هكذا إنقلب العالم على فلسطين.. و«إنتصر» لإسرائيل!

علي الامين
كما جرت العادة، تمكنت إسرائيل، رغم إقترافها لأبشع جرائم، يندى لها الجبين، في تاريخ غزة وسواها، ان تمثل دور الضحية وتذرف "دموع التماسيح"، التي وصل "رذاذها" الى العالم، الذي كان شهد موجة تضامن مع فلسطين ضد إسرائيل في بداية الحرب على غزة، و الآن يستنفر ل"نصرتها"، من خطر الرد الإيراني "المزعوم" الذي يهول ويهول وينقلب العالم عليه من فرط "بهورة" إيران و"حزب الله"، وهو، لم وكأنه، لن يأتي.

انتقل المشهد من موجة عالمية، تحتج وتدين المجازر الاسرائيلية في قطاع غزة، الى مشهد دولي يتزاحم اطرافه لحماية اسرائيل من الخطر الايراني.
لا شك ان اسرائيل، استثمرت غربياً وعالمياً عملية “طوفان الأقصى” البطولية، التي قامت بها “حركة حماس”، مستفيدة من بعض ما ارتكبه عناصر من الحركة او سواها، وزادت عليها ما قام بها الجيش الاسرائيلي من إرتكابات قصداُ او خطأ، بقصفه جوياً سيارات كان فيها اسرائيليون، الى جانب قتلها خطأً عدداً من المحتفين في عيد الغفران.

لا شك ان اسرائيل استثمرت غربياً وعالمياً عملية “طوفان الأقصى” البطولية التي قامت بها “حركة حماس


لكن موجة التضامن الغربي مع اسرائيل، ما لبثت ان تراجعت، امام هول المجازر التي ترتكبها حكومة اسرائيل وجيشها، ضد المدنيين وتدمير المستشفيات والجامعات، وكل المؤسسات المدنية الفلسطينية، وشهد العالم الغربي اكبر التحركات الطلابية والشعبية، الرافضة للجرائم الاسرائيلية، وشهدت عدة جامعات اميركية مشاهد غير مسبوقة من الاحتجاج اعادت الى ذاكرة الاميركيين، الاحتجاجات، ضد حرب فيتنام في ستينيات القرن الماضي.

موجة التضامن الغربي مع اسرائيل ما لبثت ان تراجعت امام هول المجازر التي ترتكبها حكومة اسرائيل وجيشها


ولعل ما صدر عن محكمة الجنايات الدولية و”العدل الدولية” من قرارات، ابرزها مذكرة القاء القبض على بنيامين نتنياهو، اظهر طبيعة المناخ السياسي والشعبي الغربي، الذي لم يعد قادرا، على تغطية او تقبل ما تبرره اسرائيل، كرد على “طوفان الأقصى”.
بعد اغتيال القيادي العسكري في “حزب” الله فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية لبيروت، واسماعيل هنية في طهران، بدأت حملات التهويل والبروباغندا، من قبل اطراف المحور الايراني، وضجت محطات التلفزة وشبكات التواصل، بالسيناريوهات الخيالية للرد سواء من قبل ايران او اذرعها، بالتزامن او بشكل منفرد، وعن الصواريخ التي ستتساقط على اسرائيل، هذا الاستعراض الممانع، الذي تراكمت سيناريوهاته من اقتحام البر الى الدخول من البحر، الى التهديد بامكانية ضرب منشآت اقتصادية حيوية، كل ذلك وسواه كان هدية إعلامية لإسرائيل، لأن الصورة التي ارادت الممانعة تقديمها، هي الاستعداد لرد ساحق ماحق على اغتيال هنية وشكر، لكن ومن دون اي ترجمة عملية، فان هذا من شأنه ان يغري اسرائيل، بتضخيم الخطر الايراني وأذرعها امام العالم، وهي نجحت في خلق حالة تأييد وتضامن غربي واسع معها، من خلال الخطوات العملية العسكرية، التي قام بها الغرب لحماية أمن اسرائيل.
لا ايران ولا “حزب الله”، قادران على تحمل تداعيات اي رد عسكري نوعي على اسرائيل، لأن موازين القوى لا تسمح لهما بذلك، مع اسرائيل نفسها، فكيف مع الدعم الاميركي والغربي، وما يريدانه (ايران والحزب)، ليس اكثر من توفير ذخيرة للبروباغندا التي يعتمدانها في هذه الحرب.

لا ايران ولا “حزب الله” قادران على تحمل تداعيات اي رد عسكري نوعي على اسرائيل لأن موازين القوى لا تسمح لهما بذلك


المطلوب ذخائر اعلامية “خُلّبية”، تظهر ان ايران والحزب انتصرا، ولن يعجز الغرب عن تقديمه لهما، طالما ان كل هذا الضجيج الذي يُحدثه اطراف محور الممانعة، لم يوقف المجزرة في غزة، ولا الحدّ من القتل المستدام للفلسطينيين، فالبروباغندا كفيلة بأن تظهر لجمهور “حزب الله” انه في اوج انتصاره، وان ايران في قمّة نفوذها وتحديها للشيطان الكبير والأكبر.
عدم ردّ ايران، يبدو انه هو الرد العظيم المنشود على العدوان الاسرائيلي، اما اسرائيل فشديدة الامتنان لكل التهويل الممانع “الخُلّبي”، الذي يوفر المزيد من الدعم الغربي المادي والعسكري لها، والأهم التغطية على حرب الابادة، التي ترتكبها ضد الفلسطينيين، وفي غزة على وجه التحديد.

السابق
معلومات جديدة عن طبيعة الرد على اسرائيل.. وهذا ما تخشاه إيران!
التالي
رسالة نارية تصل من السنوار وكشف معلومات مثيرة عما يفعله تحت الأرض.. «أو فوقها»