«غزة الضحية» على «مذبح» الممانعة والمصالح الإيرانية!

علي الأمين
كما تُسقط "مقتلة غزة"، وجبهة الإسناد ، شعارات "حزب الله"، وابرزها "قوة الردع" وكذلك تكشف عناوين جديدة للنظام الإيراني ومحوره، تفضح تخاذله وتتجاوز تبنيه لقضية فلسطين كرمى لمصالحه ولو كان فوق دماء أبناء غزة.

كل السردية التي جرى ترويجها منذ العام ٢٠٠٠ (تحرير جنوب لبنان) عن “توازن الرعب” و”قوة الردع”، التي يوفرها سلاح “حزب الله”، سقطت تماما بعد الحرب الجارية بين الحزب واسرائيل، فاذا كان توازن الرعب لا يوفر الحماية والأمان للبنان عموما، ولأبناء المناطق الحدودية الجنوبية خصوصا، فما هو معنى هذا التوازن، وقوة الردع التي لم تنجح في حفظ السكان وارزاقهم وممتلكاتهم، فما معنى الردع، وكيف يترجم على أرض الجنوب، وفي قلب الضاحية الجنوبية وسواها.

اذا كان الرد الإيراني على الإهانة الكبرى، التي وجهتها اسرائيل لها، باغتيال اسماعيل هنية في قلب طهران، ومن بين احضان “الحرس الثوري”، هو الرد على العدوان الاسرائيلي ضمن “قواعد القانون الدولي”، كما عبرت اليوم الاثنين وزارة الخارجية الايرانية، فهذا يؤكد، ان المبدئية التي طالما نادت بها طهران في مواجهة اسرائيل، تتهاوى عند المصالح القومية للدولة الايرانية، بعد ان تهاوت ازاء كل الابادة التي قامت وتقوم بها دولة الاحتلال، تجاه غزة والضفة الغربية ولبنان، فايران “الايديولوجيا الدينية” و”فيلق القدس”، ومحاربة “الشيطان الأكبر.. والأصغر”، التي اعتمدت هذه الشعارات من اجل السيطرة، والتحكم بالعديد من الدول، ومن بينهم لبنان وفلسطين، اعتمدت ما كانت ترذله، اذا ما تحدث احد من الدول العربية او الحكومات، أوالمنظمات عن القانون الدولي ومجتمعه، فلم تعد هذه الايديولوجيا وشعاراتها، امام الاستحقاق الجدي للمواجهة بين إيران واسرائيل، قابلة للتطبيق او التداول، وكأنما ما يخص ايران، هو غير ما يخص غزة او لبنان.

المبدئية التي طالما نادت بها طهران في مواجهة اسرائيل، تتهاوى عند المصالح القومية للدولة الايرانية

ما يجري ليس اقل من فضيحة اخلاقية وسياسية، لمحور قادته ايران، طالما ضحى بشروط القانون الدولي، وعلاقة الدول فيما بينها، واستقرار المجتمعات على الهوية الوطنية والوحدة الداخلية، وقوض نظام المصالح الوطني، على اساس ان المقاومة ومحورها، تخوض معركة القضاء على اسرائيل، وعلى كل ما يوفر شروط بقائها.

المبدئية الايرانية لا تجد الذريعة لوقف مجزرة غزة واستباحتها من قبل الصهاينة

والمعضلة الأخلاقية الاهم امام “ايران المبدئية”، هي مقتلة غزة والابادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، ليست مساندة غزة الفعلية والمفيدة لها، تتم عبر المشاغلة عبر الحدود اللبنانية وعبر اليمن، بل في ترجمة ايران لكل الشعارات والايديولوجيا، التي بررت مثلا الانخراط في قتل عشرات الالاف من السوريين، دفاعا عن المقاومة وتحرير القدس، فيما المبدئية الايرانية لا تجد الذريعة لوقف مجزرة غزة واستباحتها من قبل الصهاينة، بهذا المعنى ثمة خلل اخلاقي ايراني تجاه القدس وفلسطين وشعبها، فلمن “فيلق القدس” اذا لم يكن لنصرة غزة اليوم؟

اما حسابات الربح والخسارة والمطالبة بالقرارات الدولية وتنفيذها، فهو على ما اخبرت الممانعة ومحورها، هو من شأن الضعفاء والعاجزين والمتخاذلين.

هل يُصدق ان حجم الاختراق الاسرائيلي الفاضح لدولة ايران، هو اختراق لدولة تستعد لخوض حرب مع اسرائيل، او انها معنية بمجابهة هذا الكيان فعلاً؟

صح الأمر او لم يصح، فكلاهما يكشف عن خلل كبير، في بلد يقدم نفسه، على انه قادر على تدمير اسرائيل وانهائها، فيما الوقائع تشير الى ان الدم الفلسطيني واللبناني وكل ما هو متصل بالدولة اللبنانية ومؤسساتها وشعبها، هو لا يرقى الى ان تقوم ايران المبدئية وحرسها الثوري، في الدفاع عنه، وتقويض آلة القتل والتدمير الاسرائيلية.

السابق
«الحزب» أمّن مشروعية الذهاب الى الحرب.. دولة مسلوبة والحكومة غائبة!
التالي
«العالم يمر بلحظة حرجة».. اميركا: سندافع عن اسرائيل!