تجد اسرائيل نفسها أمام مشاهد فيديو “عماد 4 حكماً أمام خيارين: إما الانكفاء دفاعياً، وإما المبادرة هجومياً، وفي الذهنية الاسرائيلية فإن الخيار الثاني هو المرجح، خاصة وأن “حزب الله” ينوي، كما هو متداول، أن يزوِّد المجتمع اللبناني والاسرائيلي والدولي، بمزيد من هذه المشاهد “التهديدية” لاسرائيل، أكثر وضوحاً من الهدهد.
كما يعني ذلك، أن اسرائيل ستعمل على تفعيل خطط الحرب على لبنان، وبالتالي الهروب الى الأمام بدلاً من الابتعاد عن الحرب، وذلك لأن أهداف الجيش الاسرائيلي الحالية، ستبتعد أكثر فأكثر عن التحقيق.
وأبرز هذه الأهداف هي ابعاد المخاطر عن اسرائيل، منع تكرار 7 أكتوبر، تأمين أمن شمال اسرائيل، استعادة الرأي العام الاسرائيلي الثقة بدولة اسرائيل من خلال استعادة الثقة بالجيش الاسرائيلي. وكلها أمور لم تحصل حتى الآن، ويبدو أنها لن تحصل عما قريب، ولكن التفعيل لا يعني أن الحرب وشيكة! بل يبقى خياراً “OPTION”.
بالتأكيد، لم تتفاجأ اسرائيل بنفق، أو محطة (أو مدينة!) عماد 4، التي كشف عنها “حزب الله” في الفيديو الأخير! فاسرائيل تدرك منذ زمن بعيد، وتأكدت مع أنفاق “حماس، أن الحزب من جهته قد حفر أنفاقاً له، وبالتالي، فإنها تدرك أنه يوجد عماد 1 و2 و3…
اسرائيل ستعمل على تفعيل خطط الحرب على لبنان وبالتالي الهروب الى الأمام بدلاً من الابتعاد عن الحرب
وذلك، مع فارق ايجابي لصالح “حزب الله” بالنسبة ل”حماس”، وهو سهولة الحزب بالتنفيذ، كونه يملك كل الامكانيات المالية واللوجستية والجغرافية والعمق اللبناني والسوري والايراني، فهو غير محاصر، كما هي “حماس”، التي على الرغم من الحصار نجحت بحفر هذا الطول الهائل من الأنفاق.
إقرأ أيضاً: «المقتلة اليومية» لقيادات وعناصر «حزب الله» تُغضب بيئته..و«رائحة الدماء» تغلب «تسوية غزة»!
“عماد 4” أعطى فكرة أوضح لاسرائيل عن حجم نفق، أو أنفاق، حزب الله. فهي كبيرة، طويلة، عريضة، مرتفعة، موصولة بحركة شاحنات، مفتوحة على التزود اللوجستي، تحوي مخازن معدة للمواجهة لوقت طويل، ومجهزة لإطلاق صواريخ، حتى بالحجم الباليستي.
يعزز “عماد 4” فكرة التوازن الميداني، على الأقل! فهو يرسل رسالة تحذيرية جدية لاسرائيل أن أي هجوم بري سيكون مرتفع الكلفة. وسيتكبد به الجيش الاسرائيلي الكثير من القتلى والخسائر بالجنود، بالإضافة الى خسائر في العتاد والتجهيزات والآليات والمدرعات.
يعزز “عماد 4” فكرة التوازن الميداني على الأقل! فهو يرسل رسالة تحذيرية جدية لاسرائيل أن أي هجوم بري سيكون مرتفع الكلفة
كما يرسل “حزب الله” رسالة قوية، لجهة أنه يصعب تدمير منصات صواريخه، المخفية تحت الأرض. وأيضاً، فإذا كان سيصعب على الحزب تجميع قواه برياً هجومياً، أو حتى دفاعياً، فإنه قادر على تجميعهم في الأنفاق، بعيداً عن الاستهداف الجوي لهم بالقصف أو بالمسيّرات.
بالتحليل، يمكن الاعتقاد أن فعالية الردع من قبل الحزب، سيُثبت اسرائيل بمتابعة أسلوبها بمسلسل الاغتيالات لقادة الحزب، وبخاصة الميدانيين منهم، كما فعلت باغتيال القائد العسكري للحزب فؤاد شكر. على الرغم من أن الحزب يستطيع بالخبرات المكتسبة، ملء الشواغر في المراكز القيادية.
سيسهل فيديو “عماد 4” على اسرائيل مهمة الابتزاز المالي للولايات المتحدة ومهمة الحصول على الدعم العسكري الأميركي الأوروبي ومهمة التصعيد الاعلامي الدولي ضد الحزب
من جهة أخرى، سيسهل فيديو “عماد 4” على اسرائيل مهمة الابتزاز المالي للولايات المتحدة، ومهمة الحصول على الدعم العسكري الأميركي الأوروبي، ومهمة التصعيد الاعلامي الدولي ضد الحزب ، ومهمة شد العصب الداخلي للرأي العام الاسرائيلي، في حربه “الوجودية” ضد المحور الإيراني برمته.
كان يمكن للحزب الاحتفاظ ب”السر” كعنصر من عناصر المفاجأة، ولكنه اعتبر أن الردع بالكشف عن “عماد 4” أكثر حاجة بالنسبة له في هذه الظروف. ما يعني أنه يريد تجنب الحرب الشاملة مع اسرائيل بأي ثمن، وأنه يرفع من منسوب تجنب الحرب الإقليمية.
فهل يرتدع رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو؟ على الأرجح…لا، ومخاطر الردود والردود المقابلة والاغتيالات مستمرة. ومع ذلك، فلا حرب شاملة ولا حرب إقليمية حتى الآن، إذا ما أمكن للجميع السيطرة على الانزلاقات.