انهيت قبل ايام قليلة، مناقشة رسالة الدكتوراة في جامعة القديس يوسف، في كلية العلوم الدينية حول العنف الديني التكفيري، ورغم ان هذه المناقشة اتت في ظروف صعبة وفي ظل التطورات التي يشهدها لبنان وفلسطين والمنطقة، فانني اردت تسليط الضوء على تجربتي في الجامعة خلال 18سنة من الدراسة والحياة المشتركة مع الاساتذة والزملاء والزميلات، والتي لم تقتصر على الجانب العلمي، بل كانت تجربة حياة وعيش مشترك، أمضيته في رحاب هذه الجامعة، وتعلمت فيها الكثير الكثير من الحقائق والمشاركة، مع زملاء وزميلات وأساتذة.
فخلال كل هذه السنوات، تعرفت على الكثير من رجال الدين والاكاديميين والطلاب، من كل الطوائف اللبنانية ومن لبنان ومن خارج لبنان، ولم تقتصر الدراسة على الجانب المعرفي والاكاديمي، بل شاركنا في رحلات الى مختلف المناطق اللبنانية وتعرفنا على المقامات الدينية ومختلف الجامعات، وذهبنا الى وادي قنوبين وتومات نيحا وطرابلس وجامعة البلمند، والى حوزات دينية.
والتقينا بكل رواد الحوار، حيث استمعنا الى تجاربهم الحوارية، والدروس من هذه التجارب.
وخرجت الكلية ومعهد الدراسات الاسلامية المسيحية، عددا كبيرا من رواد الحوار، وبعضهم تسلم مسؤوليات دينية كبيرة، ومنهم شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى.
وانتقل الكثير من طلاب وخريجي الجامعة، للعمل في مؤسسات حوارية، واسسوا هيئات وجمعيات حوارية.
ومن خلال هذه التجربة، وبعد بروز تنظيم “داعش” والتنظيمات المتطرفة، ومخاطر التعصب والتطرف الديني، ولانني شعرت بالمسؤولية الذاتية، لفهم هذه الظاهرة الخطيرة وكيفية التصدي لها، تابعت مسيرتها وأشتركت بعشرات المؤتمرات والندوات والمبادرات، للتصدي للعنف الديني، ولم يقتصر عملي على الجانب الاكاديمي فقط.
إقرأ أيضاً: سرقة في الحمرا.. ومرحبا دولة!
لقد كانت هذه التجربة تجربة رائعة ساهمت في زيادة وعيي وقناعاتي، بأهمية الحوار الاسلامي-المسيحي والسبب الأساسي في اختيار موضوع دراستي، وما قدمته من افكار وطروحات لمعالجة التطرف الديني.
كانت هذه التجربة تجربة رائعة ساهمت في زيادة وعيي وقناعاتي بأهمية الحوار الاسلامي-المسيحي
وطبعا اليوم وخلال مناقشة هذه الاطروحة، نعيش أيضا في أجواء ابادة انسانية وعدوان كبير على منطقتنا، قد يكون أشد خطورة مما جرى في السنوات الماضية، وهو ما يجري في فلسطين المحتلة بشكل عام، وفي قطاع غزة خصوصا، وتصل أصداؤه وتداعياته الى لبنان وكل المنطقة، وعلى امل ان نوفق لمواجهة هذا الخطر الكبير، من خلال وحدتنا الوطنية.
شكرا لرئيس جامعة القديس يوسف الاب الدكتور سليم دكاش، وشكرا لكل من تولى مهمات دراسية او ادارية، في معهد الدراسات الاسلامية المسيحية، وفي كلية العلوم الدينية، ومعهد الدكتوراة، وشكرا للمشرف على رسالة الدكتوراة الاب الدكتور عزيز حلاق، وللجنة المناقشة ولكل من حضر المناقشة، ولمن قدم لي الدعم العلمي والمعنوي والعملي، وشكرا لعائلتي الكبيرة والصغيرة، ولكل الاصدقاء والصديقات، الذين وجهوا التهاني والتبريكات لي، ولكل من وقف الى جانبي طيلة هذه السنوات.
وعلى امل ان استفيد من هذه التجربة، لخدمة الانسانية والمجتمع سواء في لبنان او العالم العربي والإسلامي.
وكل التحية لمن واجه التطرف الديني فكرا وعملا وجهادا، وخصوصا لمن قدم الدماء والتضحيات.