معظم مساكن القطاع.

التاريخ المفصلي للحرب فهو 5 نوفمبر 2024، وهو تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية

أما التاريخ المفصلي للحرب فهو 5 نوفمبر 2024، وهو تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية، والتي ستكون مؤشراً أساسياً لاتجاهات الحرب، ليس فقط في غزة، بل أيضاً مع لبنان، وفي المنطقة ككل، وصولاً الى الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

بين المؤقت والنهائي تستمر اسرائيل بارتكاب المجازر بقصف المدنيين، من دون أن يعني ذلك لـ”حماس” ضغطاً عسكرياً إضافياً ، وذلك بالتزامن مع الانزلاق أكثر فأكثر باتجاه حرب “شاملة”، ما تزال مستبعدة مع لبنان.

كل الآفاق مقفلة، إلا أفق الحرب

كل الآفاق مقفلة، إلا أفق الحرب، وعلى أي حال، فالحرب مستمرة حتى مطلع العام المقبل 2025 وعندها، “لكل حادث حديث”!

السابق
٨ شهداء في الجنوب منذ الصباح!
التالي
بالفيديو: أرسلها لتنفيذ عملية دقيقة.. محلّقة انتحارية استعملها «الحزب» مؤخرا فما هي؟